تابع العالم الأيام الماضية الانتخابات التشريعية الإيرانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة بترقب شديد نظرا للنتائج الهامة التى آلت إليها هذه الانتخابات، حيث صعد مجددا التيار الاصلاحى والمعتدل الذى يعرّف بنفسه أمام العالم ويصدّر إيمانه بالتعامل ونبذ المواجهة وكثيرا ما عارض سياسات المتشددين إلا فى الخطوط العامة أو السياسة الخارجية للنظام التى يحددها المرشد الأعلى لم يقدر التعليق عليها كالتدخلات الإيرانية فى شئون بعض الدول العربية.
وإن لم يفز الإصلاحيون، بأغلبية كاملة فى البرلمان الإيرانى المكون من 290 مقعدا، ويهيمن عليه منذ عام 2004 محافظون مناهضون للغرب فإنهم سيضمنون وجودا أكبر مما حققوه فى الانتخابات السابقة خاصة وأنهم حصدوا أعلى الأصوات وحصلوا على مقاعد العاصمة طهران بشكل كامل وعددها 30 مقعدا.
وفى مجلس خبراء القيادة المؤلف من 88 رجل دين ينتخبون لثمانية أعوام مكلف تعيين المرشد الأعلى، حصد "ثعلب السياسى الإيرانية" هاشمى رفسنجانى رئيس تشخيص مصلحة النظام أعلى الأصوات ويأتى روحانى فى المرتبة الثالثة، وقد يضطلع بدور حاسم فى ولايته المقبلة كون المرشد الحالى خامنئى بلغ 76.
صعود الإصلاحيين ووقوف وراء هذا التيار شخصيات بارزة مثل رفسنجانى وروحانى والرئيس الأسبق محمد خاتمى، وشخصيات معتدلة كالإصلاحى محمد عارف وعلى مطهرى، آثار عدة تساؤلات فى المنطقة لاسيما العربية حيث الجوار الإيرانى حول تأثير تلك النتائج على السياسة الخارجية الإيرانية، أو تعاملها مع العالم الخارجى لاسيما العربى والمواجهة مع الخليج وتدخلاتها فى شئون جيرانها.
الرأى العام فى إيران ومؤيدو روحانى يعتبر أن الدور الإيرانى مهم جدا فى حسم الصراعات التى تشهدها المنطقة، والتى وصلت إلى ذروتها بين إيران وجيرانها العرب، فى تصاعد لحالة من الطائفية التى تموج بها المنطقة، وهم يرون أن برلمانا يملك عددا أكبر من الإصلاحيين سيدعم توجهات روحانى فى مزيد من الانفتاح على الدول المجاورة، وتهدئة التوتر الذى يسود المنطقة.
لكن هذه الرؤية تصطدم بشكل كبير بالخطوط العامة للنظام، ومن يمتلك مفتاح تحديد السياسة الخارجية فى إيران هو المرشد الأعلى آية الله على خامنئى وليس الرئيس أو النواب بمختلف توجهاتهم، فالتاريخ يشير إلى أن تعاقب الرؤساء على إيران بين اصلاحى ومعتدل ومتشدد لم يتمكن أحدهم من معارضة السياسة الخارجية للمرشد، فمنصب الرئيس هو سلطة تنفيذية فى إيران.
التيار المعتدل سيظل محافظا على استراتيجية لعب دور اقليمى
وعلق السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، "لـ "انفراد"" قائلا: إن سياستها مرتبطة بدورها فى المنطقة وليست بانتخاب تيار معين فى الداخل، مشيرا إلى أن هناك استراتيجية عامة لهذا البلد بدأت منذ انتهاء حربها مع العراق، وهى أن تقوّى نفسها عسكريا مهما فرض عليها من حصار، وتدعم دورها الإقليمى، لذلك أصبح مسيطرة بالعراق. وأكد على أن التيار المعتدل فى إيران سيظل محافظ على هذا الامتداد.
وأضاف عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أن الإصلاحيين يؤمنون بالانفتاح على الغرب والتعاون وكان واضح من زيارة روحانى لإيطاليا وفرنسا وتوقيعه عدة بروتكولات للتعاون، وتابع أن التيار الاصلاحى أثبت أن سياسته هى الأجدى من الرئيس السابق نجاد وهو كان من أشد المتطرفين فى التيار المحافظ.
وقال أن تأييد إيران لبشار الأسد جاء بطلب من النظام السورى مثل روسيا أيضا، مستبعدا أن يتغير ذلك فيما بعد. مشيرا إلى أن إيران تسيطر على الضفة الشرقية للخليج.
وأكد على الحوار العربى الايرانى والتعاون بينها وبين المملكة العربية السعودية لإنهاء أزمات المنطقة.
?
خبير إيرانى: تيار الاصلاحات سيتجه نحو التعامل وتهدئة المنطقة
من جانبه قال المحلل السياسى الإيرانى رضا حجت شمامى "لـ "انفراد""، بشأن سياسة التيار الاصلاحى الخارجية، أن تيار الاصلاحات والاعتدال يسلك فى السياسة الخارجية طريق "التعامل"، ويرغب فى علاقات جيدة مع الدول المختلفة، وهى سياسة دائمة انتهجها هذا التيار. مشيرا إلى أن الرئيس الاصلاحى الأسبق محمد خاتمى طرح حوار الحضارات بدلا من نظرية صدان الحضارات فى الأمم المتحدة.
وأشار شمامى إلى أن هناك فى المنطقة عدة دول هامة ومؤثرة سياسيا واقتصاديا، وتمتلك تأثيرا كبيرا فى التوجهات الاقليمية. مثل تركيا ومصر والسعودية وقطر بشكل محدود، لذا تسعى إيران للتعامل معهم، ويبدو أنها حددت أولويتها المقبلة لتطبيع العلاقات معهم.
أما عن الخلاف بين إيران وإسرائيل قال شمامى أن حكومة الاعتدال والتيار الإصلاحى قلما يتدخل فى هذا الخلاف على عكس من حكومة نجاد (المتشدد) الذى كان يضع نفسه دائما فى مواجهة إسرائيل من خلال تصريحاته.
وأكد شمامى على أن تيار الإصلاحات والاعتدال فى إيران سيتجه نحو التعامل وتهدئة المنطقة فى المستقبل، مضيفا لو استطاعت أن ينجح فى هذه السياسة سيجعل خطوته القادمة تتجه نحو مصر، فهذا البلد يتمتع باحترام وقدر كبير فى العالم العربى وإيران تدرك هذه المسألة.
?وتوقع شمامى أن تشهد المنطقة خلال السنوات المقبلة تعامل بشكل أكبر مع إيران.
وحول الانتخابات فى بلاده قال شمامى أن البرلمان ومجلس الخبراء يسير نحو نزعة الاعتدال والاصلاحات، واستطاعت حكومة الاعتدال والاصلاحات أن تحصل على كل مقاعد طهران. كما تمكن رفسنجانى الذى كان المنتقد الدائم لسياسات السنوات الماضية من اكتساح ونجح نجاحا ساحقا فى مجلس الخبراء.
مضيفا أن مجلس الخبراء أصبح يضم بشكل كبير الخطوط المعتدلة والإصلاحية معا كما هو الحال فى البرلمان أيضا. رغم أن القرى بخلاف العاصمة طهران اختارت الأصوليين بشكل نسبى لكن أن العاصمة طهران التى استحوز فيها الاصلاحيين على كل مقاعدها بالبرلمان تبقى الأهم.