نشبت معركة داخل جماعة الإخوان المسلمين، بسبب المفكر السودانى الراحل حسن الترابى، إذ شن قيادات بالجماعة هجومًا عنيفًا عليه واتهموه بالكفر ووصفه بالضال، فى الوقت الذى رد فيه عدد من شيوخ الإخوان على هذا الهجوم ووصفوه بالغلو.
بداية المعركة داخل الإخوان بعد رحيل حسن الترابى الأسبوع الماضى، بعدما أصدر إبراهيم منير، نائب مرشد الإخوان بيانًا نعاه فيه، ووصفه بأنه أحد العلماء الذى فقدتهم جماعة الإخوان، وأنه أحد المجددين فى الدين وصاحب الأفكار المستنيرة، وهو ما أثار حفيظة عدد من قيادات الجماعة.
فيما نشر عمرو فراج، مؤسس شبكة رصد الإخوانية، شهادة عدد من نشطاء الإخوان، قالوا فيها إن حسن الترابى نصح مكتب إرشاد الجماعة فى بدايات 2012 بعدم الدفع بمرشح لرئاسة الجمهورية، ولكنهم رفضوا وأصروا على تصعيد شخصية للرئاسة، وهو ما أغضب الترابى من تصرفات قيادات الجماعة بمصر.
وشن وجدى غنيم، الداعية الإخوانى، هجومًا عنيفًا على حسن الترابى، واصفا إياه بالضال المضل، كما استنكر نعى إبراهيم منير نائب مرشد جماعة الإخوان له.
وقال غنيم فى تصريحاتٍ له عبر موقعه الرسمى، "حسن الترابى هو ضال مضل، وفوجئت بإبراهيم منير نائب مرشد الإخوان ينعى الهالك حسن الترابى، ويستشهد بآية (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) موجها رسالة لمنير: هل الترابى من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه؟".
وتابع: "بعض علماء السودان كفروا الترابى الذى أباح ارتداد المسلم عن الإسلام، وتقديم قول الكافر عن الرسول، وطعنه فى تفسير الرسول للقرآن، ودعوته للتجديد فى التراث، وتحاكمه مع الكفار فى الديمقراطية العلمانية وإلغاء الحدود الشرعية، وفتوته بأن لعب الكرة هو جهاد فى سبيل الله".
بينما رد يوسف القرضاوى، رئيس ما يسمى بـ"الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين" على اتهامات وجدى غنيم للمفكر السودانى، ووصفه بأنه أحد العلماء. وقال: "فوجئنا بفقد القادة والعلماء والدعاة والمفكرين، أحد من امتلأت حياتهم بالعلم والعمل، والدعوة والجهاد".
وأضاف القرضاوى، أن الترابى كان ممن رزقهم الله الهداية والتوفيق، يتعلمون فيعملون، ويعملون فيعلِّمون، وينشطون فى دعوتهم، باذلين أعمارهم وجهدهم فى سبيل رسالتهم التى آمنوا بها، "ومن هؤلاء أخونا الحبيب إلينا، الأثير لدينا، العزيز علينا، الرجل، العالم، المفكر، الداعية، الدكتور حسن الترابى". وقال القرضاوى، إن الترابى كان أحد رجالات الأمة العربية والإسلامية، وأحد رجالات الفكر والتربية والسياسة، على حد قوله.
وأعرب القرضاوى عن استيائه من حديث البعض عن الترابى "إنه ليس منا"، قائلا: "أنا أرى ذلك من الغلو المجافى للإسلام، فالدكتور حسن الترابى رجل لا ننكر فضله وجهوده فى الدعوة الإسلامية، وفى الحركة الإسلامية فى السودان، ولكنه ليس معصوما، ولديه شطحات فى بعض الأمور، ننكرها عليه جميعا".
وأوضح يوسف القرضاوى أنه اختلف مع الترابى فى مسائل عديدة، تحدث عنها فى بعض البرامج التليفزيونية، وضمنها الجزء الخامس من فتاواه، متابعا: "هذا لا يعنى إهمال الترابى وإغفال اجتهاداته، فقد ظل رجل السودان والعرب والمسلمين، وقد يختلف الناس حوله".
واستطرد القرضاوى: "الدكتور الترابى أحد إخوانى -وإن اختلفت معه فى بعض الأمور- وليس من أخلاقى أن أخاصم إخوانى.. الترابى اختلف وإخوانه فى عدد من القضايا الفكرية والسياسية، وساءنى ذلك كما ساء كثيرا من الإخوان فى أنحاء العالم العربى، وطالبنى الإخوة بأن أقود حركة من كبار الإسلاميين لمحاولة رأب الصدع، وتسوية الخلاف، وسافرنا وتعبنا كثيرا من أجل ذلك، ولكن لم نصل إلى موقف عملى يوحد الجميع، فتعصب كل من الفريقين حال بيننا وبين النجاح"، كما وصفه بأنه "الحسن الثالث، بعد حسن البنا الأول، وحسن الهضيبى الثانى".