- قررت اكتشاف الجانب الخفى فى شباب الجيل الحالى بعيدا عن حاجز "السوشيال ميديا"
- أكتب شهادتى عن التليفزيون فى كتاب "أيامى فى ماسبيرو" بطريقة كوميدية
- معايير المهنة اختلفت "والكل عايز يقول البوقين" وبعض المذيعيين يفكرون بمنطق "هجيب كام إعلان"
- تنبأت فى عام 2000 بأن الإعلان سيطغى على الإعلام وهو ما حدث
- محظوظة بتعاونى مع أكبر المخرجين فى السينما.. ومحمود مرسى كان يقول لى أنتى "أجمل عيون فى مصر"
اسمها مرادف للرقة والملامح البريئة، إنها نجوى إبراهيم، صاحبة الوجه الذى لا يتكرر، وواحدة من الرائدات فى التليفزيون المصرى، ليس فقط للطفرة التى حققتها فى برامج الأطفال، حيث صارت شخصيتا ماما نجوى وبُقلظ محفورتين فى وجدان أجيال كاملة، لأنها، ببساطة، كانت تسبق عصرها فى التفكير ونوعية البرامج والشكل الذى تظهر عليه. صاحبة الابتسامة الرقيقة والمختلفة كمذيعة فى التليفزيون عام 1965، قدمت مجموعة من البرامج التليفزيونية منها «6/6»، وبرنامج «صباح الخير يا مصر» الذى كانت تطل به علينا صباح كل يوم، نستقبل الصباح بصوتها وموضوعاتها وأفكارها التى تطرحها، وترصد من خلال برنامجها أحداث اليوم ببدايته، وقدمت أيضا برنامجى «اخترنا لك، وفكر ثوانى واكسب دقايق» اللذين استمرا ونالا نجاحا لأكثر من خمس سنوات متتالية، واستمرت فى عملها كإعلامية تعشق مهنتها وتقدم كل ما هو جديد حتى حصلت على لقب المذيعة التليفزيونية الأولى فى العالم العربى عام 1995م، ثم تولت رئاسة قناة النيل للأسرة والطفل التى تركتها لتتفرغ لتقديم البرامج التليفزيونية على المحطات الفضائية.
استضافت «انفراد» ماما نجوى صاحبة التاريخ الطويل فى الإعلام والسينما، فى ندوة أشبه بمحاضرة إعلامية أخذتنا من خلالها فى رحلة إلى زمن ماسبيرو الجميل وعراقة مبنى التليفزيون، وأطلعتنا فيها على أصول ومبادئ العمل الإعلامى التى أكدت أنها غابت عنا حاليا.. وكشفت خلال الندوة عن كواليس تصوير أهم أعمالها وذكرياتها مع عمالقة الفن، وفى النهاية أعطتنا روشتة لعودة الروح من جديد للتليفزيون المصرى.
فى البداية.. يريد جمهورك معرفة سبب ابتعادك فترة طويلة عن الشاشة قبل تقديمك برنامج «بيت العائلة»؟
- هناك أجواء معينة لا أستطيع العمل فيها، وخلال الفترة التى جلست فيها فى منزلى، وابتعدت عن الشاشة، كنت أقيّم المشهد الإعلامى الذى يشبه سباق الخيل التى تجرى وتتسبب فى حالة من الغبار والأتربة، وهو جو غير مناسب للعمل فيه، فلابد من وجود أجواء هادئة لكى أعمل بها، كما أننى فى هذه الفترة كنت أرى أن المشهد أمامى كان فى «الإنعاش» وهو ما كان يتطلب أطباء متخصصين، أو بالمعنى الإعلامى، مذيعين مهنيين، وليس إعلاميين من كل شكل ولون، وهو ما نفتقده حاليا، وحماسى للعودة من جديد كان بسبب العرض «المحترم» الذى قُدّم لى ووافقت شركة ليو ميديا المنتجة لبرنامج «بيت العائلة» على المحتوى الذى أريد تقديمه، إضافة لعرض البرنامج على قناة لها وزنها وأهميتها مثل «النهار».
