نقلا عن العدد اليومى...
المكان: محطة مترو أنفاق العتبة، الزمان: الساعة الثانية ظهرًا فى الثانى والعشرين من الشهر الماضى، الحدث: سيدة تتجه نحو حملة للتبرع بالدم داخل المحطة، وينتهى الحدث بتحرير محضر وتوجيه شكوى ضد القائمين على الحملة.
هذا هو ملخص ما حدث مع المهندسة ميرفت حجازى، وفقًا لشهادتها لـ«انفراد»، والتى جاء فيها أنها ذهبت للتبرع بالدم فى أثناء وجودها بالصدفة داخل محطة مترو أنفاق «العتبة»، لكنها فوجئت بمجموعة أشياء أثارت ريبتها، ودفعتها لتحرير محضر ضد الفريق القائم على الحملة داخل محطة المترو، يحمل رقم 41/62، قسم رابع مترو الأنفاق.
تقول «ميرفت» : «وجدت مجموعة من الشباب يرتدون بلاطى بيضاء ويطلبون من المارة التبرع بالدم، ذهبت وسألتهم عن الجهة التى يتبعونها فجاء الرد أنهم حملة تابعة للهلال الأحمر، ولكنى لم أجد أى بوستر مختوم من جهة رسمية يشير للحملة، سألنى أحدهم عن اسمى، وهذا كان السؤال الوحيد الذى تم توجيهه إلىّ، فلم يسألنى أحدهم عن عمرى أو الأمراض التى أعانى منها أو يجرى لى كشفًا متعلقًا بقياس الضغط أو نسبة الأنيميا للتأكد من صلاحيتى للتبرع».
وأضافت: «استمرت عملية الحقن من 10 إلى 15 دقيقة وسط مكان مهمل اكتشفت بعد ذلك أنه الممر الموصل لدورات المياه داخل المحطة، ودون أن يرتدى الشخص الذى قام بحقنى أى ملابس واقية.
وتابعت: «وعندما زاد الشك بداخلى طلبت من أحدهم كارنيه الجهة التى يتبعها، وبالفعل وجدته بدون ختم أو صورة شخصية، فأبلغت الجهات المختصة، وتم تحرير محضر ضد فريق الحملة، وتبين أن الطبيب المرافق لهم متطوع فقط، وأحدهم «من يقوم بسحب العينة» بكالوريوس تجارة، ولكن صدر قرار بإخلاء سبيلهم لحين استكمال التحريات بعدما تدخلت جمعية الهلال الأحمر، وقالت إن هؤلاء الأفراد تابعون لها بالفعل».
هذا ما حدث مع ميرفت حجازى، لكن جمعية الهلال الأحمر كان لها رأى آخر فيما حدث، فالدكتور مجدى عبدالوكيل، مسؤول بنك الدم فى جمعية الهلال الأحمر بالجيزة، نفى ما ذكرته ميرفت حجازى، قائلًا إنها مجرد شائعات مغرضة.
وأضاف: «منذ عشرة أيام بدأنا نسمع عن شكاوى كثيرة تحرر ضدنا لمدة ثلاثة أيام متتالية، مع العلم أن أى حملة تابعة للجمعية لا تخرج إلا برفقة طبيب، وجميع أوراقنا والموافقات التى حصلنا عليها للنزول بالحملات لمترو الأنفاق سليمة، ولو كانت المواطنة على حق ما كانت جهات التحقيق قررت الإفراج عن طاقم الحملة بعد تأكدهم منهم».
الواقعة السابقة طرحت تساؤلات عدة حول مدى تطبيق القواعد الإرشادية الواجب اتباعها من قبل جميع القائمين على حملات التبرع بالدم، وكذلك مدى متابعة ورقابة وزارة الصحة للأمر، وكيفية تعاملها مع مثل تلك الشكاوى.
محطة العتبة
البداية كانت مع محطة العتبة التى شهدت الواقعة السابقة، هناك تراصّ عدد من الأسرّة، ومجموعة من الحواجز الطبية والكراتين على جدار المحطة، بعيدًا عن حركة الركاب.
