الاتحاد الأوروبى.. وسياسة القفز من السفينة!.. أزمة اللاجئين وسياسة منطقة اليورو أسباب تفرق الدول الأوروبية.. بريطانيا تنتظر استفتاء مصيريا حول عضويتها.. وأزمة اليونان تدق ناقوس الخطر ولم ينتبه أحد

لأعوام طويلة أبهر الاتحاد الأوروبى العالم بقدرته على التماسك، وسير أعضائه الـ 28 فى اتجاه واحد لكن فى الفترة الأخيرة ظهرت بوادر خلاف وتنافر بين الأعضاء إلى حد جعل التكهنات تدور فى فلك تفكه، خاصة أن الوضع الحالى للكيان يؤكد أن كثرة الأيدى أصبحت تًزيد الأعباء و بمعنى آخر أن الوحدة والتعاون لم تعد مجدية ومفيدة للجميع مثلما مضى، والدليل طرح بريطانيا استفتاء حول مصير عضويتها بالمؤسسة القارية فى 23 يونيو القادم فى ظل وجود أصوات مؤيدة للانسحاب.

مع ظهور الأزمة الاقتصادية الحادة وصولا إلى أزمة تدفق اللاجئين على القارة العجوز خصوصا النازحين من الشرق الأوسط بدأت الخلافات تزيد بين أعضاء الاتحاد الذى كان متمسكًا إلى أن زادت الأعباء التى يُحاول الجميع فى الوقت الراهن التخلص منها، وإن أضطر إلى القفز من السفينة. فى 21 فبراير الماضى، أعلن رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، على أن استفتاء سيُجرى على عضوية بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى فى التاريخ المذكور سابقا، موضحا فى تصريحات نقلتها "سى إن إن" أنه سيدعم بقاء بريطانيا فى الاتحاد بعد التوصل إلى اتفاق مع قادة الاتحاد فى بروكسل.. ووجه رئيس الوزارء البريطانى رسالة إلى شعبه قائلا: "يجب أن أكون واضحا الانسحاب من الاتحاد الأوروبى يهدد الاقتصاد الأمن القومى.. إنها قفزة إلى المجهول".

وتعود تحركات بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لأسباب متعددة أبرزها التخوفات الإنجليزية من دول منطقة اليورو وسيطرتهم على مجريات الأمور بالاتحاد، خاصة فى ظل معاناته من ضعف التنافسية، التى تفاقمت بعد أزمة قروض منطقة اليورو الأخيرة، التى تسببت فى أزمة كبيرة للاقتصاد الأوروبى حينها.. وتبلورت أزمة بريطانيا فى سيطرة ما سُمى بـ"الاتحاد النقدى" على معظم القرارات داخل الاتحاد الأوروبى، التى رفضت بريطانيا الدخول فيه لرؤيتها بأنه ليس مفيدا لمصالحها الاقتصادية، وغير فعال فى حركة النمو الاقتصادى بالمقارنة مع اقتصادات مثل الصين والهند التى ترتفع أسهمها يوما بعد يوم.

ويُشار إلى أن هناك دراسات حذرت من تبعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى على اقتصادها وبالتحديد على البنوك وشركات الاستثمار بشكل كبير وسلبى خاصة مع فرض قيود جديدة على نشاط تجارى عبّر الحدود.. وفى 24 فبراير الماضى، حذر رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، تونى بلير من أن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبى قد تؤدى إلى تفكك المملكة المتحدة.

وبحسب صحيفة "ديلى ميل" البريطانية فإن بلير توقع أن يُطالب الحزب القومى الأسكتلندى بإجراء استفتاء آخر على الاستقلال عن المملكة المتحدة إذا غادروا الاتحاد ضد إرادتهم، مضيفا إن الخروج من التكتل الأوروبى "له عواقب على مستقبل بريطانيا نفسها" لأنه سيغير تماما من النظرة حول استقلال أسكتلندا.

ورغم التحذيرات من خطورة الانسحاب البريطانى من الاتحاد الأوروبى، لكن الوضع لم يحسم بين المواطنين الذين سيصوتون فى الاستفتاء خاصة أنه هناك العديد من الشخصيات البارزة تؤيد خطوة الانسحاب أبرزهم عمدة لندن بوريس جونسون.

ونقطة أخرى تزيد الوضع تعقيدا تتمثل فى أن الجانب الاقتصادى ليس الخلاف الوحيد بين العاصمة لندن والاتحاد الأوروبى تتركز أغلبها حول حركة الهجرة الوافدة من الدول الأوروبية، وقدرة بريطانيا على فرض سيطرتها على حدودها.. مع العلم بأن أزمة الهجرة تُعد من أخطر الأزمات التى تؤرق المجتمع الإنجليزى الذى يؤمن بأن كثرة المهاجرين أثرت على حياة السكان الأصليين وعلى مستوى المعيشة والنسيج الاجتماعى، حيث تُعانى أوروبا من أزمة كبيرة حاليا بتدفق أعداد اللاجئين من الشرق الأوسط مما يزعج العديد من قادة الدول الأوروبية خصوصا أن تلك الأزمة تُعد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن أغلبية هؤلاء المهاجرين يصلون إليها عبّر تركيا لذا يحاولوا الاتحاد الأوروبى لتوصل إلى اتفاق مع الأخير من أجل التخفيف من وطأة الأزمة.

