بعد مرور ما يقارب 5 سنوات من الحرب والدمار فى سوريا، تتجه سوريا إلى منعطف تاريخى جديد وتسمية جديدة، وهى دولة "الاتحاد السورى"، وتحويل سوريا إلى كيان فيدرالى أو عدد من الجمهوريات المستقلة على أساس فيدرالى مثل تحويل المدن لدول كدولة دمشق، ودولة حلب، ودولة جبل العلويين.
التاريخ يعيد نفسه
نرى أن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى عندما قامت فرنسا بتحويل سوريا إلى "الاتحاد السورى"، هو الكيان الذى نشأ فى كنف الانتداب الفرنسى على سوريا، بموجب إعلان 28 يونيو 1922 أواخر عهد الجنرال هنرى جورو، وشكل المجلس الاتحادى المختار من قبل جورو هيئته العليا التى انتخبت رئيس الاتحاد صبحى بركات.
يعتبر الاتحاد الصيغة الفيدرالية الوحيدة التى تمت فى تاريخ سوريا الحديث، وقد استحدثها "جورو" تحت ضغط المعارضين السوريين المعروفين باسم "الوطنيين" بعد أن كانت قد صدرت مراسيم التقسيم، عن "جورو" نفسه عام 1920، بعد سقوط المملكة السورية العربية.
واليوم جاءت روسيا لتوافق على حل تقسيم سوريا، وهو المخطط الذى تسعى إليه أمريكا منذ البداية، وهى الخطة "ب" التى أعلنت عنها منذ أيام، وقال نائب وزير الخارجية الروسى سيرجى ريابكوف، الاثنين 29 فبراير، أن روسيا ترى إمكانية اتفاق المشاركين فى المحادثات السورية على إنشاء جمهورية فيدرالية، فى حال رضيت جميع الأطراف السورية بهذا النموذج.
وأضاف، "ريابكوف" خلال مؤتمر صحفى عقد فى وكالة "روسيا سيفودنيا": "لا أستطيع تقييم فرص إقامة دولة فيدرالية فى سوريا، لأن عملية تحديد معالم سوريا المستقبلية لم تبدأ بعد".
وأشار إلى أنه فى حال أدت المحادثات والمشاورات ومناقشة مستقبل سوريا، التى نأمل أن يستأنفها السيد دى ميستورا فى القريب العاجل، وإن رأى المشاركون أن هذا النموذج هو الأنسب بالنسبة لهم للحفاظ على سوريا دولة موحدة وعلمانية ومستقلة وذات سيادة، فمن سيتمكن معارضة ذلك؟ وفى حال اعتماد نموذج آخر فلن تكون تلك قضيتنا، شرط ألا يكون مفروضا من على بعد آلاف الكيلومترات من سوريا، وفى حال التوصل إليه عن طريق المحادثات.
التصريحات الروسية تأتى بعد 3 أيام من تطبيق الهدنة
وتأتى التصريحات الروسية بعد 3 أيام من تطبيق الهدنة "الهشة" فى البلاد، بعد 5 سنوات من حرب ضروس أتت على الأخضر واليابس فى سوريا، فى ظل تمسك بشار الأسد بالحكم ومساندة روسيا وإيران وحزب الله لموقفه، وبين معارض لاستمرار الأسد فى حكم البلاد، والتهديد باستخدام القوة إذا لزم الأمر لإثنائه عن موقفه وإبعاده عن الحكم، ومن رأس تلك الدول الولايات المتحدة والدول الغربية والسعودية ودول الخليج.
مخطط الشرق الأوسط الكبير
وتؤكد تصريحات نائب وزير الخارجية الروسى حول فيدرالية سوريا، بداية لتشكيل سوريا جديدة، تتكون من 3 دول، واحدة للشيعة وأخرى للأكراد، وثالثة للسنة، وفقًا لمخطط الشرق الأوسط الكبير التى نادت به الولايات المتحدة عقب غزوها للعراق فى العام 2003، حيث تسعى إلى تقسم دول الشرق الأوسط إلى كانتونات طائفية وعرقية دينية ومذهبية.
ووفقا للمسئول الروسى يعد تقسيم سوريا إلى 3 دول، بمثابة نهاية "سايكس بيكو 1"، وبداية لـ"سايكس بيكو2"، فزبيجنيو بريجنسكى مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق قد صرح فى العام 1991 بضرورة تصحيح حدود "سايكس بيكو"، وبالفعل بدأت مظاهر تغيير هذه الحدود تتشكل بعد الثورات العربية فى 2011، وبدأت من سوريا.
الأسد لم يستبعد فكرة النظام الاتحادى
وفى مقابلة فى سبتمبر الماضى، لم يستبعد الرئيس السورى بشار الأسد فكرة النظام الاتحادى ، لكنه قال أن أى تغيير يجب أن يكون نتيجة لحوار بين السوريين واستفتاء لإدخال التعديلات اللازمة على الدستور. وقال ريابكوف أن موسكو لن تعترض أيضا على "أى نموذج آخر لسوريا شريطة ألا يكون من إملاء شخص على بعد ألف كيلومتر من سوريا."
وتسعى العديد من الطوائف فى سوريا للحصول على حكم ذاتى فى البلاد وعلى رأسهم الاكراد الذين يتمركزن شمال سوريا وهو ما يشكل خطرا على مستقبل البلاد التى تسير على خطى العراق من خلال تشكيل كيان مستقل للأكراد شمال البلاد، إضافة للطائفة العلوية التى ترفض العناصر السنية التى تدعو لتسلم مقاليد الحكم فى سوريا بذريعة تشكيلها الأغلبية فى البلاد.
أخطر مبادرة طرحت فى الآونة الأخيرة
ويعد النموذج الفيدرالى المطروح لتقسيم سوريا أخطر مبادرة طرحت فى الآونة الأخيرة فى المنقطة، فالطرح يعزز فكرة الفيدرالية فى ليبيا أيضا وهى ما يدعو إليها أنصار إبراهيم الجضران المسيطر على مدينة إجدابيا وتقوم عناصر تابعة له بحراسة المنشآت النفطية بالمدينة، إضافة للسيناريو الذى تم طرحه من قبل أطراف يمنية مسئولة من إمكانية تقسيم البلاد، ففى حال تطبيق نموذج الفيدرالية فى سوريا فهو إشارة البدء لتطبيق النموذج فى باقى الدول.