وقال أحد العمال لـ«انفراد»: «نظرًا لما تشهده محطة مترو العتبة من كثافة فى عدد الركاب، خاصة أنها أصبحت من المحطات التحويلية بعد إنشاء خط العباسية، فقد تم اختيارها من قبل القائمين على حملات التبرع بالدم، خاصة التابعين لجمعية الهلال الأحمر، واستمر عملهم فى المحطة فترة طويلة، إلا أننا فوجئنا خلال الأيام الماضية بتوقف نشاطهم، ولكن لا تزال أدواتهم محفوظة داخل المحطة، وفى اليوم التالى تمت إزلة المعدات من المحطة، وبسؤال أحد العاملين قال: « إحنا جينا ملقنهاش».
الدكتور عبدالمنعم حمزة، مدير عام الإسعاف بشركة المترو، قال: «هناك تعاون مسبق بين وزارتى النقل والصحة، لتسهيل عمل حملات التبرع بالدم داخل محطات مترو الأنفاق، وقريبًا جاءنا خطاب بتسهيل عمل حملة تابعة للهلال الأحمر بالجيزة داخل محطات المترو، وحددنا تاريخ بدء عمل الحملة، وتاريخ انتهائها، والمحطات المسموح بممارسة العمل فيها، ووضعنا مجموعة من القواعد، واشترطنا عليهم الالتزام بها، منها على سبيل المثال أن يتم تحديد عدد معين من الأسرّة والبرفانات، والالتزام بالملابس الوقائية، وتعقيم الأدوات، إضافة لعدم تعطيلهم لحركة السير داخل المحطة .
وأضاف: «وعلى هذا الأساس تواصلنا مع الحملة، ووافقنا على بدء عملهم، على الرغم من عدم اكتمال أوراقهم بشكل نهائى، وتوليت بدورى الجانب الرقابى برفقة اثنين من زملائى، وقمنا بحملات تفتيش دورية من وقت لآخر، وأى مخالفات كنا نرصدها يتم تصويرها، وإرسالها لرئيس مجلس الإدارة، ولكن مؤخرًا فوجئنا بعدد كبير من الشكاوى بشأن الحملات، فأخبرناهم بإيقافها لحين النظر فى الأمر».
وكانت الحملة التابعة لجمعية الهلال الأحمر، فرع الجيزة، حصلت على موافقة من إدارة مترو الأنفاق لممارسة عملها خلال شهرى يناير وفبراير فى محطات: حلوان وأم المصريين فى الفترة من 1 حتى 15 يناير، والمرج الجديدة والبحوث فى الفترة من 16 حتى 31 من الشهر نفسه، وكذلك شبرا الخيمة وجمال عبدالناصر فى الفترة من 1 حتى 15 من فبراير الماضى، والعتبة وغمرة من 16 حتى 29 من الشهر نفسه.
أما الدكتور صابر غنيم، مدير إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، فقد علق على الأمر قائلًا: «فيما يتعلق بجمعية الهلال الأحمر وإجازة قيامها بحملات تبرع بالدم، أعطينا لها ترخيصًا بإنشاء بنك دم يتم التبرع فيه داخل الجمعية فقط وليس خارجها».
وأضاف: «غير مسموح لأى جهة أن تطلق حملات تبرع بالدم دون الرجوع لوزارة الصحة والموافقة عليها، ولا يجوز القيام بهذا لصالح مستشفيات خاصة، وحملات التبرع بالدم الوحيدة التابعة لوزارة الصحة تخرج عبر سيارات تحمل شعار وزارة الصحة وبنوك الدم.
ضرورة وجود طبيب مرافق للحملة، مع وجوب تلقى أفرادها التدريب الكافى، والاستعانة باستمارة استبيان وضعتها وزارة الصحة خاصة بأسئلة موجهة للمتبرع، من بينها تاريخ آخر مرة تم التبرع فيها، وإن كان يعانى من أى أمراض، وغيرهما، بالإضافة لضرورة التزام الفريق الطبى بالزى الطبى والملابس الواقية عند سحب العينات، جميعها أمور أكدت الدكتورة هالة حسين، رئيس خدمات نقل الدم بـ«فاكسيرا»، ضرورة اتباعها من قبل القائمين على حملات التبرع بالدم، لضمان سلامة المتبرع وعينات الدم المأخوذة منه، وهذا ما سعينا لإثبات وجوده على أرض الواقع خلال جولتنا داخل عدد من محطات المترو، قبل إيقاف نشاط الحملات حاليًا، وفى الخارج رصدنا فى المقابل حملات أخرى تتبع وزارة الصحة تعمل وفق برامج محددة، وليس لها علاقة بمحطات المترو، وهذا كله بهدف توعية المواطنين بالخطوط الإرشادية والقواعد الواجب توافرها قبل التبرع بالدم فى المرات المقبلة.