نجح برنامج «بيت العائلة» فى لم الأسرة من جديد حول الشاشة، فكيف فعلتِ ذلك؟
- وضعت فى البداية خطة للسير عليها فى البرنامج، وحرصت على إعادة مصطلحات أصبحت غائبة عنا حاليا، ومنها «اللمة» و«الحب»، وعندما أخرج لفاصل أوجه رسالة للجمهور، حيث أقول لهم «هنخرج لفاصل وعايزاكم تحضنوا بعض»، فأنا أشعر بالحزن لما يحدث حاليا فى المجتمع من الصوت العالى والشتيمة، التى جاءت عن طريق «السوشيال ميديا»، لذلك قررت من خلال «بيت العائلة» أن أكتشف الجانب الخفى فى شباب الجيل الحالى، فهم المستقبل وأثق بهم تماما، ولكن لابد من كسر الحاجز الذى بيننا وبينهم، وهذا ما أفعله، وأدرك تماما أننى أتعامل مع جيل بعيد عن شباب «التسعينيات» الذين يعرفون ماما نجوى، وأعتبر هذا تحديا كبيرا بالنسبة لى، وبالمناسبة أنا بعيدة كل البعد عن مواقع التواصل الاجتماعى ولا أملك أى حساب على النت، ولكنى أستعمله فقط للتثقيف والمعرفة.
إذن هل تعتقدين أن هناك تغيرات طرأت على الشخصية المصرية؟
- أكيد.. وأنا أرى أن الشخصية المصرية مظلومة، فالمصرى أصبح عصبيا ومريضا، بسبب الرصاص والتلوث، وأيضا الصوت العالى، والعشوائية.
لماذا يظهر دائما النجوم والمشاهير فى برنامج «بيت العائلة» بشكل مختلف؟
- «عشان بطلع منهم الحاجة الحلوة»، فمثلاً فى حلقة سامح حسين وزوجته اكتشفت فيه الجانب الرومانسى، واعترف بحبه لزوجته أمام الجمهور، وعندما استضفت المحامى سامح عاشور لأول مرة يظهر معه أحفاده الذين أضفوا جوًّا من المرح والطفولة فى الاستوديو، وهذا ما أعتدت عليه، أن أخرج كل ما هو جميل من الضيف.
بصفتك واحدة من رائدات التليفزيون المصرى.. حدثينا عن الفرق بين ماسبيرو «زمان» وحاليا؟
- حينما دخلت التليفزيون المصرى فى السبعينيات، وجدت انضباطا وكأننا فى الجيش، لذلك فأنا دائما أقول إننى تربيت فى الجيش ومر المبنى بمجموعة من المراحل، وهذا ما أرصده حاليا فى كتاب «أيامى فى ماسبيرو»، ولكننى قررت أن تكون طريقة السرد كوميدية وهو أقرب تعبير لما يحدث فى ماسبيرو، وحاليًا أتساءل: كيف تخرج برامج التليفزيون حاليا بهذا الديكور وبهذا الشكل، أو الصورة، والضيف الذى لابد أن «أنتقيه» بعناية؟ ولكن الوضع الآن اختلف، فما أريد قوله هو أن فى الثمانينيات والتسعينيات كانت هناك «إدارة» واحترام، فمثلا لم أكن أستطيع الجلوس، إلا إذا سمحت لى همت مصطفى أو ليلى رستم، فنصف الإدارة هو العمل بـ«روح الفريق»، والنصف الآخر هو التخصص، كما أننى لا أحب «الواسطة»، فأنا شخص «طلع عينى علشان أتعلم وأتدرب وأسافر وأحصل على الماجستير» فكيف يأتى شخص ويجلس على مكتبى لمجرد أن معه «كارت».
وأهم شىء تعلمته من أساتذتى فى التليفزيون «أننا لازم نحب الشغل»، ولابد أن يكون هناك حب متبادل بينى وبين الكاميرا، فالحديد يشعر بمن يمسكه فيتكلم، وهذا تعبير مجازى حقيقى لا يحمل مبالغة، الحب موجود فى كل شىء، وهو ما ظهر فى جيلى، أما الآن فالوضع مختلف، و«الكل عايز يقول البوقين»، فالمذيع لابد أن يكون لديه رصيد عند الناس، ودائما ما أقول إن الشغل مثل «الجواز»، يبدأ بحب، وتليه الرسميات، ولكن بعض المذيعين يدخلون بشكل مباشر، وفى نفس الوقت هناك بعض المذيعين الواعدين، فمؤخرا شاهدت عمرو راضى على قناة النهار حيث إنه نجح فى أن «يرمى بذوره» للناس، وأعتقد أنه سيخرج للجمهور أشياء جيدة، وأرسلت له رسالة بهذا الكلام.
