تعانى تونس من أزمة اقتصادية طاحنة، حيث تشهد البلاد انخفاضاً كبيراً فى قيمة العملة المحلية منذ بداية 2016، وانخفض الدينار مقابل العملتين الرئيستين اليورو والدولار، حيث فقد الدينار 13% من قيمته مقابل اليورو، و7.6% مقابل الدولار.
ورغم الأزمات، إلا أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه تونس بدأ يؤتى ثماره، حيث تراجعت معدلات التضخم من 7.7% خلال إبريل الماضى، لتسجل 7% خلال أغسطس، وسط توقعات باستمرار التراجع فى ظل تطبيق خطوات الإصلاح من قبل الحكومة التونسية.
وسجل عجز الميزان التجارى ارتفاعا كبيرا خلال الربع الثانى من عام 2018، حيث بلغ 12.6 مليار دينار تونسى ما يعادل 5.3 مليارات دولار، مما جعل البنك المركزى التونسى يتخذ قرار برفع سعر الفائدة فى مارس الماضى من 5% إلى 5.75%، فى محاولة منه للسيطرة على الأوضاع فى البلاد، ومواجهة تراجع العملة وارتفاع التضخم.
تونس والأحتياطى النقدى الأجنبى
ويواصل الاحتياطى النقدى الأجنبى فى تونس النزيف الحاد، خاصى بعد توقعات بمزيد من الانهيار فى قيمة العملة المحلية، حيث بلغت الاحتياطيات الأجنبية من عملات وذهب بداية سبتمر 2018 حوالى 4.6 مليار دولار، وهو ما يكفي لتمويل واردات البلاد لفترة 78 يوما فقط، وهو ما يعتبره البعض معدل خطر، ويجب على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة لعدم السقوط فى شباك الإفلاس.
تونس وصندوق النقد
واتفقت الحكومة التونسية مع صندوق النقد الدولى، على القيام بعدد من الإصلاحات الاقتصادية التى أقرها الصندوق، مقابل الحصول على قرض يبلغ 2.8 مليار دولار على 4 سنوات، تبدأ من 2016 وتنتهى فى 2020، واستلمت تونس الدفعة الأولى من القرض فى أبريل 2016 بقيمة 350 مليون دولار، بينما استملت الدفعة الثانية فى عام أبريل 2017 بقيمة 350 مليون دولار، والدفعة الثالثة فى مارس 2018 بقيمة 260 مليون دولار والدفعة الرابعة فى يوليو 2018 بقيمة 260 ومن المنتظر استلامها للدفعة الخامسة خلال الساعات القليلة القادمة، أو فى مطلع أكتوبر على أقصى تقدير، والتى ستكون بقيمة 250 مليون دولار، يتم تسليمها بعد مراجعه من قبل لجنة خاصة من الصندوق.
واشترط الصندوق على تونس اتخاذ عدة قرارات إصلاحية، فى محاولة منه للسيطرة على عجز الموازنة، وإنهيار العملة المحلية، ومن أهم تلك الإجراءات الحد من ارتفاع الأجور فى البلاد، ورفع الدعم على المحروقات والطاقة، وهو الأمر الذى لاقى انتقادات كبيرة داخل الحكومة والشارع التونسى، بالإضافة إلى دعوة الصندوق إلى تقليل الواردات التونسية.
وأشاد الصندوق بالإجراءات التى اتخذتها السلطات التونسية للحد من الواردات غير الأساسية حتى نهاية ديسمبر 2018، بمنع استيراد عدد من السلع والتى بلغت حوالى 220 منتجاً، من بينها عدد من المواد الغذائية مثل أنواع من الأسماك والأجبان والفواكه، إضافة إلى العطور وبعض الأجهزة الكهربائية مثل آلات التكييف.
الحكومة ترفع أسعار المحروقات
وقامت الحكومة التونسية برفع أسعار المحروقات 4 مرات منذ بداية 2018، حيث شهد شهر يناير الزيادة الأولى بقيمة 50 مليما على البنزين، بالإضافة إلى زيادة بقيمة 300 مليم فى سعر انابيب بوتجاز المنازل، وجاءت الزيادة الثانية فى 31 مارس 2018، بقيمة 50 مليم على جميع المحروقات، وجاءت الزيادة الثالثة فى يونيو، بقيمة 75 مليما على جميع أنواع المحروفات، وأخيرا الزيادة الرابعة فى شهر سبتمبر الحالى بقيمة 60 مليما على جميع المحروقات، معلله ذلك بسبب الارتفاع المتواصل لأسعار النفط ومشتقاته العالميّة، حيث بلغ سعر النفط الخام خلال الربع الثالث من هذه السّنة حوالى 75 دولارا للبرميل.
يذكر أن صندوق النقد الدولي كان قد دعا الحكومة التونسية إلى التخفيض من دعم الطاقة عن طريق إجراء 4 زيادات سنوية في أسعار الطاقة المحليّة تمشيّا مع أسعار النفط العالمى.
التوقعات
وتوقع صندوق النقد الدولى أن يتسارع النمو الاقتصادى فى تونس نتيجة للإصلاحات الاقتصادية إلى ما بين 3% إلى 3.5% العام القادم، مرتفعا عن العام الحالى الذى كان 2.9 % ، مدفوعا بتعافي صناعة السياحة وتوسع القطاع الزراعى، وتهدف الحكومة إلى خفض العجز في ميزانيتها إلى 3.9 % من الناتج المحلى الإجمالى العام القادم.
وتنتظر تونس الحصول على قرض من البنك الدولى بقيمة 500 مليون دولار بخلاف قرض صندوق النقد، وذلك بعد مراجعة وموافقة الاخير على الإجراءات التى تتبعها الحكومة، فيما أعلنت بعض المصادر أن تونس ستبيع سندات بقيمة مليار دولار أوائل الشهر القادم بعد موافقة الصندوق.
من جهة آخرى، تعانى الحكومة التونسية العديد من الانقسامات وسط توقعات بإجراء تعديل وزارى وشيك، خاصة فى ظل الخلافات القائمة بين رئيس الوزراء الشاب يوسف الشاهد، والحزب الحاكم "نداء تونس" الذى كان عضواً فيه ، قبل أن تحتدم الخلافات بين قادة الحزب ورئيس الوزراء.