النص الكامل لحيثيات الحكم بحبس أحمد ناجى عامين بتهمة خدش الحياء: النبى كان يذكر الألفاظ الصريحة فى مقام القضاء وليس لحرية الرأى والتعبير.. المحكمة: الحرية المزعومة لم تجلب لنا سوى ضياع الأخلاق وفسادها

- المحكمة تناشد الجهات المسئولة بمحاربة السموم التى تدس وسط الكتب المحكمة: لا يأخذكم فى الله لومة لائم مع صاحب قلم مسموم أو صوت عال ينشر"انفراد" النص الكامل لحيثيات حكم حبس الصحفى أحمد ناجى حجازى، عامين، وتغريم رئيس تحرير أخبار الأدب طارق طاهر حنفى 10 آلاف جنيه، على خلفية اتهامهما بخدش الحياء.

صدرت الحيثيات فى القضية رقم 120 لسنة 2016 من محكمة جنح مستأنف بولاق أبو العلا برئاسة المستشار ميسرة الدسوقى، وعضوية المستشارين محمد فريد، وأحمد أبو ريه، وأمانة سر مجدى كمال.

وقالت المحكمة فى حيثيات الحكم: إن المتهم الأول نشر مقالاَ للعرض والتوزيع حوى مادة كتابية خادشة للحياء العام على النحو المبين بالأوراق، والمتهم الثانى بصفته رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب أخل بواجب الإشراف على جريدته، مما أدى إلى نشر المقال محل الاتهام الأول.

وأضافت حيثيات الحكم: وباستجواب المتهم الثانى قرر أنه لم يطلع على النص كاملاَ للمادة المنشورة تحت مسمى "استخدام الحياة"، والمكتوبة بمعرفة المتهم الأول، وأنه لو اطلع على المادة كاملة ما سمح بنشرها، حيث أنه عن الدفع بعدم دستورية نص مادة العقاب فإنه من المقرر بقضاء النقض أن "محكمة الموضوع وحدها هى الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد رفع الدعوى بعدم الدستورية جوازى لها ومتروك لمطلق تقديرها".

وأشارت حيثيات الحكم، أن الطعن رقم 2190 لسنة 50 ق جلسة 16\4\1981 نص على "ما كان ما تقدم وكان ما ابتغاه المشرع حين جرم الأفعال الواردة بنص مادة العقاب حماية الأخلاق والأدب مما يفسدهما حماية المجتمع والكرامة الأدبية للجماعة التى قوامها الدين والأخلاق والوطنية، مما دعاه إلى تعديل مادة العقاب "قانون 147 لسنة 2006"، وتشديد العقوبة حتى يحقق الردع لكل من تسول له نفسه تقويض الأخلاق وإفسادها، كما أن المشرع قد نص فى المادة العاشرة من الدستور على أن (الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية وتحرص على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها).

وتابعت الحيثيات: وضرورة الحفاظ على الأسرة التى هى أساس المجتمع المقدم على الحفاظ على مصلحة فرد أو طائفة، لا غاية لها سوى تحصين أنفسها من العقاب، أو جعل أنفسهم بمأمن من العقوبات المقيدة للحرية، بدعوى حرية الرأى والأبداع، فأى ما سطره المتهم بكتابه من ألفاظ خادشة للحياء داعية إلى نشر الرذيلة والفجور، وأن المشرع الدستورى حين نص فى المادة 67 من الدستور على حرية الإبداع الفنى والأدبى لم يكن ليقصد حماية هؤلاء الذين نسبوا أنفسهم إلى الكتاب يسعون فى الأرض فسادا، ينشرون الرذيلة ويفسدون الأخلاق بأقلامهم المسمومة تحت مسمى حرية الفكر، وإلا لكان تناقضا مع نفسه، حين دعا إلى الحفاظ على الأسرة، لأنها أساس المجتمع بالحفاظ على الدين والأخلاق.

وأوضحت الحيثيات، أنه عن الدفع بعدم دستورية المادة "200 مكرر 1" تأسيسا على أنها افترضت مسئولية مدير التحرير عما ينشر فى الصحيفة المسئول عن إدارتها، وأن إخلاله بواجب الإشراف والمتابعة هو ما يضعه تحت المسئولية الجنائية ومن لم يكون الدفع ظاهر البطلان وتلتف عنه المحكمة.

وأكدت الحيثيات، أنه عن الدفع بتوافر أسباب الإباحة فإنه من المقرر بنص المادة "60" من قانون العقوبات أنه "لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة"، ومؤدى ذلك أنه يشترط لتعليق المادة سالفة البيان: أولا : أن يكون وقوع الفعل بمقتضى حق مقرر فى القانون.

