أثار حادث تسرب غاز الكلور إلى مجمع المدارس فى منطقة السيوف بالإسكندرية - ما أسفر عن إصابة نحو 60 طالبا تتراوح أعمارهم بين 11-17 عاما للاختناق - ردود فعل غاضبة من قبل الأهالى واستمر اللغط حتى وقع اليوم حادث آخر لا يقل خطورة وهو إصابة طالبات فى مدرسة برشوم الثانوية الفنية للبنات فى طوخ بالقليوبية بنوبات كحة شديدة وإغماء وتشنجات إثر استنشاقهن غاز أول أكسيد الكربون من أدخنة مكامير فحم مقامة على بعد نحو 300 متر من المدرسة.
إذن هناك أمراض كثيرة ومخاطر جمة ناتجة عن تواجد المساكن والمدارس بجوار محطات تحلية المياه، مكامير الفحم، ناهيك عن خطر محولات الكهرباء وأبراج الضغط العالى ومحطات الصرف الصحى، وكذلك المصانع بكل أنواعها وشبكات الهواتف المحمولة وأجهزة سمارت فون الحديثة.
الأبنية الخطيرة بين الكتل السكنية وراء كثير من الأمراض
ويقول الدكتور محمود عمر - مؤسس المركز القومى للسموم بقصر العينى وأستاذ الأمراض المهنية - إن التخطيط الجيد لإقامة المنشآت التجارية غائب، مشيرا إلى أن تواجد الأبنية الخطرة فى المناطق السكانية وبجانب المدارس والمستشفيات يزيد عدد المصابين بالأورام السرطانية وأزمات الربو المزمنة.
وتابع "عمر": هناك مصانع صغيرة أقيمت بين الأبنية السكانية المكدسة بالأهالى ومصانع أقيمت منذ سنوات وزحف إليها التوسع العمرانى مع عدم الالتزام بالمسافات وإجراءات السلامة والآمان التى يجب توافرها عند انشاء هذه المحطات كى لا تؤثر على صحة المواطنين.
لا توجد مصانع نظيفة صديقة للبيئة
وأضاف مؤسس المركز القومى للسموم: "جميع المصانع - سواء التى تصنع أدوات خفيفة كالورق والملابس والروائح العطرية البرفانات أو ثقيلة لإنتاج الحديد والصلب والسيراميك والمبيدات الحشرية – تمثل خطورة على صحة المواطنين الذين يعانون من تلوث المياه نتيجة مخلفات وأبخرة هذه المصانع، وبالتالى لا يوجد ما يسمى بالمصانع الصديقة للبيئة، فمثلا مصانع الملابس تحوى صباغات خطيرة جدا لاحتوائها على مواد مسرطنة تسبب الأورام السرطانية المختلفة".
محولات الكهرباء وأبراج الضغط العالى
وأشار الدكتور محمود عمر إلى أن أبراج الضغط العالى تحيط معظم المدن الجديدة ما يعرض السكان بما فيهم من أطفال إلى الخطر الشديد، وقد أثبتت الدراسات مؤخرا أن الأطفال الذين يسكنون قرب أبراج الضغط العالى ومحولات الكهرباء هم الأكثر عرضه للإصابة بسرطان الدم بمقدار الضعف مقارنة باللذين يسكنون بعيدا.
أجهزة المحمول أكثر خطرا من شبكات المحمول نفسها
وعلى عكس الشائع، قال الدكتور عمر: تعد التليفونات المحمولة خاصة الحديثة - سمارت فون - أكثر خطرا على صحة الفرد مقارنة بشبكات التليفون المحمولة التى توضع أعلى الأبنية، حيث أثبتت الدراسات أن استخدام التليفون المحمول أكثر من 60 دقيقة فى اليوم متقطعا يساعد فى الإصابة بأورام المخ التى تتحول إلى المسرطنة أحيانا.
مكامير الفحم تدمر خلايا المخ
ولفت مؤسس المركز القومى للسموم إلى أن مكامير الفحم من أخطر العوامل على صحة الإنسان، فهى تخرج غاز أول أكسيد الكربون شديد السمية عند استنشاقه بل والقادر على تدمير خلايا المخ وأحيانا الوفاة، والمثير هو وجود مدارس وأبنية كثيرة حول تلك المكامير فى عدة محافظات، ولعل حادث القليوبية يوضح مشكلة الاقتراب من مكامير الفحم حيث أصابت أدخنتها الفتيات بحساسية شديدة وبعضهن أصبن بالربو المزمن، عندما تفاقمت الأدخنة أدت إلى إصابة الطالبات بغيبوبة وتشنجات عصبية.
الصرف الصحى سبب أمراض الكبد والكلى
وعن محطات الصرف الصحى، فأشار الدكتور محمود عمر إلى أن البعض يشرب مياه مختلطة بالصرف الصحى، وهذا هو السبب الأول فى الإصابة بأمراض الكلى والكبد والأورام السرطانية.
عمال هذه المناطق أكثر عرضه للأمراض
ويرى مؤسس المركز القومى للسموم ضرورة اتخاذ إجراءات وسن قوانين صارمة تلزم المؤسسات المسئولة عن هذه الأماكن الخطيرة بتطبيق شروط الحماية للعاملين فيها والمحيطين بها، فالعاملين يعانون بصورة أكبر ويتعرضون لأمراض الجهاز التنفسى بكل أنواعه والكبد، ولمواجهة هذه الكارثة يجب اتخاذ كل الاحتياطات البيئية اللازمة وتشديد الرقابة على هذه الأماكن لنضمن صحة جيدة للعاملين فيها وللمواطنين القريبين منها.