أعلنت رئاسة الوزارء اليوم عن تعديل شمل 10 حقائب وزارية فى الولاية الثانية للمهندس شريف إسماعيل لتُصبح تلك الحكومة رقم "124" منذ تولى نوبار باشا المسئولية عام 1878 كأول رئيس للوزارء فى تاريخ مصر، وينتظر الجميع ما سيقدمه الوافدون الجدد على مقر المجلس الكائن بشارع القصر فى منطقة وسط القاهرة، لاسيما أن البلاد تحتاج إلى أصحاب الحلول المبتكرة لمعالجة أزمات عمرها يعود إلى عقود طويلة.
المهندس شريف إسماعيل أجرى تعديلا على 10 وزارات فى حكومته التى بدأت عملها فى 19 سبتمبر الماضى خلفا للمهندس إبراهيم محلب على أمل تحسين الأداء فى الملفات التى يرى فى أداء المسئولين عنها قصور، وشمل التعديل كلا من جلال السعيد وزيراً للنقل، وداليا خورشيد وزيرة للاستثمار، وخالد العنانى وزيراً للآثار، وعمرو الجارحى وزيراً للمالية، ويحيى راشد وزيراً للسياحة، ومحمد عبد العاطى للرى، ومحمد محمود سعفان للقوى العاملة، وأشرف محمود قدرى لقطاع الأعمال العام، ومحمد حسام أحمد على وزيراً للعدل، وشريف فتحى للطيران المدنى.
العلامة المميزة فى كل تعديل وزارى أجرته الدولة منذ قيام ثورة 25 يناير، أن الوقت لم يصبح فى صالح أحد ومن لم يستطيع التغيير فعليه الرحيل، ومن لا يستطيع إيجاد الحلول المبتكرة أمام الأزمات المزمنة عليه التنحى عن المشهد، والدليل تعاقب ثمانية حكومات منذ 25 يناير بدءًا من الفريق أحمد شفيق ثم الدكتور عصام شرف وبعده الدكتور كمال الجنزورى، ثم هشام قنديل وبعده الدكتور حازم الببلاوى إلى أن تولى إبراهيم محلب المسئولية واتيحت له فرصة إجراء تعديل وزارى أيضًا إلى أن قدم استقالته ثم خلفه على مقعد رئيس الوزراء الدكتور شريف إسماعيل الذى حظى بفرصة تعديل وزارى أيضا جديد صباح اليوم.
نظرة سريعة على وضع تلك الحكومات الثمانية فى مصر يكشف عما ينتظر الوزراء الجدد من صعوبات وعقبات عليهم الإطاحة بها وإلا ستُطيح بهم مثلما حدث مع من سبقهم على الكرسى.. البداية مع الفريق أحمد شفيق الذى كلفه الرئيس الأسبق حسنى مبارك بتشكيل حكومة جديدة عقب إقالة حكومة أحمد نظيف بعد قيام ثورة 25 يناير لكن بعد تنحى مبارك فى 11 فبراير عام 2011، أبقى المجلس العسكرى على شفيق من أجل تسيير الأعمال لكنه لم يستمر سوى شهر واحد إلى أن قدم استقالته بعد تظاهرات فى ميادين مصر، وتم تكليف الدكتور عصام شرف بدلا منه فى 3 مارس من عام 2011.
حكومة عصام شرف وصفها البعض بـ"حكومة ميدان التحرير" نظرا لأن تعيينه كان بناءً على رغبة نابعة من ميدان الثورة وبالفعل أدى اليمين الدستورية بالميدان قبل أدائه أمام المشير محمد حسين طنطاوى لكن شرف وحكومته لم يستطيعوا تحمل ظروف مصر المضطربة فى هذا الوقت سواء مذبحة ماسبيرو أو أحداث محمد محمود إلى أن تقدم باستقالته فى 22 نوفمبر من العام ذاته.
وفى 25 نوفمبر 2011 عاد رجل الدولة الدكتور كمال الجنزورى إلى الصورة وتولى المسئولية فى حكومة عُرفت بـ"تسيير الأعمال" لكن قدرتها على معالجة الأوضاع أيضًا كانت أقل من وتيرة الأحداث المتصاعدة والمضطربة فى مصر، ووقعت فى عهدها مذبحة استاد بورسعيد الشهيرة وأحداث مجلس الوزارء إلى أن وصل الوضع إلى حد لم يستطع معه رئيس حكومة الإنقاذ استكمال المسيرة إلى أن رحل وتولى المسئولية هشام قنديل، رئيس وزراء الإخوان فى 24 يوليو عام 2012.
بعدما تم انتخاب محمد مرسى الرئيس المعزول كلف هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة لاسيما أنه كان وزيرا للموارد المائية والرى فى حكومة الجنزورى. أوضاع مصر لم تتحسن فى عهد الإخوان بل على العكس تماما، فالعزل انتظر مرسى وبطبيعة الحال تمت إقالة حكومته بعد تغيير النظام بالكامل بعد 30 يونيو عام 2013 لتعيش مصر تحت مظلة نظام جديد لكن مع استمرار الأزمات القديمة المزمنة فى الملفات المختلفة من صحة وتعليم وداخلية وأوضاع اقتصادية متدهورة.
وفى 9 يوليو 2013، كُلف حازم الببلاوى بتشكيل الحكومة لتسيير الأعمال فى ظل تولى الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور إلى أن تقدمت باستقالتها فى 24 فبراير 2014، ولم تنجز الكثير نظرا لضيق الوقت مع زيادة أزمات مصر، بعدها شكل إبراهيم محلب حكومتين الأولى فى 25 فبراير 2014 فى عهد منصور، ثم شكل الحكومة الثانية فى 17 يونيو من العام ذاته بعد انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى ورغم كثرة الجولات الميدانية لمحلب ووزارئه لدرجة دفعت البعض لتلقيبه بـ"الدينامو أو البلدوزر" لكن فضيحة فساد كبرى طالت مسئوليين حكوميين وتم القبض على وزير الزراعة صلاح هلال، دفعه لتقديم استقالته وتولى شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية فى حكومته المسئولية خلفا له.
حكومة إسماعيل واجهت انتقادات متعددة منذ توليها المسئولية وطالب البعض بضرورة إجراء تعديلا وزريا ليشمل عدد من الشخصيات غير الفعالة فى حل الأزمات مثل النقل الذى يعانى من أزمات كارثية ويحتاج إلى جهد كبير، والسياحة والتى تحتاج حلول مبتكرة وليس عرضا لصور معاناة المصريين فى مؤتمرات عالمية اعتبرها البعض إهانة، والحال نفسه بالنسبة للأثار والمالية والاستثمار الذين حصلوا على فرص متتالية لم يستغلوها رغم أن البعض توقع إقالتهم فور تولى إسماعيل المسئولية، والحال نفسه بالنسبة لباقى المسئولين عن حقائب وزارية تم تعديلها، والجميع فى انتظار نتائج تلك الاختيارات هل ستثبت فعاليتها أم ستُحتم استقدام الحكومة رقم 125 إلى مجلس الوزراء.