ومن وجهة نظرك ما السبب وراء اختلاف معايير المهنة؟
- معايير المهنة اختلفت، لاعتمادها على الشكل وخفة الظل، وأن يمتلك المذيع النكات، والكثير منهم يفكر صباح كل يوم وهو يتجه لعمله بمنطق «يا ترى هجيب كام إعلان»، وفى البحث الذى أجريه حاليا «الإعلام والإعلان وجهان لعملة واحدة» تنبأت فى عام 2000، بأن الإعلان سيطغى على الإعلام، وسيتحول الأمر من إعلامى إلى إعلانى، فالتليفزيون المصرى ليس قطاعا خاصا، والدولة يجب أن «تصرف» عليه، فالقطاع الخاص بدأ بقناتى تليفزيون، أما الآن فوصلت لـ2000 محطة فضائية.
والخطر الأكبر أن الإعلانات حاليا تدير البيوت من الداخل، فأحد الإعلانات تقول فيه أم لابنها «أنت صحيت يا موكوس»، «أنت يا نيلة النيلة»، فكيف أسمع أمًّا تقول لابنها ذلك الكلام؟ بل إن الأمر وصل لسب الابن لأبيه، وأب يسرق الشيكولاتة من ابنه، وأعتقد أنه لابد من وجود هيئة للرقابة على الإعلانان كما هو الحال فى الأعمال الفنية، وهناك موضة غريبة ظهرت من 15 عاما، وهى أن ينادى الابن لوالده أو لوالدته بأسمائهما، وانقرضت بابا وماما، وللأسف هذه الموضة وصلت للتليفزيون والإذاعة فيقال حاليا «السيسى» فقط، دون أن يقال «السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى»، ومن هنا جاءت فكرة «تشرفنا» لتكون «سلوجن» برنامج «بيت العائلة» محاولة لإعادة المصطلحات المحترمة التى غابت عن حياتنا.
هل تتابعين قنوات التليفزيون؟
- لا أتابع سوى قناة «روتانا كلاسيك»، التى أعتبرها «مسكنات» لأنى أرى من خلالها مصر زمان.
أجيال كثيرة تربت على برامج أطفال التليفزيون وشخصية «بقلظ».. لكن الآن أصبحنا نستورد أفلام الكارتون ما تفسيرك؟
- «عشان فكرتنا عن الطفل اتغيرت».. وأصبحت الأم تفتخر بأن ابنها الذى لا يتعدى عمره الـ4 سنوات بارع فى الدخول على النت من خلال الموبايل، وأصبحت الأم تشاهد مسلسلات وأعمالا بها تفاصيل لا يصلح أن يشاهدها الأطفال دون مراعاة وجودهم معنا، من وجهة نظرى الطفل هو الطفل فى كل زمان ومكان ومن حوله هم المسؤولون عما يتم زرعه فى الطفل، وفوجئت بإحدى الأمهات التى طلبت منى أن يظهر ابنها معى فى إحدى حلقات برنامج «بيت العائلة»، وقالت لى: «ده ابنى فظيع وبيرقص بالمطواة»!!، ومن وجهة نظرى «بقلظ» لن يتكرر، ويكفى أن هناك من يقابلنى حتى الآن ويقول لى أنا اتربيت على «بقلظ».