ثانيا : استعمال الحق بحسن نية.

ثالثاَ : استعمال الحق فى حدود القانون.

والمتهم الأول "أحمد ناجى" وإن استعمل حقه الذى كفله له الدستور والقانون فى التأليف والكتابة إلا أن ذلك مشروط بأن يكون فى حدود القانون، وألا تكون الغاية من استعمال هذا الحق غير مشروع، كما فعل المتهم بكتابة ما أسماه رواية "استخدام الحياة"، مستخدما ألفاظا وعبارات خادشة للحياء العام، تدور حول تصوير ممارسة الرذيلة بين رجل وامرأة، متناولا تفاصيل هذة الممارسة، متناسياَ قيم المجتمع وتقاليده ومتجاوزا حرية التعبير والتأليف التى كفلها له الدستور، اللذان من شأنهما النهوض بالمجتمع، ومن ثم فالمتهم لم يلتزم بالحدود الموضوعية المنصوص عليها.

وتابعت حيثيات حكم حبس الروائى والصحفى أحمد ناجى، "حيث أنه ما قاله المتهم الأول بأن الألفاظ التى استخدمها قد وردت فى كتاب (زاد الميعاد) فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حادثة ماعز والغامدية، حينما أتى ماعز إلى رسول الله، واعترف بواقعة الزنا، فشتان بين هذا وذاك، فاستخدام رسول الله اللفظ الصريح فى الرواية التى جاءت فى صحيح البخارى، والتى تكره الطباع السليمة ذكره، فقد دعت الحاجة آنذاك إلى ذكره، حيث جاءت فى مقام القضاء، لا الفتيا، والتقرير حتى يتبين الأمر جليا بارتكاب ماعز الفاحشة، وكى يقيم النبى حد الزنا، وإيراد هذه الرواية فى الكتاب المشار إليه جاء نقلاَ عما ورد عن رسول الله، بخلاف ما أورده المتهم الأول بكتابه الذى لا حاجة له فى ذكر الألفاظ التى تخالف قيم وتقاليد وأعراف المجتمع المصرى، إلا سعياَ منه لانتهاك حرمة الأداب وحسن الأخلاق وغمس أبناء هذا المجتمع فى بيئات مشحونة بالانحلال الخلقى".

وأضافت الحيثيات، أنه من المقرر بقضاء النقض أن "الكتب التى تحوى روايات لكيفية اجتماع الجنسين وما يحدثه ذلك من اللذة كالأقاصيص موضوعه لبيان ما تفعله العاهرات فى التفريط فى أعراضهن، وكيف يعرضن سلعتهن، وكيف يتلذذن بالرجال ويتلذذ الرجال، حيث أن هذه الكتب يعتبر نشرها انتهاكا لحرمة الآداب العامة، لما فيه من الإغراء بالعهر خروجا على عاطفة الحياء وهدما لقواعد الآداب، والتى تقضى بأن اجتماع الجنسين يجب أن يكون سريا وأن تكتم أخباره، ولا يجدى فى هذا الصدد بأن الأخلاق تطورت فى مصر بحيث أصبح عرض مثل تلك الكتب لا ينافى الآداب العامة إستنادا على ما يجرى فى المراقص ودور السينما وشواطئ الاستحمام، لأنه مهما قلت عاطفة الحياء بين الناس فإنه لا يجوز للقضاء التراخى فى تثبيت الفضيلة وفى تطبيق القانون".

وأكدت الحيثيات، أنه من جماع ما تقدم فقد ثبت للمحكمة من مطالعتها الأوراق عن بصر وبصيرة توافر أركان جريمة خدش الحياء العام بركنيها المادى والمعنوى، حيث إن المحكمة تنأى بنفسها عن ترديد تلك الكلمات التى حوتها الرواية، إذ صور مشاهد لاجتماع رجل وامرأة يمارسان الرذيلة وما دار بينهما، متناسيا أن لحرية الفكر والإبداع ضوابط تتقيد بها. وأشارت الحيثيات، أن شاهدى النفى شهدا أمام محكمة أول درجة من أن العمل محل المحاكمة عمل روائى، وأن هناك أعمالا روائية تضمنت ألفاظ وإيحاءات جنسيه، فإن ذلك مردود عليه بأن تعدد الكتب المتضمنه ألفاظا وإيحاءات جنسية ليس سبباَ من أسباب الإباحة أو مانعا من موانع العقاب، وشتان بين كتب التفاسير والفقه التى وضحت العلاقة بين الرجل و المرأة فى إطارها الشرعى، وفى حدود الدين الذى شرع الزواج للعفة والتناسل وإعمار الأرض، وتعلمنا منها أحكام الطهارة بعبارات مستقاة من القرآن أو السنة، وبين الألفاظ الإباحية التى استخدمها المتهم لتسطير روايته، وغنى عن البيان أن من علوم اللغة العربية علم البلاغة التى من أساليبها أسلوب الكناية والتورية، فلو كان المتهم عالما بأساليب اللغة وآدابها لاستخدم أى منها فى التعبير عما أراد إذا ما اقتضى سياق الرواية، ولكن أين له بعلوم اللغة فقد اختار أحط الألفاظ التى لا تستخدم إلا فى مجتمعات يغيب عنها الناموس الأخلاقى".

