انتخب الائتلاف السورى المعارض، أمس السبت، خلال اجتماع فى إسطنبول أنس العبدة رئيساً جديداً له خلفاً لخالد خوجة المنتهية ولايته، وانتخب العبدة لدورة رئاسية واحدة مدتها ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.
وقال بيان صادر عن الائتلاف السورى المعارض بأن "توافق أعضاء الهيئة العامة للائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة السورية خلال اجتماعها، السبت، والمستمر منذ 26 فبراير الماضى، على هيئة رئاسية جديدة برئاسة أنس العبدة، وكل من موفق نيربية وعبد الحكيم بشار وسميرة مسالمة نواباً له، وعبد الإله فهد أميناً عاماً".
والعبدة، مولود فى دمشق عام 1967 ودرس الجيولوجيا بجامعة اليرموك فى الأردن، وحصل على شهادة ماجستير فى الجيوفيزياء، ثم انتقل إلى بريطانيا وعمل فى الإدارة التقنية هناك، وأسس العبدة "حركة العدالة والبناء" المعارضة من لندن، وكان من مؤسسى المجلس الوطنى السورى، أول مجلس سورى معارض، كما شارك فى تأسيس الائتلاف السورى المعارض الذى شغل عضوية هيئته السياسية.
ولا يخفى على المهتمين بالشأن السورى علاقات أنس العبدة مع المخابرات الأمريكية والمخابرات والبريطانية، وتورطه فى قضايا معينة مع جماعة الإخوان المسلمين وجماعات أمريكية، وبات مستغربا إقدام الائتلاف على تزكية أنس العبدة كى يتولى رئاسة الائتلاف لدوره وأشقائه فى القيام بعمليات مريبة لصالح أطراف غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو ما كشفت عنه وثائق ويكليكس، حيث لعب أنس العبدة دورا كبيرا فى تأسيس "إعلان دمشق للتغيير الديموقراطى فى سوريا" عام 2006، وكانت الخارجية الأمريكية، وفق وثائق سربها موقع "ويكيليكس"، قد دفعت مبلغ 6 مليون دولار كدعم للمعارضة السورية بهدف تشغيل قناتها الفضائية الخاصة (بردى) والتى يرأس مجلس إدارتها مالك العبدة، وهو الأخ الشقيق لأنس العبدة.
"إعلان دمشق" لم يكن الذراع السياسية الحقيقة التى يرتكز عليها "أنس العبدة" فى استجلاب الدعم المادى، بل كانت "حركة العدالة والبناء" التى يترأسها بمثابة الذراع السياسية الأكثر نفعا، وتصف الولايات المتحدة حركة العدالة والبناء بـ"الليبراليين الإسلاميين المعتدلين" وهو وصف روجته الولايات المتحدة لعناصر الإخوان المسلمين وصف يقترب من الوصف الذى يطلق على جماعة الإخوان المسلمين.
ولأنس العبدة شقيق كان يعمل فى قناة الجزيرة القطرية تحت اسم مستعار " أحمد إبراهيم"، وهو ما كشفته انفراد فى وقت لاحق، حيث أكدت مصادر داخل قناة الجزيرة القطرية عن الدور الذى لعبه " أحمد العبده" لتشجيع الشباب للانضمام للجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش والعديد من الألوية الإرهابية المسلحة التى تقاتل فى المنطقة وخاصة فى سوريا، لافتة إلى أن أحمد العبدة، الذى عمل فى قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية تحت اسم مستعار وهو "أحمد إبراهيم"، ومهمته الأساسية فى القناة أنه كبير المنتجين الفنيين "سينيوربروديوسر"، وأحد المشرفين على إنتاج الأفلام الوثائقية والتقارير الخاصة بالقناة، حيث كشفت المصادر أن أحمد إبراهيم "العبدة" ساهم فى تجييش قيادات إسلامية متطرفة للعمل على تجنيد الشباب من أفغانستان والشيشان والبوسنة وتوفير إجراءات سفرهم عبر تركيا إلى سوريا بالتنسيق مع كتلة حماة.
قصة صعود أحمد العبدة فى قناة الجزيرة
قصة صعود أحمد داخل القناة القطرية بدأت فى نهاية 2001، حينما التحق بالجزيرة ولم يكن يتوقع أحد مساره الصاعد بسرعة الصاروخ فى المبنى الغامض، فعندما استقبله زملائه فى الجزيرة كانوا يعتقدون أنه مجرد "بروديسر أخبار" طموح يحمل الجنسية البريطانية ومولود فى دمشق بسوريا، وقبل أقل من شهرين من قدومه للدوحة كان المدعو "أحمد" قد أنهى أوراق تعيينه فى قناة الجزيرة ليصبح ملفه ضمن ملفات عشرات انضموا للقناة القطرية فى 2002 قبل أشهر من غزو العراق وبعد أقل من 5 أشهر من هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة.
