أمهات الثانوية العامة.. سنوات من الحب والدعوات والمصاريف والطوارئ.. أجسادهن على الأرصفة أمام المدارس وقلوبهن بين أوراق الإجابات داخل اللجان.. قرآن وأذكار ودموع تختلط بالضحكات

يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان، أما أم المرء فتظل يدها على قلبها تدعو بالستر والنجاح والتفوق، ومع فتح اللجان لأداء امتحانات الثانوية العامة، تعيش البيوت المصرية لحظات حاسمة، تنتظر فيها كل أم نتاج رعايتها لأبنائها على مدى عام كامل.. سهر لساعات طويلة، ومصاريف هنا وهناك، ومناورات ومحايلات للجلوس والتركيز للمذاكرة. داخل اللجان يجلس الطلاب يؤدون امتحاناتهم، وخارج اللجان أجواء خاصة وكواليس على الأرصفة لأمهات يجلسن فى كل مكان، تدور بينهن أحاديث لا يعرف تفاصيلها غيرهن، يسردن تجربتهن مع الثانوية العامة.. دموع، وضحكات، ودعوات فى كل مكان تحيط الأبناء أثناء وجودهم فى اللجان. بالسبحة والأذكار.. وفقهم يارب أمام البوابات الضخمة لبعض اللجان، وقفت العديد من الأمهات ممسكات بالأذكار والأدعية الدينية والسبحة لتعانق السماء دعواتهن للطلاب، فمن الصباح الباكر وقبل فتح اللجان بحوالى ساعة كاملة حرصت الأمهات على مرافقة أبنائهن، والوجود معهم أثناء المراجعة للمرة الأخيرة على المادة قبل الدخول للجنة.. «قلبنا معاهم، الولاد تعبوا وربنا مايضيعش تعبهم»، بنبرة سكنها القلق قالت «رحمة حسين» تلك الكلمات، مؤكدة أنها منذ سنوات طفولة أولادها وهى تقف نفس الوقفة أمام لجنة الامتحانات للاطمئنان عليهم، فلديها توأم فى الشعبة الأدبية. مع مرور الوقت تتوافد الأمهات وأبناؤهن أمام اللجان، فتتحول بوابة المدرسة وكأنها حائط للتبرك، أو مكان للتزاور والدعاء، كل أم بدأت فى التركيز والاقتراب من بوابة المدرسة والدعاء، وقول بعض الآيات لتيسير الامتحان، بينما جلست الكثيرات على الأرصفة المواجهة للجنة يحملن بين أياديهن المذكرات، أثناء دخول الطلاب اللجان. صباح وإبراهيم.. «قط وفار» طول السنة على أحد الكراسى المقابلة للجنة الامتحانات، جلست الأم «صباح» وشقيقتها فى انتظار ابنها «إبراهيم» داخل اللجان، جاءت من الساعة الثامنة صباحًا لتجلس بذلك الشكل.. «أنا وإبراهيم طول السنة قط وفار»، كلمات بدأت بها الأم حديثها عن تفاصيل العلاقة بينها وبين ابنها «إبراهيم» طوال العام الدراسى، حيث إصراره على تضييع الوقت، خاصة فى شهر رمضان «بيصمم ينزل يجيب سحور، وخدى على كده 4 ساعات يضيعوا من اليوم». وسط ضحكات من الأمهات المحيطات بها، ابتسمت «صباح» وعبرت عن التعب الذى تقابله كل أم خلال رحلتها مع تعليم أبنائها، حتى يصلن لتلك اللحظة واجتياز امتحانات الثانوية العامة بنجاح.. «لو الامتحان حلو هنفطر ونتبسط، ولو مش كده نفسنا هتتسد»، هكذا عبرت الأم عما سيسير عليه يومها المتوقف على طبيعة الامتحان الذى يؤديه ابنها. ماجدة أخذت أسبوع إجازة من الشغل من أجل عيون ابنها أحمد «كل ما أخرج من البيت أرجع ألاقيه بيتفرج على المسلسل، فأخدت أسبوع إجازة من الشغل»، هكذا وصفت «ماجدة» طبيعة معاناتها مع ابنها «أحمد» خلال مذاكرته فى الأيام الأخيرة، حيث حصلت على إجازة لمدة أسبوع من عملها، وجاءت من الساعات الأولى للصباح لتنتظره أمام اللجنه، جلست مع ابنتها وأخواتها وبعض الأمهات بالرغم من رفض ابنها مجيئهن لانتظاره، معلقة: «إحنا جايين من وراه، قالنا هو أنا صغير هتيجوا تستنونى؟». وعبرت «ماجدة» لـ«انفراد» عن مناشدتها للقائمين على التعليم فى مصر ضرورة معرفة ما يتناسب مع الأبناء وينمى قدراتهم، مضيفة: «الدروس شبح بيطاردنا مش عارفين نهزمه»، وعن الأجواء فى منزلها تقول «ماجدة» إنها كانت حريصة على وجود الهدوء فى المنزل من أجل التركيز، بالإضافة لتجنب التوتر والقلق الذى يصيب الطلاب فى مثل تلك المواقف. «منى» رحلة 10 سنوات مع الأرصفة أمام اللجان بهيئة أم مصرية بسيطة اعتادت منى على الجلوس أمام تلك اللجنة بحى وسط البلد، حتى كونت صداقات مع الأمهات، وأصبحت بينهن علاقات إنسانية أخرى، تقول: «بقالى 10 سنين بقعد نفس القعدة قدام اللجان مفيش حاجة بتتغير فى الثانوية العامة، والمصاريف بتزيد علينا»، هكذا عبرت «منى» عن استيائها من تفاصيل رحلة أبنائها مع الثانوية العامة التى ترهقهم بالمصاريف، والقلق والتوتر على مدى العام بأكمله، بحسب قولها. تنصرف «منى» بنظرها للجالسات بجوارها، واللاتى أصبحن صديقاتها مع مرور الوقت، يسردن مواقفهن مع أبنائهن فى رحلة المذاكرة والهروب منها، مطلقات الضحكات التى تنتهى بدعوات بالنجاح والتوفيق لأبنائهن داخل اللجان.