تسلط الأضواء العالمية على النشاط الواضح لتنظيم داعش الإرهابى فى الشرق الأوسط، سواء فى سوريا والعراق أو فى ليبيا، لكن فى بلد بعيد عن المنطقة يثير التنظيم موجة جديدة من العنف فى سعيه لإيجاد موطئ قدم له فيها.
ففى أفغانستان، هذا البلد الذى لم تنطفئ فيه نيران الحرب بعد، يجدد مسلحو داعش ومعهم مسلحى طالبان موجة العنف الشديد التى لم تخبو آثارها، فيما يوصف بأنه صراع جديد بين طالبان وداعش على السلطة فى البلاد.
وقد تجلت الأحداث المتسارعة فى أفغانستان بسلسلة من التطورات التى وقعت خلال الأيام الماضية، ففى يوم الاثنين الماضى، أعلن المتحدث باسم حاكم إقليم نانكارهار شرقى البلاد عن مقتل 67 مسلحا ينتمون لتنظيم داعش فى غارات جوية على الإقليم نفذها سلاح الجو الأفغانى، وفى نفس اليوم وقع انفجار بسيارة مفخخة يقودها انتحارى قرب مطار كابول استهدف قافلة لحلف شمال الأطلنطى.
وقبلها بيوم، وتحديداً يوم الأحد، قام أفراد ميليشيا محلية موالية لأحد المشرعين من أصحاب النفوذ بقطع رؤوس أربعة من مقاتلى تنظيم داعش ووضعوها على جانبى الطريق فى إقليم ننكرهار، فيما عكس تصاعد وحشية العنف فى القتال بين داعش وعدد من الجماعات منها ميليشيات محلية ومنها حركة طالبان أيضا، وقالت وسائل الإعلام إن أفراد الميليشيا التابعة لنائب رئيس البرلمان الأفغانى حاجى ظاهر يقاتلون مسلحى طالبان وداعش فى المنطقة.
إذن يبدو الأمر أن حربا جديدة تبرز فى أفغانستان تتعدد أطرافها، فحركة طالبان تقابل القوات الأجنبية وتنظيم داعش، والأخير يقاتل ميليشيات محلية بدأت فى استعراض قوتها تعرف باسم "الانتفاضة"، بينما تواجه القوات الأمريكية وقوات الناتو كل هؤلاء، وقد دفعت أحداث العنف المتلاحقة هذه قائد بعثة حلف شمال الأطلسى والقوات الأميريكية فى أفغانستان الجنرال جون كامبل فى مقابلة نشرتها صحيفة "يو أس إيه توداى" أمس الثلاثاء، للتأكيد أنه لن يتوانى فى طلب إرسال مزيد من القوات الأمريكية لأفغانستان إذا ما وجد ذلك ضروريا.
وقال الجنرال كامبل: "إذا وجدت أنه ليس بإمكاننا أداء مهام التدريب والمشورة والمساعدة ومكافحة الإرهاب الموكلة إلينا، يتعين على عندها أن أرجع إلى رؤسائى وأن أقول لهم هذا ما احتاج إليه"، وأضاف قائلا إنه إذا كان الأمر يتعلق بمزيد من الجنود فهذا يعنى أنه يجب إرسال المزيد من الجنود، وأكد كابول أن نيته هى الإبقاء على أكبر قدر ممكن من الجنود الأمريكين فى أفغانستان "ولأطول فترة ممكنة".
ولم يكن هذا هو التصريح الأول من مسئول غربى حول إبقاء القوات المقاتلة فى أفغانستان. ففى مطلع الشهر الحالى، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسى ينس ستولتنبرج، إن الحلف سيبقى نحو 12 ألف جندى فى أفغانستان لعام اضافى فى 2016 لمنع تحول هذا البلد مرة جديدة الى ملاذ آمن للإرهابيين.
وكان من المقرر أن تنهى قوة "الدعم الحازم" التدريبية التابعة للحلف مهامها هذا العام، إلا أن النجاحات الميدانية التى حققتها حركة طالبان فى أفغانستان، وخصوصا سيطرتها مؤخرا لفترة وجيزة على مدينة قندوز الشمالية، دفعت الحلف الى إعادة التفكير.
وكان الرئيس الأمريكى باراك أوباما، قد أعلن فى أكتوبر الماضى بعد هجوم طالبان على قندوز أنه سيبقى نحو 10 آلاف جندى أمريكى فى أفغانستان لعام آخر لأن القوات الأفغانية "ليست قوية بما يكفى حتى الآن".
وقبل أسبوعين، اعتبر البنتاجون أن الأمن فى أفغانستان تدهور خلال الأشهر الستة الماضية مع ارتفاع فى عدد الهجمات التى يشنها المسلحون، وقد علقت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية على موجة الفظائع التى تشهدها أفغانستان، وقالت إنها تذكر بالحرب الأهلية التى شهدتها البلاد قبل عقدين والتى شارك فيها ميليشيات وفصائل من كافة الجماعات العرقية.