"الدولة معنية ببناء كنيسة فى كل مجتمع جديد حتى القديمة، لأن لهم الحق فى العبادة كما يعبد الجميع، ولو احنا عندنا ديانات أخرى سنبنى لهم دور عبادة، ولو عندنا يهود هانبنلهم، لأن ده حق المواطن فى عبادة كما يشاء، أو لا يعبد لأن ده موضوع منتدخلش فيه"، كلمات قالها الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال جلسة "دور قادة العالم فى بناء واستدامة السلام"، بمنتدى شباب العالم.
حرية العبادة لغير المسلمين أمر من ثوابت الدين
وثمن علماء الدين من الأزهر الشريف كلمة الرئيس بخصوص هذا الأمر حيث أكد الدكتور جمال فاروق عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر، أن ما تحدث به الرئيس هو من الأمور الواضحة، فكل مواطن له حرية عبادة ما يشاء والله سبحانه وتعالى هو الذى سيحاسب الناس فى الآخرة والدين الحق واضح والله أقام البراهين على الدين صحيح .
الدكتور عبد المنعم فؤادعميد كلية العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر
ومن جانبه قالالدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية بجامعة الأزهر، إن بناء الكنائس وحرية العبادة أمر من ثوابت الدين والإسلام يدعو لحرية العبادة والاعتقاد ويحترم من يعتقد اعتقادا خاصا، طالما هو اعتقد ذلك، ولدينا سورة فى القرآن تبين هذا البند العظيم من بنود الدستور الإسلامى إن صح التعبير وهى "لكم دينكم ولى دين"، وحرية الاعتقاد أيضا "لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى"، أما بالنسبة لبناء الكنائس، فلا يوجد مانع شرعى يمنع بناء الكنائس، بل بالعكس إن المساجد فى حمايتها تأتى بعد الكنائس وأصحاب العبادات الأخرى، فيقول تعالى "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز".
الإسلام أمرنا بحماية الكنائس قبل المساجد
وأضاف فى تصريحات خاصة أن الله كلف المسلم أن يحمى المعبد الذى يعتنقه الآخرون قبل المسجد الذى يدخله هو ونحن نرى أن التاريخ يثبت أن بناء الكنائس وكثرتها حتى فى مصر ما كانت هذه الكثرة إلا فى ظل الإسلام والحكام الذين عرفوا أن الإسلام لا يمنع من ذلك على الإطلاق، بل من أدبيات الإسلام أن المسلم إذا تزوج غير مسلمة يذهب بها إلى مكان عبادتها وينتظرها حتى تعود مرة أخرى ولا يتدخل فى ذلك، بل يساعدها فى ذلك الأمر وفقهاء الإسلام قالوا هذا، بالإضافة إلى أن هذه عملية تخضع للقانون وولى الأمر، فهو الذي يري ما يفيد العباد والبلاد، والوثيقة العمرية تؤكد الحفاظ على الكنائس وإعطائهم حقوقهم فهذه أمور مسلم بها فى الشريعة الإسلامية.
وعلى الجانب الآخر أجاب الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية على سؤال عن حكم بناء الكنائس، حيث قال إن الإسلام دينُ التعايش، ومبادئه تدعو إلى السلام، وتُقِرُّ التعددية، وتأبى العنف؛ ولذلك أمر بإظهار البر والرحمة والقسط في التعامل مع المخالفين في العقيدة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾، ولم يجبر أحدًا على الدخول فيه، بل ترك الناس على أديانهم، وسمح لهم بممارسة طقوسهم؛ حتى أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفد نصارى نجران على الصلاة في مسجده الشريف؛ بل ورد النص القرآني بالمحافظة على دور عبادة أهل الكتاب، وضمن لهم سلامتها، وحرَّم الاعتداء بكل أشكاله عليها، وجعل جهاد المسلمين في سبيل الله سببًا في حفظها من الهدم وضمانًا لسلامة العابدين فيها؛ فقال تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا﴾.
مفتى الجمهورية: يجوز شرعًا بناء دور عبادة للمسيحيين واليهود
وأضاف أن إقرار الإسلام لأهل الكتاب على أديانهم وممارسة شعائرهم يقتضي إعادتها إذا انهدمت، والسماح ببنائها، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين عبر تاريخهم وحضارتهم منذ العصور الأولى المفضَّلة وهلم جرًّا.
وما قاله جماعة من الفقهاء بمنع إحداث الكنائس في بلاد المسلمين: هي أقوال لها سياقاتها التاريخية وظروفها الاجتماعية المتعلقة بها؛ حيث تعرضت الدول الإسلامية للحملات الصليبية التي اتخذت طابعًا دينيًّا يُغَذِّيه جماعة من المنتسبين للكنيسة آنذاك، مما دعا فقهاء المسلمين إلى تبني الأقوال التي تساعد على استقرار الدولة الإسلامية والنظام العام من جهة، ورد العدوان على عقائد المسلمين ومساجدهم من جهة أخرى ولا يخفى أن تغير الواقع يقتضي تغير الفتوى المبنية عليه،وبناءً على ذلك فإنه يجوز شرعًا بناءُ الكنائس في مصر، وفقًا للقوانين المصرية المنظمة لذلك.