قال الرئيس عبد الفتاح السيسى إن شباب مصر هم أعظم مواردها، وهم المحرك للنمو المستدام، وأضاف السيسى فى حوار أجراه مع مركز الأبحاث الاقتصادية البريطانى "مجموعة أكسفورد للأعمال": نحن نريد لاقتصادنا أن يعظم إمكانات هذا المورد من خلال توليد فرص عمل كافية ومنتجة. ولتحقيق هذه الغاية، فإننا نطلق مشروعات عملاقة كثيفة العمالة موجهة نحو خلق منصة حيوية للشباب للاستفادة من أفضل قدراتهم. كما أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة محرك حيوى للنمو الاقتصادى والعدالة وتقدم فرص هائلة لشريحة كبيرة من المجتمع ومن بينهم الشباب. وعلى هذا النحو، فإن تعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو عنصر أساسى لرؤيتنا للتنمية المستدامة لعام 2030.
تحسين التعليم
وتابع السيسى قائلا إن جزءا أساسيا من إستراتيجيتا هو تحسين التعليم على كافة المستويات، فنحن نحسن المناهج المدرسية ونوسع التدريب المهنى ونأمل أن يكون هناك 10 جامعات مصرية من بين أهم 500 جامعة فى العالم بحلول 2030.
ولفت الرئيس السيسى إلى أنه فى كل عام، يحصل حوالى 300 ألف مصرى على الدرجة الجامعية، منها 35 ألف فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة. ويمثل هؤلاء الخريجون مستقبل المجتمع المبنى على المعرفة، ونعمل لنوفر لهم الأدوات اللازمة لبناء اقتصاد مبتكر يليق بالقرن الحادى والعشرين.. ونعمل أيضا فى شراكة مع القطاع الخاص لوضع برامج تدريبية وطنية للشباب فى مجال التكنولوجيا والهندسة والبناء.
استفادة شرائح المجتمع من النمو
وردا على سؤال حول الخطوات التى تم اتخاذها لضمان أن تستفيد كل شرائح المجتمع من النمو الاقتصادى، قال الرئيس إن الحكومة ملتزمة بسياسات تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادى الشامل والاستقرار، ونتطلع أيضا نحو إنشاء مجتمع حديث ديمقراطى ومفتوح ومنتج. وكنا طموحين فى المرحلة الأولى من خطتنا الاقتصادية وحققنا زخما قويا. وينمو اقتصادنا بمعدل ثابت، كما أن ثقة الستثمرين فى أعلى النقاط منذ عدة سنوات. كما أننا ملتزمون بمواصلة النمو العادل. وتم توجيه الحكومة لتطبيق الدروس المستفادة من الازدهار الاقتصادى الأخير فى منتصف العقد الماضى لضمان أن يستفيد كل المصريين وليس قلة منهم من النمو. وأشار إلى أن أساس جهود الإصلاح سيظل ضبط الأوضاع المالية تدريجيا من أجل استعادة الاستقرار الاقتصادى الكلى وتعزيز قطاع خاص أقوى وأكبر.
ضبط الأوضاع وتحقيق العدالة الاجتماعية
وفى نفس الوقت، فإنا سنواصل تحقيق التوازن بين ضبط الأوضاع المالية العامة مقابل الالتزام الثابت بتعزيز العدالة الاجتماعية بنسبة من المدخرات من إجراءات التقشف والتى يتم توجيهه لتمويل مشروعات التنمية والخدمات الاجتماعية التى يستفيد من المواطنين الأكثر فقرا فى مصر. وهذا يعنى أن ضبط الأوضاع المالية سيكون أقل قوة بكثير مما يمكننا تحقيقه، إلا أن الوتيرة ستكون مناسبة فى ضوء أولوية مصر لبناء مجتمع أكثر عدلا. وقد أسسنا مقاييس التقدم الاجتماعى الأساسية لضمان التنمية المستدامة. وتستخدم ميزانية الحكومة كوسيلة لتحقيق التقدم الاجتماعى، ونحن نعيد توجيه الإنفاق بعيدا عن مجالات مثل دعم الوقود ونحو الصحة والتعليم. ونقوم باستثمارات مستهدفة من أجل القضاء على الأمية والحد من نسبة الوفيات بين الأطفال بنسبة 50% ومعدل وفيات الأمهات بنسبة 60%.
