عادت مجددا أخبار الرئيس الإيرانى الإصلاحى الأسبق محمد خاتمى إلى وسائل الإعلام، بعد أن ساند تيار الإصلاحات فى خوض الانتخابات التشريعية ومجلس خبراء القيادة عبر فيديو بثه على شبكة الإنترنت، حاول فيه أن يكسر الحصار الذى فرضه عليه النظام الإيرانى ومنع ظهوره أو نشر صورة أو اسمه فى وسائل الإعلام على كافة أشكالها ودعم الإصلاحيين فى طريقهم للبرلمان.
وتجدد ذكر خاتمى أمس، الأحد، خلال المؤتمر الصحفى لروحانى عندما سُئل عن سبب منعه من الظهور فى وسائل الإعلام، وما إذا كان هو نفسه وافق على هذا القرار، وسبب رد روحانى إحراجا لوسائل الإعلام الرسمية والتليفزيون التى تحظر حتى ذكر اسم خاتمى، حيث قال إنه لا يوجد قرار تم التصويت عليه فى مجلس الأعلى للأمن يمنع خاتمى من الظهور فى وسائل الإعلام.
لكن تصريح روحانى يتناقض مع تصريح المتحدث باسم السلطة القضائية علام حسنى ايجئى الذى نفى فرض إقامة جبرية على الرئيس الإصلاحى الأسبق محمد خاتمى، لكنه أكد على أنه لم يعاد النظر فى قرار منعه من الظهور فى الإعلام.
وفى مدينة يزد (مسقط رأس خاتمى) بدأ روحانى اليوم الاثنين بالإشادة بخاتمى وقال: "بعد المرشد الأعلى الذى لعب دورا رئيسيا فى تعبئة الشعب، كل شخصيات البلاد وخصوصا تلك التى تشكل فخر هذه المدينة، دعت الإيرانيين إلى المشاركة فى الانتخابات التشريعية".
وأضاف "عندما دخلت إلى البرلمان فى 1980 كان أخى العزيز محمد خاتمى قد انتخب للتو فى اردكان" المدينة المجاورة ليزد، وكان روحانى يتحدث أمام حشد يردد هتافات "يحيا روحانى" و"يحيا خاتمى"، مما اضطر للتليفزيون الرسمى بخفض صوت البث المباشر حتى لا تسمع الهتافات، لكن الصور والهتافات بثت مباشرة على شبكات التواصل الاجتماعى، وقال روحانى "إن إيران لن تنسى أبدا الذين خدموها وعملوا من أجل عظمتها لا أحد يمكنه فرض نسيان أسمائهم".
أيقونة تيار الإصلاحات المهمش..دعم روحانى للوصول للرئاسة
محمد خاتمى الذى تولى رئاسة إيران فى (1997 – 2005) يعد أيقونة التيار الإصلاحى المهمش، لكنه باعتباره مفكرا سياسيا مازال يتمتع بشعبية كبيرة خاصة بين جيل الشباب، ولعب دورا أساسيا فى انتخاب الرئيس روحانى فى 2013، رغم الاتهامات التى اتهمه بها المحافظون من المتشددين حيث اعتبروه بأنه كان أحد المحرضين على الحركة الاحتجاجية التى جرت فى 2009 بعد إعادة انتخاب الرئيس المحافظ السابق محمود أحمدى نجاد.
كاريزمة خاتمى جمعت بين العلوم الدينية والفلسفة الغربية وأرعبت المتشددين
تمتع خاتمى بكاريزما جمعت بين العلوم الدينية التى درسها فى الحوزة الشيعية بمدينة قم، والفلسفات الغربية والعلوم التربوية فى جامعة أصفهان، وترأس مركز هامبورج الإسلامى فى ألمانيا فى الفترة التى سبقت انتصار الثورة فى إيران عام 1979.
كما اشتهر عالمياً بمشروعه الحضارى الذى أسماه (حوار الحضارات) فى مقابل نظرية أستاذ العلوم السياسية الأمريكى صموئيل هانتنجتون (صدام الحضارات) وقال "على الفارق بين مفهومى الحضارة والثقافة، فالحضارة عنده هى الآثار المادية للحياة الاجتماعية وجميع المراكز والمؤسسات، أما الثقافة، فهى جملة المعتقدات والعادات والتقاليد والتراث الفكرى والعاطفى، الذى تمتد جذوره فى المجتمع"، حيث فى هامبورج الألمانية قبل الثورة.
