على الرغم من أن حفل توزيع جوائز الأوسكار يكون ليلة للفن، والحديث عن السينما والفنانين والإبداع يكون البطل فى هذا المشهد، إلا أن عددًا من الفنانين استغلوا هذا الحدث الذى يسلط عليه الإعلام الضوء فى جميع أنحاء العالم من أجل تسليط الضوء على قضايا أخرى لا علاقة لها بالفن.
عدد من القضايا الإنسانية والبيئية والاجتماعية تمت إثارتها على هامش هذا الحدث الفنى، إما من خلال فنانين استغلوا خطاباتهم أثناء تسلم الجائزة لطرح هذه القضايا التى يؤمنون بها بقوة، وإما من خلال أعمال أحدثت تأثيرًا اجتماعيًا قويًا وانتصارًا لقضاياها لفوزها بالأوسكار.
ليوناردو دى كابريو يحذر من تغير المناخ.. أخطر تهديد يواجه البشرية
بعد 6 محاولات غير موفقة نال النجم "ليوناردو دى كابريو" أخيرًا جائزة الأوسكار، وفى موقف مثل هذا ربما توقع الجميع أن يتحدث عن الجائزة وما يعنيه له فوزه بها أخيرًا، أو الفيلم الذى قاده إلى الأوسكار أو عن الفن والسينما وجائزة الأوسكار بشكل عام، ولكنه فى خطابه بعد استلام الجائزة فضل أن يتحدث عن قضية تغير المناخ ويلفت الأنظار إليها، ويقول إنه "التهديد الأكثر إلحاحًا الذى يواجه الجنس البشرى بأكمله"، مشددًا على ضرورة "العمل بشكل جماعى معًا والتوقف عن المماطلة"، ولفت كذلك إلى أهمية "دعم القادة الذين يهتمون بالإنسانية ويتحدثون من أجلها ومن أجل الأطفال والمدنيين فى كل العالم الذين ضعفت أصواتهم نتيجة لجشع وأنانية بعض السياسيين من حولهم".
"ليدى جاجا".. وقفة من أجل دعم الناجين من العنف الجنسى
أثناء أداء المغنية الأمريكية "ليدى جاجا" الرائع لأغنية "Till It Happens to You" (حتى يحدث هذا لك) على خشبة مسرح دولبي، صعد إلى المسرح 50 شخصًا من الرجال والنساء والتفوا حولها، بأيدى متشابكة رفعوها إلى الأعلى لتظهر الرسائل المكتوبة بالحبر الأسود بامتداد الذراع، والتى تضمنت "غير قابل للكسر" "ناجى" "إنه ليس خطأك".
وكشفت "ليدى جاجا" عن أن كل هؤلاء الرجال والنساء الناجيات من العنف الجنسى دعيوا للانضمام إلى "جاجا" على المسرح على خلفية أغنيتها المرشحة للأوسكار للفيلم الوثائقى "The Hunting Ground".
وقالت جولى سموليناسكى المنتجة المنفذة للفيلم إن هذه اللفتة من "ليدى جاجا" "شجاعة جدًا وقوية، فلا يوجد الكثير من الشخصيات العامة والممثلات والأشخاص فى دائرة الضوء يكونوا صادقين جدًا ومنفتحين حول تجربتهم الشخصية المؤلمة"، فى إشارة إلى تعرض "جاجا" نفسها للاغتصاب قبل سنوات، وإعلانها ذلك قبل أسابيع من الحفل من خلال حديث مفتوح حول تجربتها ودور شريكها فى مساعدتها على تخطى هذه الأزمة، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
"جينى بيافان".. لماذا نجعل الحياة جحيمًا للآخر؟
على الرغم من أن كلمتها على خشبة المسرح تحدثت فيها عن البيئة وتغير المناخ أيضًا إلا أن المصممة الإنجليزية "جينى بيافان" الحائزة على أوسكار أفضل مصمم أزياء لعام 2016 عن فيلم "Mad Max: Fury Road" سلطت الضوء بحضورها على قضية اجتماعية مختلفة تمامًا ربما لا تقل أهمية عن العنف الجنسى.
الإطلالة المختلفة لـ"جينى" بسترة جلدية بسيطة و"سكارف" ملون أنيق وبسيط أيضًا على خشبة المسرح كانت درسًا للكثيرين
الدرس الأول كان فى تعليقها على أسئلة الصحفيين حول إطلالتها البسيطة والسر ورائها، والذى ردت عليها بأن أسبابًا صحية تحرمها من ارتداء فساتين ثقيلة وكعبٍ عالٍ وأنها فى النهاية تفضل أن تشعر بالراحة على أن ترتدى فستانًا جميلاً لكنها تبدو بائسة به.
الدرس الثانى كان فى حديثها الجاد المقتضب جدًا حول الهجوم الذى تعرضت له على تويتر بعد ظهورها بإطلالة مشابهة فى حفل توزيع جوائز "البافتا" الذى ارتدت فيه أيضًا سترة جلدية بسيطة ووشاح ذهبى، حيث قالت فى غرفة الصحافة: "أريد فقط أن أشدد على أهمية أن نكون أكثر لطفًا مع بعضنا البعض"، لتطرح سؤالاً بطريقة غير مباشرة مفاده "لماذا نجتهد من أجل تحويل حياة الآخرين إلى جحيم؟".
قضية ثالثة لفتت إليها تعليقات المتابعين على "السوشيال ميديا" حيث كتبوا "ردود الفعل على إطلالة "جينى" فى حفل توزيع جوائز الأوسكار هى عبارة عن جرعة كبيرة من الكراهية لكل ما هو غير مألوف إلى جانب تحيز جنسى واضح وتمييز ضد كبار السن".
جرائم الشرف.. قضية يفرضها "ثمن الغفران" على الأوسكار
القضية الأخيرة التى أثيرت على هامش حفل "الأوسكار" لهذا العام هى "جرائم الشرف" ضد نساء باكستان، والتى أثيرت مجددًا بعد فوز فيلم "فتاة فى النهر.. ثمن الغفران" الباكستانى بجائزة الأوسكار كأفضل فيلم وثائقى قصير لعام 2016.
وحسب صحيفة "التليجراف" البريطانية فإن مخرجة الفيلم حصلت على وعد من مسئولى باكستان بالعمل على الحد بشكل قانونى ما يعرف باسم "جرائم الشرف" فى البلاد.
خطابات الأوسكار.. تاريخ من القضايا الإنسانية يساندها الفن
هذه القضايا التى أثيرت على هامش حفل الأوسكار هذا العام لم تكن الأولى فى تاريخ حفل الجائزة، ففى عام 2002 طرحت النجمة "هالى بيري" قضية العنصرية بكلمة مؤثرة لها كأول امرأة أمريكية من أصول أفريقية تفوز بالجائزة.
أما "مايكل مور" الذى فاز بالجائزة عام 2003 عن الفيلم الوثائقى "Bowling For Columbine" فاستغل خطبته للتعبير عن رفضه للحرب ضد العراق.
أما حفل الأوسكار فى عام 2015 فقد وصفته الصحف الغربية بأن "خطاباته كانت محملة بالقضايا السياسية"، فقد تناول "شون بين" فى خطبته قضية قوانين الهجرة الأمريكية الجديدة، وطرحت "لورا بويتراس" قضية المواطنة والديمقراطية، أما "ميريل ستريب" فتحدثت عن المساواة فى الأجور بين الرجال والنساء.
وعلى الصعيد الاجتماعى تناولت "جوليان مور" قضية الزهايمر أما "جراهام مور" الفائز بأوسكار أفضل سيناريو فتحدث عن الانتحار.