وفى أكتوبر 2003 بدأ أحمد طريقا جديدا فى الصعود حيث فوجئ الجميع بانتقاله إلى قناة الجزيرة باللغة الإنجليزية فى 2006 ليصبح كبير المنتجين الفنيين "سينيوربروديوسر"، وهو لم يدخل عقده الثالث بعد ليصبح أحد المشرفين على إنتاج الأفلام الوثائقية والتقارير الخاصة بالقناة لما تمتع به من شبكة علاقات ممتدة مع جماعات متطرفة وبالأخص القاعدة مما سهل مهام عمل الجزيرة أن ذاك فى اختراق حصون هذا التنظيم الإرهابى، فالجزيرة كانت السبٌاقة فى لقاءات حصرية مع قيادة القاعدة فى أفغانستان وباكستان والذى كان أهمهم مقابلة حصرية مع خالد الشيخ محمد المعتقل حاليا فى جوانتانامو.
وكان لأحمد إبراهيم اهتمامات تتجاوز الصحافة الاستقصائية النشطة ولديه حجم علاقات ونفوذ متشعبة داخل الجماعات الإسلامية المتطرفة تتجاوز حرصهم الأمنى المعهود من الصحفيين، خاصة أصحاب الجنسيات الأجنبية، فخلال عام 2005 والنصف الأول من 2006 اختفى أحمد عن الدوحة ولم يكن أحد يعرف ماذا يفعل ليفاجئ الجميع بإنتاجه فيلماً عن سامى الحاج الصحفى بالجزيرة، وأحد أصدقائه المقربين الذى أعتقل فى جوانتانامو بتهمة الانتماء للقاعدة منذ 2002، وخرج فيلم "السجين 345".
سر أحمد السورى الصاعد بسرعة الصاروخ
كشف هذا الفيلم عن علاقات أحمد العبدة ما بين باكستان وأفغانستان ولندن وسوريا، فهو "أخطبوط" جديد يولد فى الجزيرة ومع خروج الفيلم الوثائقى بدأ الهمس يتحول لحديث فى أروقة الجزيرة والصحفيين فى الشرق الأوسط عن سر أحمد السورى كما كان يلقبه البعض، وتبدأ تتكشف بعض المعلومات فهو فى الأوراق الرسمية ليس أسمه أحمد إبراهيم بل هو أحمد العبدة وهو الشقيق الأصغر لأنس العبدة الرئيس الجديد للائتلاف السورى المعارض بل أنه يحمل ملامحه باستثناء النظارة الطبية للشقيق الأكبر، الذى تولى مؤخراً رئاسة الإئتلاف السورى المعارض.
وأشارت المصادر إلى أن أحمد العبدة الشقيق الأصغر لرئيس الائتلاف السورى المعارض الجديد تم تعيينه بقرار غريب رئيساً لوحدة الصحافة الاستقصائية بقناة الجزيرة فى يونيو 2010، وهى الوحدة التى لم يعرف أحد مهامها بوضوح فهى خليط بين العمل الإعلامى والعمل المخابراتى ووسيلة للتستر على العلاقات المشبوهة مع قيادات الجماعات الإسلامية المتشددة القادمة من وإلى سوريا عبر تركيا مقر إقامة أحمد إبراهيم بقبعة الصحافة وأحمد العبدة بقبعة الإسلاميين.
وبعد أشهر قليلة ومع اندلاع التوترات فى سوريا انتقل أحمد إبراهيم "العبدة" إلى تركيا حيث كانت نقطة التحول الجديدة لأحمد العبدة، وباشر العمل الميدانى لمتابعة الشأن السورى عبر تركيا وتجنيد علاقاته الممتدة بالإسلاميين المتشددين وخاصة أبو محمد الجولانى أمير جبهة النصرة واسمه الحقيقى أسامة العبسى الواحدى وهو من مواليد سوريا، دير الزور عام 1981، وقد عمل معه أحمد إبراهيم على تجنيد عدد كبير من المقاتلين للقتال مع المعارضة السورية وتسهيل تنقلهم عبر الأراضى التركية، لينتقل بذلك إلى فصل جديد من فصول العمل الميدانى الذى يتطلب التنقل والسفر بين مبانى المخابرات وغرف التحليل ونقل الأموال والاجتماعات السرية للعمل على توفير جملة من العلاقات التى تعتبر بأنها استثنائية وكانت خزانا لتدفق المقاتلين الإسلاميين المتشددين والأسلحة من باكستان وأفغانستان والشيشان وسيرايفو وبلغراد وفرنسا والسودان ومن ثم العودة إلى مقر إقامته حاليا بإسطنبول.
نزوح المقاتلين من الشيشان والبوسنة للقتال فى سوريا
وبحسب ما كشفت صحيفة "التايمز" البريطانية فى سبتمبر 2012 أشارت التقارير إلى تدفق موجة نزوح من المقاتلين العرب فى طالبان باكستان وإسلاميين متشددين من الشيشان والبوسنة للقتال فى سوريا، وبحسب مصادر موثوقة فإن أحمد إبراهيم ساهم فى تجييش قيادات إسلامية متطرفة للعمل على تجنيد الشباب من أفغانستان والشيشان والبوسنة وتوفير إجراءات سفرهم عبر تركيا إلى سوريا بالتنسيق مع كتلة حماة.
وكشفت نفس المصادر بأن أحمد إبراهيم "العبدة" زار سرايفو عاصمة البوسنة أكثر من مرة منذ العام 2012 عمل من خلالها على لقاء قيادات إسلامية متطرفة تعمل على إرسال إرهابيين من البوسنة إلى سوريا عبر تركيا وتم الاتفاق على خطوات عملية لتسهيل وصول المقاتلين إلى سوريا والعراق.