وفيما يتعلق بكيفية موازنة الحكومة بين الإصلاح الاقتصادى وحماية قوة مصر الشرائية، قال الرئيس السيسى إنه سبق وقال منذ توليه الحكم إنه من المهم لنا أن نعالج الاختلال فى الاقتصاد الكلى لدينا مع استمرار جعل الأولوية لاحتياجات الأكثر حرمانا الاقتصادية. وتعد قرارات الرفع التدريجى لدعم الوقود وإعادة هيكلة الضرائب وتطبيق برامج اجتماعية أكثر كفاءة وأفضل استهدافا حجر الزاوية لهذا الجهد الشامل.
وأشار السيسى إلى أن بداية إصلاح الدعم كانت فى يوليو 2014 وهو جزء من خطة متوسطة المدى للقضاء على كل هذه الدعائم باستثناء منتجات الوقود والكهرباء التى ستم استهلاكها من قبل المواطنين الأكثر حاجة فى مصر. كما تحدث الرئيس عن برنامج الكرامة والتكافل الذى يوزع الأموال النقدية مباشرة على أعضاء المناطق الأكثر فقرا. وسيغطى هذا البرنامج 500 ألف أسرة فى العام المالى الحالى، ويتسع على مدار ثلاث سنوات ليشمل 1.5 مليون أسرة.
مشروعات البنى التحتية
وأكد الرئيس السيسى أن البلاد مقبلة على مشروعات بنى تحتية وحضرية مصممة خصيصا لاستيعاب الشرائح ذات الدخل المنخفض. فعلى سبيل المثال مشروعات الاستصلاح الزراعى التى تجرى ستحول فى المرحلة الأولى منها أكثر من 600 ألف هكتار من صحؤاء جرداء إلى أرض صالحة للزراعة وسيزيد فى النهاية الإنتاج الزراعى والأمن الغذائى.
مشروعات المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ
وطرح أكسفورد بيزنس جروب سؤالا يتعلق بما إذا كان تنفيذ المشروعات التى تم الإعلان عنها فى مؤتمر التنمية الاقتصادية فى مصر سيتم بطريقة فعال، فرد الرئيس قائلا إن هذا المؤتمر كان معلما هاما للتحول الاقتصادى المصرى وفرصة ممتازة لتسليط الضوء على الرحلة الاقتصادية الجديدة التى نحن مقبلون عليها. وأكثر من نصف الاتفاقيات المبدئية التى تم توقيعها فى المؤتمر، قد بدأ تنفيذها بالفعل، منها صفقات التنقيب مع شركات النفط الدولية ومشروعات فى مجال الغاز والطاقة مع شركة سيمنز بقيمة 9 مليار دولار.. وأكد الرئيس أننا سنواصل المضى قدما فى الرؤية الاقتصادية الجرئية للمؤتمر، مشيرا إلى أن الدعم الدولى الكبير والاستثمارات التى شهدنها خلال المؤتمر وبعده سيستفيد منها الشعب المصرى مباشرة.