ويبدو أن الاتحاد الأوروبى غير قادر على التوصل لاتفاق بين أعضائه وليس مع تركيا فقط، فالخلافات مازالت تحتدم بين قادة القارة العجوز والدليل أنه فى 3 مارس، هددت فرنسا بريطانيا بأنها ستسمح لآلاف المهاجرين بالتدفق إليها إذا وافق البريطانيون على الانسحاب من الاتحاد الأوروبى، وذلك على لسان وزير الاقتصاد الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى أكد فى تصريحات لصحفية "فاينانشال تايمز" على مخيم المهاجرين فى بلدة كاليه الساحلية بشمال فرنسا والمعروف بـ"الغابة"، ربما ينتقل إلى جنوب انجلترا إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد.

وأشار وزير الاقتصاد الفرنسى إلى أن خروج بريطانيا سيدمر اتفاقا حدوديا يوقف تحرك المهاجرين فى فرنسا، بينما فى 4 مارس الجارى ناشدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، فى تصريحات نشرتها صحيفة راين تسايتونج" لتبنى دول الاتحاد الأوروبى موقف موحد حيال اللاجئين، وتجاوز الخلافات فيما بينهم، مشددًا على أنه بات ضروريًا التوصل إلى حل لأزمة اللاجئين فى قمة الاتحاد الأوروبى مع تركيا التى تستضيف ما يقرب من 2.5 مليون لاجئ سورى وعراقى.

مفاجأة غير سارة للقارة الأوروبية تمثلت فى أن الاتحاد الأوروبى وتركيا فى قمة عقدها الطرفان فى العاصمة البلجيكية بروكسل اتفاقا على مبادىء عريضة لخطة تستهدف حدة أزمة الهجرة.. لكن الطرفين لم يتمكنا من التوصل خلال قمتهما الطارئة إلى قرار نهائى بشأن الخطة التى اقترحها رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، وذلك وفقا لما نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" فى 8 مارس، مضيفة حول احتمالية استئناف المحادثات بين الجانبين التركى والأوروبى قبل القمة الأوروبية المرتقبة خلال الشهر الجارى.

احتمالية عدم التوصل لاتفاق نهائى بين تركيا والاتحاد الأوروبى ربما يفتح الباب نحو تجدد الخلافات القديمة منها مصير الاتفاقية شينجن التى تقضى بحرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبى، التى بات استمرارها مهددا منذ تفجيرات باريس الأخيرة، وما أعقبها من تنامى للأصوات المؤيدة لاقتراحات تقضى بتعليق العمل بالتأشيرة لمدة عامين وفقا لإجراءات الطوارئ، مع الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس حذر من أن أزمة اللاجئين والمهاجرين ربما تُدمر الاتحاد الأوروبى بالكامل!.

وفى ظل غياب الحلول العملية لأزمتى اللاجئين وضعف الاقتصاد الأوروبى فإنه إذا أقدم الشعب البريطانى وأيد الانسحاب من الاتحاد الأوروبى يتوقع العديد من الخبراء أن الباقية ستأتى فى ظل وجود خلافات بين القادة الأوروبين والمثل يتضح فى رفض الشعب الدنماركى فى 4 ديسمبر الماضى التعاون الأمنى مع الاتحاد الأوروبى وبررت الأغلبية اتجاها بتهديد الاتحاد الأوروبى سيادة بلادهم بشأن مسألة الهجرة خاصة أن حالة من القلق كانت تسيطر على الشعب الدنماركى من خطط توزيع حصص المهاجرين بين دول الاتحاد.

وتُبرز المخاوف من تفكك الاتحاد الأوروبى فى الوقت الحالى من أى وقت مضى، وبالتحديد منذ تفاقم أزمة تواجد اليونان من عدمها فى منطقة اليورو، وحالة الرعب التى تسيطرت على عدد من الدول الأوروبية من خروج كارثى لأثينا من العملة الموحدة.

وحينها علقت سكاى نيوز على الوضع بأن وقوف صقور المال الألمان فى وجه الحمائم بقيادة فرنسا فى القمة الـ19 لزعماء منطقة اليورو فى بروكسل.. فى إشارة إلى موقف ألمانيا المطالب بالخروج المؤقت لليونان من منطقة اليورو وفى المعسكر المضاد وقفت فى فرنسا فى جانب تأييد بقاء أثينا فى المنطقة.. وقتها أيقن الجميع بأن الأزمات ستتوالى على منقطة اليورو فى ظل اختلاف أكبر معسكريين اقتصاديين به.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;