وأشارت المحكمة فى حيثيات حكمها بحبس الصحفى والروائى أحمد ناجى عامين بتهمة خدش الحياء، إلى قول الله تعالى حين تحدث عن علاقة الرجل بامرأته "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم"، وقوله تعالى "يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم".

وقالت الحيثيات، أن استحسان البعض لما كتبه المتهم ليس سببا من أسباب الإباحة، حيث أن فترة المراهقة عند بعض الناشئين قد تطول حتى تكتسح عمر الشباب منهم وجزءا من عمر الكهولة، وسبب ذلك الاستسلام لعواطف طور المراهقة، ووجود المغذيات الشيطانية الخبيثة، فليس من البعيد أن يصير الإنسان شيخاَ فى سنه وجسمه، ويبقى مراهقا فى عقله ونفسه، الأمر الذى يكون معه قضاء أول درجة قد خالف صحيح الواقع والقانون.

وأضافت المحكمة فى حيثياتها، أنه لما تقدم وكان الفصل فى الدعوى المدنية يستلزم إجراء تحقيق خاص لاستظهار عناصرها وهو ما يؤدى إلى تعطيل الفصل فى الدعوى الجنائية، ومن ثم تقضى المحكمة بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة عملاَ بالحق المخول.

وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها أنها قبل أن تضع قلمها فى تلك القضية تهيب بالمشرع بإعادة النظر فى عقوبة الجرائم المنسوبة للمتهمين بالتشديد، إذ أن نشر الرذيلة فى محاولة لهدم قيم وأخلاق المجتمع أمر عظيم يستوجب مواجهته بالشدة وعدم التهاون مع مرتكبيه، كما تناشد الجهات المسئولة عن الرقابة على المصنفات محاربة تلك السموم التى تدس وسط الكتب، وضبطها، وتقديم مرتكبيها إلى ساحات العدالة حتى ينالوا ما اقترفته أيديهم ويكونون عبرة لمن ينشد حرية دون ضابط من دين أو أخلاق، و لا يؤخذكم فى الله لومة لائم أو صاحب قلم مسموم أو صوت عال ينعق على شاشات التلفاز والفضائيات بأنها الردة، وأن الدولة تحارب المبدعين والمفكرين، بئس هذا الفكر والإبداع أو الذين يتحدثون بأن الأخلاق نسبية اعتبارية لا ثبات لها، وليس لها حقوق ثابته فى ذاتها، فمن العار أن تترك مقدرات أمة تحت رحمة هؤلاء يتصرفون بهذة المقدرات بخفه ومجون، كما لو كانوا يلعبون الورق، فإنا ما نشاهده ليل نهار على الشاشات من سباب وشتائم وتطاول على أشخاص وجهات بدعوى الحرية التى يرونها من وجهة نظرهم، ما جلبت سوى ضياع الأخلاق وفسادها ولم نجن منها سوى الانفلات الأخلاقى الذى أصيب به الكثيرون منذ الأحداث التى شاهدتها مصرنا الحبيبة. واختتمت المحكمة أسباب الحكم بقول أمير الشعراء أحمد شوقى: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا وإذا أصيب القوم فى أخلاقهم ... فأقم عليهم مأتماَ وعويلاَ صلاح أمرك للأخلاق مرجعه... فقوم النفس بالأخلاق تستقم فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضوريا، بقبول الاستئنافين شكلاَ والموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستانف والقضاء بحبس المتهم الأول سنتين مع الشغل والنفاذ، وتغريم الثانى 10 آلاف جنيه، وإلزامهما بالمصاريف الجنائية، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;