استعرضنا، من قبل، نبذة عن تاريخ مصر الكروى، من خلال كتاب "مصر وكرة القدم" للكاتب ياسر أيوب، وذلك تزامنًا مع فعاليات مسابقة كأس العالم فى روسيا، والتى صعدت فيها مصر للمشاركة بعد غياب 28 عامًا، وسردنا سبب وجود اللعبة فى مصر على يد الاحتلال الإنجليزى، واليوم نستكمل القصة التى تعرفنا أكثر على حكاية مباراة مصر وبريطانيا وأول ثمن يدفعه المصريون لمشاهدة اللعبة.
يقول الكتاب: كان من المتوقع أن تنتهى حكاية كرة القدم فى مصر، حتى قبل أن تبدأ، نتيجة قيام الحرب العالمية الأولى، فمصر التى شهدت عام 1913م، أول مسابقة كروية رسمية فى تاريخها، بعد أن أصبحت تملك أكثر من نادٍ فى القاهرة والإسكندرية، نظمت عام 1914م، أول مسابقة كروية للمدارس، تقيمها الحكومة وتشرف عليها، لذا لم تعد الكرة فى ذلك الوقت لعبة الصغار والتلاميذ والمهمشين وفقراء البيوت والشوارع والحوارى فقط، لكنها أصبحت لعبة الفرحة والدهشة والمتعة لكثيرين جدًا، بات عددهم يتزايد يومًا بعد يوم، ولم تعد تقتصر على فئة معينة أو أعمار محددة أو أماكن بعينها.
ويقول الكاتب الصحفى ياسر أيوب، إنه رغم بقاء السياسيين والمسئولين الكبار وباشوات القصور ودواوين الحكومة، غير مقتنعين تمامًا بقيمة كرة القدم والاعتراف بما باتت تملكه من شعبية واهتمام، إلا أنهم لم يعودوا يقاومونها، أو يمانعون أو يرفضون أن يلعبها أحد.
ويوضح كتاب "مصر وكرة القدم" أنه كان من المتوقع أيضًا أن يزيد عدد أندية الكرة فى مصر وملاعبها ولاعبيها وساحاتها، لكن قامت الحرب العالمية الأولى فى 1914م، وكان من الضرورى أن تسكت أية أصوات لكرة القدم وتتوقف مبارياتها، لكن الذى جرى وقتها، لم يكن بالضبط هو السيناريو الطبيعى والمتوقع، فالأصوات العاشقة لكرة القدم سكتت قليلاً فى بداية الحرب، لكنها سرعان ما عادت تصرخ بعشق الكرة والاحتياج لها.
ويشير الكتاب، إلى أنه بدلاً من أن تصبح الحرب العالمية الأولى، التى بدأت عام 1914 نهاية مبكرة جدًا لعلاقة الغرام بين مصر وكرة القدم، تحولت هذه الحرب الكبرى إلى دعوة كبرى للاعتراف بالكرة المصرية كلعبة أولى لكل المصريين.
ويسرد الكتاب حكاية المباراة التى خاضها المنتخب المصرى أمام الضباط والجنود البريطانيين، فى يوم 28 من شهر نوفمبر عام 1914، حيث أقيمت المباراة فى موعدها وعلى أرض نادى السكة الحديد، واشتهرت تلك المباراة باسم مباراة مصر وبريطانيا، وفازت مصر بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد لبريطانيا.
ويقول الكاتب ياسر أيوب، كانت تلك المباراة هى المرة الأولى التى يدفع فيها المصريون المال ثمنًا للفرجة على كرة القدم، ودفع الجمهور الذى حضر إما قرشين للفرجة على اللعبة وقوفًا، أو 5 قروش كاملة للفرجة جلوسًا على مقعد خيزران قريبًا من الملعب.