فى حكم تاريخى للمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار يحيى خضرى نوبى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين نجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد النبى زاهر وعبد العزيز السيد نواب رئيس مجلس الدولة، يكشف عن منظومة الفساد تغلغلت منذ عدة عقود زمنية ماضية للاستيلاء على أراضى الدولة بالمليارات ولولا يقظة المحكمة لضاع على الدولة أهم حقوق الشعب فى التنمية والتقدم.
وقضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فيما قضى به من إلزام الدولة بتحرير عقد بيع للمطعون ضده عن قطعة الأرض بوادى النطرون بمحافظة البحيرة، والبالغ مساحتها (37000 فدان - سبعة وثلاثون ألف فدان) بسعر 1300 جنيه ألف وثلاثمائة جنيه للفدان، وبراءة ذمته من تحصيل مقابل المرافق العامة ومقابل الانتفاع، والقضاء مجددًا برفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.
وأكدت المحكمة، على مجموعة من المبادئ لحماية أراضى الدولة من الاستيلاء عليها من الغاصبين لها يكشف عن أكبر منظومة فساد فى الاستيلاء على أراضى الدولة وتعيد لها 37 ألف فدان قيمتها مليار و114 مليون جنيه مدفوع فيها 5 ملايين ونصف فقط! والمحكمة أثبتت الغش والتدليس بين المطعون ضده ورئيس الهيئة العامة لمشروعات لتعمير والتنمية الزراعية بعلم وزير الزراعة على قبول شيكين بـ5 ملايين ونصف فقط لمساحة 37 ألف فدان قيمتها مليار و114 مليون جنيه، وأن تقرير إدارة مكافحة جرائم الاختلاس والإضرار بالمال العام أثبت أن المطعون ضده تربح 61 مليون من تأجير ألاف الأفدنة لشركات أخرى وهو مغتصب لها، مشيرة إلى أن رئيس مجلس إدارة الهيئة يختلق واقعة البيع ويصدر 3 مكاتبات مختلفة للنيابة العامة والمحاكم وهو يعلم بالنزاع القضائى بين المطعون ضده مع الدولة لإيهام المحاكم أن الدولة شرعت فى بيع 37 ألف فدان وأن المطعون ضده استولى على 2358 فدانًا ضمن الـ37 ألف أراضى استراتيجية ذات أهمية عسكرية لا يجوز تملكها مخصصة لشئون أغراض الدفاع عن الدولة.
كما منحت المحكمة الهيئة أو القوات المسلحة الخيار بين إزالة البناء والمزروعات والمغروسات بالأرض أو استبقاء ما ترى استبقاؤه منها واعتباره ملكا للدولة، ولم تعتد المحكمة بمعاينة النيابة العامة عام 2010 لأن الاستصلاح جاء على خلاف ما حظره المشرع على أى شخص طبيعى أو معنوى أن يحوز أو يضع اليد أو يتعدى على أى جزء من الأراضى الصحراوية إلا بموافقة الدولة، مؤكدة على أن الغش يبطل التصرفات من القواعد الأساسية فى القانون المصرى والشرائع ولا يجوز أن يفيد منه فاعله منعًا للفساد.
كما أكدت المحكمة، على أن إجراءات لجنة إعداد الدولة للحرب بالأمانة العامة لوزارة الدفاع عام 2016 تضمنت استرداد أراضى الدولة برئاسة مساعد رئيس الجمهورية وعدم السماح بأى تعديات على مساحة الـ37 ألف فدان، وناشدت المحكمة الدولة فى أعلى مستوياتها محاسبة المسئولين الذين يسروا التمكين من 37 ألف فدان سنين عددا بالمخالفة الصارخة للقانون، حتى لا يأمن كل مسئول منحرف بسلطته من العقاب وينتشر الفساد ويسوم الفقراء سوء العذاب.