يعتبر «فكر ثوانى واكسب دقايق» أول ظهور لبرامج المسابقات ونزول الكاميرا للشارع.. حدثينا عن أطرف المواقف التى تعرضت لها أثناء التصوير؟
- عندما قررت النزول للشارع كنت أعلم أننى سأواجه صعوبات، ولكنى كنت مصرة على ذلك، وأتذكر عندما قمت بعمل حوار من «فوق» القطار.. ولكن من أطرف الأمنيات التى طلبت منى أثناء تسجيل لقاء مع أحد الرجال البسطاء الذى قال لى «عايز أقابل حسنى مبارك وأسلم عليه»، وكانت أول مرة أقول stop وقلت له «حرام عليك اطلب طلب أقدر أعمله».. وبعدما عدت للمنزل لم أستطع نسيان أن هناك أحدا طلب منى أمنية لم أستطع تنفيذها، واتصلت بمكتب الرئاسة وقتها، وعرضت الأمر على مدير مكتب الرئيس الذى بدوره عرض الأمر على مبارك، ووافق على مقابلة هذا الرجل البسيط وحدد موعدا فى قصر الرئاسة الواحدة ظهر اليوم التالى، ونزلت من الفجر لأبحث عن الرجل الذى سجلت معه فى الشارع وليس لدى أى معلومات عنه، وعندما سألت فى المكان الذى سجلت فيه معه علمت أنه بواب لإحدى المدارس، وبالفعل وجدته وذهبت معه لقصر الرئاسة وسجلنا حلقة وقام الرئيس مبارك بتقديم مكافأة مالية له ومعاش شهرى.
حدثينا عن كواليس تعاونك مع كبار الفنانين والمخرجين فى السينما التى حققت فيها نجاحا أيضا؟
- أعتبر نفسى محظوظة لأنى تعاونت فى بداياتى مع عمالقة فى الإخراج والتمثيل أيضا، ومازلت أتذكر كواليس تصوير هذه الأعمال ومنها فيلم «فجر الإسلام» أمام الراحل محمود مرسى الذى كان دائما يقول عنى «أجمل عيون فى مصر»، وأتذكر أنه صفعنى «قلم» ظل أثره معى لمدة 3 أيام.
وقبلها كنت شاركت فى فيلم «الأرض» مع محمود المليجى، الذى كان شديد البساطة، وقبل تصوير أى مشهد كان يجلس تحت الشجرة، يهزر ويضحك، وكان مشهد خروجه من السجن بعدما حلق شاربه من أكثر المشاهد تأثرا، وحينما بدأ المشهد وجدت الدموع فى عينيه، فاندهشت وقلت «ده كان لسه قاعد بيهزر معايا» وخرجت عن النص، فوجدت يوسف شاهين يصرخ «stop».
وما الاختلافات التى وجدتِها فى المخرجين الذين تعاونتِ معهم؟
- يوسف شاهين كان عصبيا، ولكنه كان يصرخ دائما فى التصوير، لأنه لديه غرام بالعمق، فإحدى المرات مرت سحابة أثناء تصوير فيلم الأرض، فأخذ يصرخ وانفعل، وظل يعد الوقت حتى تمر فيه السحابة ليستكمل التصوير، أما صلاح أبوسيف فى فيلم «فجر الإسلام» فكان التعامل مختلفا، فوجدت شخصا هادئا، ومن المواقف التى لم أنْسَها أثناء تصوير فيلم «العذاب فوق شفاه تبتسم» مع المخرج الكبير حسن الإمام فى أول يوم تصوير وجدته يشتم كثيرا فى موقع التصوير، فدخلت غرفتى خوفا منه، وطلبت الأستاذ رمسيس نجيب، حتى جاء وأبلغته أن الأستاذ حسن يشتم كثيرا، ومن وقتها أطلق على حسن الإمام لقب «بوليس الأداب».
وما هو أول أجر تقاضيتِه فى السينما؟
- أول أجر كان 1800، وكان أكبر من أجر الفنان عمر الشريف وقتها، حيث كان يتقاضى 1200، وأتذكر وقتها أننى قمت بشراء مستلزمات للمنزل.
فى نقاط سريعة ما هى الروشتة التى تضعها «ماما نجوى» لإنقاذ ماسبيرو؟
- أول شىء وأهم شىء أقول للتليفزيون المصرى: «رجع ولادك وما تقولش أصلهم كبروا»، وأن يحاول المسؤولون استقطاب أبناء التليفزيون الذين لولاهم ما كانت القنوات الفضائية، الذين كانوا أدوات التليفزيون المصرى من مخرجين وفنيين، ولا أقصد هنا الإعلاميين فقط.