محطة غمرة
مجموعة من الأسرّة الطبية تم وضعها بعناية فى إحدى الزوايا الجانبية لصالة مترو غمرة، وقف أمامها عدد من الشباب العشرينى، ارتدى بعضهم « بالطو أبيض» فى استقبال الركاب، لتوجيههم للتبرع بالدم لصالح مستشفى 5757 لعلاج سرطان الأطفال، وهو ما جعل عددًا من الركاب يستجيب للتبرع خاصة من الشباب.
الركاب يقبلون على التبرع، ويتم تحصيل الدم منهم بطريقة مباشرة دون سؤالهم الأسئلة المعتادة، وهى هل يعانى المتبرع من أى أمراض مثل الضغط أو السكر، أو عن توقيت آخر مره تم فيها التبرع، إلى جانب عدم ارتداء الشباب المكلف بأخذ الدم القفازات الطبية.
وبالحديث مع أحد الشباب، قال إنه يعمل فى إحدى الجمعيات الخيرية، ورفض ذكر اسمها، وأضاف الطبيب المتطوع فى الحملة، ويعمل فى مستشفى الحسين الجامعى: «نعمل فى الحملة من أجل جمع التبرعات لمستشفى سرطان الأطفال»، وبسؤاله عن عدم اتباع الإجراءات الطبية بالنسبة للمتقدمين إلى التبرع قال: «اللى بيشتكى من حاجه بنكشف عليه».
من جانبه نفى هشام عبدالسلام، المنسق الإعلامى لمستشفى 57357، خروج أى حملات تبرع بالدم تابعة للمستشفى فى الشوارع والميادين، قائلًا: «حملات التبرع بالدم التى يطلقه المستشفى تكون من خلال المبادرة القومية ضد السرطان، وتقصد الشركات والمصانع وليس فى الشوارع العامة أو محطات مترو الأنفاق.
مجمع التحرير ومحطة مصر
على الجانب الآخر، هناك حملات للتبرع بالدم بشعار وزارة الصحة وبنك الدم، ويعمل عليها فريق من المتخصصين، وتوجد فى عدة ميادين ومناطق، من بينها مجمع التحرير، ومحطة مصر، ففى ميدان رمسيس وأمام محطة مصر وقفت إحدى السيارات التابعة لمركز نقل الدم انطلقت منها نداءات تحث المارة على التبرع بالدم لصالح الأطفال مرضى السرطان».
خارج السيارة كانت هناك مجموعة من الشباب يقودهم رجل خمسينى العمر، قاموا بالانتشار بين الركاب، يحثونهم على التبرع من إجل إنقاذ الأطفال، وقال أحدهم: «نقوم بهذه الحملات بناء على جدول معد فى وزارة الصحة، ونستهدف بها الميادين الشهيرة، وعلى رأسها ميدان رمسيس»، وبخصوص وجود بعض الحملات داخل محطات المترو قال: «ليس لنا عمل داخل محطات المترو، وعملنا فقط يقتصر على الميادين المحددة ومنها ميدان رمسيس».
وبمجرد الخروج من محطة السادات باتجاه مجمع التحرير، وبجوار بوابته الرئيسية، تقف إحدى السيارات التابعة لمركز نقل الدم، والتى تعمل على تحصيل الدم من المترددين على مجمع التحرير بشكل تطوعى، وقال أحد الأطباء المرافقين للحملة: «نعمل فى مركز نقل الدم التابع لوزارة الصحة، والذى يتبنى حملة لجمع أكياس الدم من المتبرعين، وتوزيعها على المستشفيات التى تعانى من نقص واضح فى أكياس الدم.