اللوم الذى وجهه الرئيس الأمريكى أوباما لكل من بريطانيا وفرنسا على خراب ليبيا، وإسقاط القذافى بلا خطط، إعادة لتصريحات سابقة اعترف فيها ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، وأوباما، بأنهما أخطآ عندما أسقطا القذافى دون خطة أو تصور، وأنهما فتحا الباب للفوضى.
الجديد هو تصريحات أوباما التى نُشرت الأسبوع الماضى فى «ذى أتلانتيك» التى اعترف فيها بتخريب ليبيا، ودخولها فى الفوضى، وأن بريطانيا وفرنسا هما من فتحتا الباب للميليشيات، وأيضًا توطن وتوسع تنظيم داعش الإرهابى، وهى ليست المرة الأولى التى يعترف فيها الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وأيضًا مسؤولون بريطانيون بحلف شمال الأطلنطى اعترفوا بأنهم أخطأوا عندما ركزوا على إسقاط نظام معمر القذافى فى ليبيا دون دعم حل سياسى يخلق بدائل، وأن هذا أدى للفوضى.
كل هذه الاعترافات تثبت أن التدخل بالقوة هو ما يصنع الفوضى، ومع هذا هناك دول إقليمية، وقوى دولية تدفع نحو الحرب فى سوريا، بينما المطلوب هو التهدئة، وترك الأمر للحل السياسى، لأن كل الدلائل تشير إلى أن السلاح لن يحل شيئًا، بل هو يزيد الموقف تعقيدًا، وأنه لا يوجد مهزوم ولا منتصر.
مصر دائمًا تطالب بفك الحظر الدولى عن تسليح الجيش الليبى، لكن الدول الكبرى تعارض، وهو ما يكشف حجم التناقض بين التصريحات وادعاءات المعرفة، وبين الواقع.
أوباما يعترف بأن ليبيا فى فوضى، لكنه لا يشجع على تسليح الجيش الوطنى الليبى، كما أن مصر تحذر طوال الوقت من ترك التنظيمات الإرهابية تتوسع دون ردع، كما تدفع القاهرة فى اتجاه أبعاد الحرب فى سوريا، أو حتى التدخلات التى تهدم الدولة، وتضعها فى خضم الصراع الإقليمى، بما يعرضها للفوضى والتقسيم، أو على الأقل تفتح باب الفوضى فى سوريا، وتتركها نهبًا للميليشيات والتنظيمات الإرهابية، وهو أمر يشغل بال السوريين الذين يرفضون أن تبقى سوريا نهبًا لقوى ومصالح، وتتعرض للمزيد من التفكيك.. مصر تدفع نحو بناء سياسة تقوم على التوازن، وإدراك تحديات الأمن القومى، مع تأكيد استحالة حل مشكلات المنطقة دون القضاء على الإرهاب، ومراعاة مصالح الشعوب، وليس فقط مصالح الدول الكبرى، أو استعراضات الدول الإقليمية الطامعة إلى اقتسام سوريا، واقتطاع أجزاء منها لصالح التنظيمات الإرهابية، أو إثارة النعرات الطائفية، مع اتجاه تنظيم داعش لانتزاع مساحات من العراق وسوريا لإقامة دولة.
وإذا كان هذا هو الوضع فى ليبيا، فإن الأولى ألا يتم تكرار الحل العسكرى فى سوريا، والموقف المصرى تجاه قضايا المنطقة واضح، أننا لا نحتاج إلى الحرب بقدر ما نحتاج إلى السلام والتعايش بين الاتجاهات والمذاهب، ولهذا الموقف المصرى واضح.. وقف التدخلات، والتوجه لحل سياسى تحتاجه سوريا أكثر مما تحتاج الحرب.