المزايا التنافسية لمصر
وفيما يتعلق المزايا التنافسية التى تمتلكها مصر كمركز اقتصادى إقليمى، قال الرئيس إن الموقف الاستراتيجى والسكان طالما منحوا مصر ميزة تنافسية كمحور تجارى واقتصادى والذى تم تعزيزه بتوسيع قناة السويس مؤخرا. ولفت إلى أن مزايا القناة الجديدة سيستفيد منها الشعب المصرى والمستثمرين العالميين وتتجاوز زيادة حجم حركة المرور. فمشروع تطوير منطقة القناة سيحول 76 ألف كيلو متر مربع على طول واحدة من أهم طرق التجارة فى العالم إلى مركز لوجستى وتجارى دولى يدعم أكثر من مليون فرصة عمل جديدة ومليونى مواطن. وعند الانتخاء من هذا المركز المتكامل الخدمات فإنه سيصل بين أكثر من 1.6 مليار مستهلك عبر أوروبا وآسيا وأفريقيا والمنطقة العربية وشعب مصر. وسيتاح للمستثمرين إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من الفرص منها التصنيع والزراعة والتجارة.
تشجيع الاستثمارات الأجنبية
وعن جهود تشجيع الاستثمارات الأجنبية، قال السيسى إن مصر خطت خطوات كبيرة نحو دفع عجلة الاستقرار والأمن على الصعيدين السياسى والاقتصادى. ومثلت الانتخابات البرلمانية اكتمال لخارطة الطريق نحو المستقبل وتبين التقدم الهائل الذى حققناه فى هذه النواحى. وهذا التقدم بدوره ساعد على تعزيز مناخ الاستثمار فى العالم. ونتطلع باستمرار لخلق فرص جديدة وحيوية للمستثمرين. وبالإضافة إلى تقديم قاعدة اقتصادية متنوعة، فإن مصر تعد واحدا من أكبر الأسواق فى الشرق الأوسط وأفريقيا. وستعزز المشروعات العملاقة التى تتم الآن من مزايا مصر الجغرافية. ولا ينبغى أن يقاس هذا من الناحية المادية فقط، فهناك استثمارات فى مستقبل واحدة من أهم دول العالم أهمية إستراتيجية.
تعديل قوانين الاستثمار
وعلى الصعيد المحلى، فإن القوانين التى تم تقديمها مؤخرا وتلك التى تم تعديلها تعزز بيئة العمل وتحد من الروتين ويشمل هذا تعديلات قانون الاستثمار الذى خلق منصة جديدة لممارسة الـعمال التجارية فى مصر وبسط العمليات المختلفة للمستثمرين. كما أن الحكومة تتواصل بشكل مباشر مع شركاء الاستمثار الأجنبى وتسعى لمعالجة مخاوفهم. فتم حل 300 نزاع مع المستثمرين الأجانب وهناك تقدم جيد فى القضايا الباقية، كما يشمل قانون الاستثمار الجديد آلية حل النزاع استنادا إلى أفضل الممارسات الدولية، ونحن ملتزمون بتسوية كل متأخرات الشركات الأجنبية.
وتحدث الرئيس السيسى عن الفرص التى يقدمها الشركاء التجاريين غير التقليديين من حيث زيادة الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وقال إن مصر تتوسع بشكل سريع وتنوع شركائها فى الاستثمار من حول العالم سواء فى القطاع العام أو الخاص. وأشار إلى الاتفاقيات التى تم التوصل إليها خلال مؤتمر شرم الشيخ، وقال إنها تساعد على تلبية احتياجات مصر من الطاقة..
وأكد الرئيس ختاما أن السياسات الجديدة والمشاركة فى مشاريع تجارية لها تأثير حقيقى على الاقتصاد. فخلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام المالى 2014 2015، نما الاقتصاد المصرى بنسبة 4.2% وزاد الاستثمار الأجنبى المباشر إلى 5.7 مليار دولار . وأوضح الرئيس أن بنك التعمير والتنمية الأوروبى قد اعتبر مصر مؤخرا دولة عمليات جديدة، ومثل هذه الخطوة تشير إلى اعتراف الدول الأعضاء فى البنك بالمسار السياسى والاقتصادى السليم، وهو ما يمهد الطريق لزيادة التمويل من قبل البنك لمساعدتنا فى بناء قطاع خاص أكثر تنافسية ومتنوع وقائم على المعرفة