كما حكمت المحكمة فى أسباب الحكم عوضا عن المنطوق بإلغاء حكمين آخرين للقضاء الإدارى يتعلق بذات الأرض الأول بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الدعوى رقم 20128 لسنة 61 ق فيما قضى به فى الشق العاجل بوقف تنفيذ القرار رقم 774 لسنة 2007 الصادر من وزير الزراعة فيما تضمنه من إزالة التعدى على مساحة 37 ألف فدان بمنطقة وادى النطرون وما يترتب على ذلك من آثار، والقضاء مجددًا برفض طلب وقف التنفيذ، والثانى بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار بجلسة 28/9/2010 فى الدعوى رقم 21451 لسنة 64 ق فيما قضى به فى البند ثانيا منه وفى الشق العاجل بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية وفى البند ثالثًا وفى الشق العاجل بوقف تنفيذ القرارين السلبيين بالامتناع عن عن تحرير عقد بيع للشركتين المدعيتين للأرض المستصلحة والمستزرعة بمعرفتهما والامتناع عن تمكينهما من استكمال استصلاح واستزراع باقى المساحة والامتناع عن توصيل التيار الكهربائى إلى هذه الأرض وما يترتب على ذلك من أثار والقضاء مجددًا برفض طلبى وقف التنفيذ مع الزام المدعى بصفته مصروفات الشق العاجل من الدعوى.
بداية القصة :
رأس مال الشركتين 9 ملايين فكيف تستغل مساحة أرض قيمتها مليار و114 مليون جنيه والشركة تأسست عام 1997 وقدمت طلبها بعد 4 أشهر فقط لتقنين وضع يدها ولم يكن لها وجود قانونى لوضع اليد على مساحة 37 ألف فدان بوادى النطرون بحيرة.
وذكرت المحكمة، أن الثابت بالأوراق أن شركة لينة شركة مساهمة مصرية تأسست برقم 703 بتاريخ 18/4/1998 استثمار داخلى نشاطها استصلاح واستزراع الأراضى الصحراوية والبور وتربية جميع أنواع الماشية المنتجة للحوم وتربية جميع أنواع الدواجن ومقرها مدينة العاشر من رمضان الشرقية وتعمل فى منطقة وادى النطرون ورأسمالها المرخص (4) مليون جنيه أربعة ملايين فقط، ويرأس مجلس إدارتها المطعون ضده إبراهيم الدسوقى محمد محمد البنا مع أفراد أسرته،وأن شركة وادى الوشيكة شركة مساهمة مصرية تأسست برقم 495 استثمار داخلى فى ذات نشاط ومقر شركة لينة، ورأسمالها المرخص (5) ملايين فقط سجل تجارى رقم 2587 استثمار الإسماعيلية وساهم فى رأسمالها المدعو/ زياد سعود الخفيف وآخرين وبتاريخ 24/8/2008 تم نقل ملكية الأسهم إلى المطعون ضده وعائلته وهم زوجته سامية محمد لطفى مصطفى عبد الله وأبنائه خالد وأمل وأحمد ومحمد وحسين ومها إبراهيم الدسوقى محمد محمد البنا الذى رأس مجلس إدارتها.
وبتاريخ 24/8/1997 – أى بعد إنشائها بأربعة أشهر فقط إذ لم يكن لها وجود قانونى قبل تأسيسها مما يقيم قرينة قاطعة على عدم وجود وضع اليد - تقدمت شركة لينة بطلب لشراء قطعة أرض صحراوية قابلة للزراعة بمساحة 15000 خمسة عشر ألف فدان بناحية وادى النطرون بمحافظة البحيرة وهى مساحة ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ضمن خطة الاستصلاح والاستزراع حتى عام 2017 ووردت موافقة الرى والمناجم والمحاجر على تلك المساحة موافقة هيئة عمليات القوات المسلحة على مساحة 14785 فدانًا وعدم موافقتها على مساحة 215 فدانًا.
وبذات تاريخ 24/8/1997 تقدمت شركة وادى الوشيكة – تحت التأسيس حينذاك أى أنه بعد إنشائها بأربعة أشهر فقط لم يكن لها وجود قانونى وقت تقديم طلب تأسيسها مما يقيم قرينة قاطعة على عدم وجود وضع اليد – بطلب لشراء قطعة أرض صحراوية قابلة للزراعة بمساحة 15000 خمسة عشر ألف فدان بناحية وادى النطرون بمحافظة البحيرة وهى مساحة ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ضمن خطة الاستصلاح والاستزراع حتى عام 2017.وبتاريخ 15/12/1999 تقدم المطعون ضده – وهو رئيس مجلس إدارة الشركتين المطعون ضدهما - بطلب متضمنًا أن المساحة محل الطلب الموقع على الخرائط 22000 فدان وليست 15000 فدان ووردت موافقة المناجم والرى على مساحة 15000 فدان موافقة القوات المسلحة على مساحة 19856 فدانًا و19 قيراطًا.