وتولى خاتمى منصب نائب ثم رئيس هيئة القيادة المشتركة للقوات المسلحة عندما بدأت الحرب العراقية الإيرانية، ورئيس قيادة الحرب الدعائية، ووزير الثقافة والتوجيه الإسلامى فى العام 1989 وعينه هاشمى رفسنجانى رئيس تشخيص مصلحة النظام مستشاره السياسى فى العام 1992.
فى عام 1997، تم انتخاب خاتمى ليكون خامس رئيس للجمهورية، محققا نسبة 70% من الأصوات، واتهم الإصلاحيون بعض قادة الحرس الثورى منهم اللواء سيد محمد حجازى بمحاولة فاشلة للإطاحة بمحمد خاتمى أثناء ولايته للرئاسة.
اصطدمت مشاريعه الإصلاحية وانفتاحه بالمتشددين والمرشد الأعلى على خامنئى، وحاول إعادة تنشيط المجتمع المدنى ونشر ثقافة القانون، فكانت أولى دعواته للشعب الإيرانى إلى طرح الآراء فى كل ظاهرة بما فيه شخص المرشد خامنئى ذاته الولى الفقيه، وشجع السينما والحوارات السياسية، وأعاد فتح جميع سفارات الدول الأوروبية فى طهران، وأعاد هيكلة جهاز المخابرات الإيرانية، وأطلق حوار المذاهب المختلفة فى طهران، فكان الرد من المرشد، بنشر سلسلة من الاغتيالات ضد المفكرين المحيطين بخاتمى، والأمر بمحاكمة وزراء خاتمى الذين اختارهم وقرّبهم بتهم مختلفة، منها تلفيق الفضائح الجنسية، والاتهام بازدراء الأديان.
ويؤمن بضرورة دفع الثقافة الإسلامية للانخراط فى الحداثة والاختلاط مع ثقافة العالم الغربية، إلا أن فى عهده أغلقت 20 صحيفة إصلاحية دفعة واحدة، وصدرت أحكام بالإعدام ضد أصدقائه وحلفائه ومستشاريه، تم إلغاؤها بعد المظاهرات العارمة التى اندفعت تندد بمجلس الأوصياء وقراراته.
وفى 2002 تقدم بمشروعين كبيرين إلى البرلمان عرفا باسم (مشروع القانون المزدوج) وكان الهدف تقليص صلاحيات مجلس صيانة الدستور وتعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية، وتم رفض المشروعين من قبل مجلس الأوصياء، فاضطر خاتمى لسحبهما، واعتبر المتشددين خاتمى حاول تغيير الخطاب السياسى فى إيران إلى خطاب "علمانى" والإطاحة بمنصب الولى الفقيه.
وقال خاتمى، "إن الإصلاحات يجب أن تأتى من داخل النظام. وفى رأيى أن الجمهورية الإسلامية هى إنجاز عظيم حققته الثورة الأكثر شعبية التى رأيتها فى حياتى، فكونوا مطمئنين إلى أنه لن يوجد أبدًا نظام ديمقراطى بالمعنى الحقيقى للكلمة بعيدا عن الجمهورية الإسلامية".
يدعم الإصلاحيين من وراء ستار الحصر
ويبقى خاتمى الممنوع من الظهور إعلاميا أو ذكر اسمه يقف خلف الستار يدعم تيار الإصلاحات ويدعم سياساته، رغم الاتهامات التى طالته هو وعائلته، ويلاحق الرئيس الإصلاحى الأسبق من قبل السلطات الإيرانية والمتشددين وبأمر من القضاء تم حظر تداول أخباره وصوره أو حتى اسمه وتعاقب وسائل الإعلام التى تخالف ذلك.
ويتهم النظام بالوقوف وراء المظاهرات المعارضة فى العام 2009، ويلجأ خاتمى لنشر أخباره على موقعه الإلكترونى الذى يمتلكه إلى جانبه حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى.