نقلا عن العدد اليومى..
نال المصرى لقب «ابن نكتة» من قديم الزمان ولم تكن الضحكة والابتسامة تفارقانه، كان حتى يضحك على أحزانه وكان ذلك ربما سر نجاح المصريين وتغلبهم على المواقف الصعبة.
هذا كان فى السابق بدليل أنك إذا تجولت الآن فى الشوارع ستجد معظم الناس عابثين صامتين يديرون حوارا أقرب إلى الصراع مع أنفسهم.
ومؤخرا استحدثت بعض الدول وزارة للسعادة فى الوقت الذى احتفل العالم هذا الشهر باليوم العالمى للسعادة.
الكل يتحدث عن السعادة ولا يجدها، أصبحنا نفتقد البسمة ونتحدث كثيرا عن الشعور بالحزن والاكتئاب، فما أسباب تعاسة المصريين واكتئابهم، وكيف نستطيع التغلب على الشعور بالحزن لاستكمال مسيرة الحياة، وهل تحتاج السعادة ليوم نحتفل فيه بها أم لوزير يتم تعيينه، أم إنها قرار ينبع من داخلنا وكيف نتخذ هذا القرار؟ كشفت إحصائية لمنظمة الصحة العالمية سنة 2015 عن الأمراض النفسية أن الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية انتشارا فى العالم حيث بلغ عدد مرضاه أكثر من 500 مليون فرد، مع توقع بزيادة انتشار الاكتئاب ليصيب 10% من سكان العالم خلال الأعوام التالية.
وفى مصر أعلنت الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان التابعة لوزارة الصحة فى أكتوبر 2015 أن 5 ملايين مصرى مصابون بأمراض نفسية، فيما أكدت جمعية الطب النفسى بالقاهرة أن أكثر من 1.4 مليون مصرى مصابون بالاكتئاب.
وكشفت دراسة حديثة للمركز القومى للبحوث عن أن الاكتئاب والقلق من أكثر الأمراض شيوعا بين طلاب كلية طب ما قد يؤدى لخلل فى المهارات الأكاديمية والتعليمية والسلوكيات الاجتماعية، مع احتمال زيادة معدلات الانتحار.
12 سببا «غير تقليدى» يبعدنا عن السعادة ويقربنا من الاكتئاب
أسباب الاكتئاب تشمل الصدمة والحزن والمشاكل المالية والبطالة، لكن هناك أسباب غير تقليدية تصيبنا من خلال تعاملاتنا اليومية رصدها الموقع الأمريكى «health» من خلال تقرير نشره مؤخرا وتشمل.
عادات النوم السيئة
الحرمان من النوم واضطراباته يزيدان خطر الإصابة بالاكتئاب، وفق ما كشفته دراسة حديثة أجراها أطباء صحة النوم، وأثبتت أن النوم يعمل على تجديد خلايا المخ وهذا مفيد لأن عدم تجديدها يؤدى إلى الاكتئاب.
الاستخدام الزائد للفيس بوك
يجلس العديد من الشباب، إن لم يكن جميعهم أمام مواقع التواصل الاجتماعى بالساعات، وأظهرت دراسات أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بشكل زائد يصيب الشباب بالاكتئاب، خاصة من هم فى مرحلة المراهقة وما قبلها، حيث يعانون صعوبات فى التفاعل الإنسانى على أرض الواقع مع الآخرين.
قرب انتهاء برنامج أو دراما تليفزيونية طويلة
وأوضحت الدكتورة إميلى موير أستاذ مساعد الاتصالات فى جامعة ولاية أوهايو بكولومبوس، أن تعلق البعض بالبرامج التليفزيونية والأفلام يجعلهم يشعرون بالاكتئاب مع اقتراب نهايتها، وذلك بسبب تعلقهم بالعالم الخيالى الذى يعيشونه داخل هذه الأفلام ورفضهم للواقع الذى يعودون إليه مع الانتهاء من مشاهدة هذه الأفلام.
مكان السكن
وأثبتت الأبحاث أن من يعيش فى المناطق الحضرية يعانون اضطرابات المزاج أكثر من سكان المناطق الريفية بـ 39%، حيث يزيد مستوى التوتر لديهم ويؤدى إلى إصابتهم اضطرابات نفسية.
الاختيارات المتعددة
اتفق علماء النفس من خلال الأبحاث التى أجروها على أن الاختيارات المتعددة أمام الفرد يوميا تصيب البعض بالاضطراب والاكتئاب، فهؤلاء يقعون فى حيرة بشكل متواصل بين الاختيارات، خاصة إنه غاليا لا يحصلون على أفضلها، ما يجعلهم دائما يشعرون بعدم الرضا.
عدم تناول الأسماك بصورة منتظمة
قلة تناول الأحماض الدهنية «أوميجا 3 » المتوفرة فى سمك السلمون، وكذلك الزيوت النباتية تعرض البعض للإصابة بالاكتئاب، وأثبتت دراسة حديثة وجود علاقة بين تناول كميات أقل من الأسماك والإصابة بالاكتئاب، خاصة من قبل النساء، حيث تعمل الأحماض الدهنية كناقلات عصبية مثل السيروتونين.
علاقات الإخوة غير السعيدة
أثبتت الدراسات الحديثة أن العلاقات غير السعيدة مع أى شخص يمكن أن تسبب الاكتئاب، بالإضافة إلى أن كثرة المشاحنات بين الأشقاء تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب قبل بلوغهم سن الـ50 عاما.
فصل الصيف
الشائع هو أن الاكتئاب يكون مصاحبا لفصل الشتاء، ولكن هناك أشكال أخرى من الاكتئاب تصيب البعض فى فصل الصيف، بسبب تغيير أسلوب الحياة الذى يعانى البعض صعوبة فى التكيف معه ما ينتج عنه اختلالات فى كيمياء المخ وهرمون الميلاتونين المسؤول على تنظيم الإيقاع الحيوى للإنسان.
التدخين
ارتبط التدخين بالاكتئاب، فالنيكوتين يؤثر على نشاط الناقلات العصبية فى المخ ما يؤدى إلى ارتفاع مستويات الدوبامين والسيروتونين، ولعل هذا يفسر طبيعة إدمان التدخين والتقلبات المزاجية التى تأتى مصاحبة لأعراض انسحاب النيكوتين من الجسم.
مرض الغدة الدرقية
الاكتئاب أحد أعراض قلة إفراز الغدة الدرقية لهرمونها فى الجسم، وبعلاج الغدة الدرقية تعود إلى طبيعتها، ومن ثم يمكن التغلب على الاكتئاب.
أقراص منع الحمل
أقراص منع الحمل كأى دواء لها آثار جانبية، ولكنها تحتوى على نسخة تركيبية من هرومون «البروجسترون» الذى تشير الدراسات إلى أنه يسبب الاكتئاب عند بعض النساء.
الأدوية..
الاكتئاب أحد الآثار الجانبية للعديد من الأدوية خاصة أدوية الضغط والسكر والأمراض العصبية والقلب وارتفاع ضغط الدم، ولهذا ينصح الأطباء بأن نقرأ الآثار الجانبية المرفقة بعبوات الأدوية، وفى حالة احتمالية تسببها فى الاكتئاب يجب مراجعة الطبيب المعالج.
مقاييس السعادة فى مصر مختلفة.. إحنا مش زى غيرنا
ويبقى السؤال: هل معايير السعادة تختلف من دولة لأخرى؟ وبشكل أوضح: هل مقاييس السعادة فى مصر تختلف عن غيرها من الدول؟ وهل تختلف أسباب اكتئاب وحزن المصريين عن غيرهم من الشعوب.
يقول الدكتور هاشم بحرى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر إن مقاييس السعادة مختلفة بين الأمم ولا نستطيع تطبيق مقاييس السعادة فى مصر على أى دولة أوروبية مثلا.
وأضاف الدكتور هاشم بحرى: أثبت بحث أجريناه مؤخرا أن سعادة المصريين تكمن فى نجاح أولادهم بالدراسة والحياة بشكل عام، بينما المال هو سبب السعادة الأول فى الغرب.
المصريون يعانون من الضغط النفسى وليس الاكتئاب
وأوضح أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر أن تقرير الأمم المتحدة عن قلة نسبة السعادة، والذى أكد أن مصر ثانى أكثر أكبر الدول تدهورا فى مستوى السعادة بعد اليونان غير منطقى، فالتشخيص الحقيقى لحالة المصريين هو شعورهم بالضغط النفسى وليست التعاسة المؤدية للاكتئاب، وهذا الضغط يحدث نتيجة الظروف الاجتماعية التى يعيشها المصريون.
الاكتئاب يضعف مناعة الجسم
ما هى الأمراض التى يسببها الاكتئاب؟ يجيب الدكتور هاشم بحرى: أكبر مشكلة يسببها الاكتئاب هو تقليل مناعة الجسم ما يجعلنا عرضة لأمراض عديدة، وخلال تجربة صغير أجريناها على 10 حالات صافحوا شخصا حاملا لفيروس الإنفلونزا تبين إصابة 3 فقط منهم بالفيروس وبالبحث فى التقارير النفسية وجدنا 2 من المصابين الثلاثة يعانون من الاكتئاب والثالث يعانى من قلق نفسى ما أضعف مناعتهم وعدم قدرة أجسامهم فى مقاومة الفيروس.
أسباب الاكتئاب عند المصريين
وبدوره يرى الدكتور مينا جورج رئيس قسم التأهيل النفسى بمستشفى العباسية للأمراض النفسية أن أسباب الاكتئاب عند المصريين تشمل:
الظروف الاجتماعية المعقدة.
المستقبل غير الواضح للكثيرين.
فقد العديد من الشباب لأعمالهم وصعوبة الحصول على غيره.
افتقاد المجتمع لثقافة السعادة فمشاعرنا بدائية ولا نعرف كيف نسعد أنفسنا.
افتقادنا لثقافة خطوات علاج مشاكلنا بشكل صحيح فيجب مثلا عند الإصابة بمرض معين أن نذهب للطبيب المختص كأبسط خطوات العلاج السليمة.
الاهتمام بـ«بكلام الناس» يحرمنا من أشياء كثيرة قد تسعدنا.
العادات والتقاليد سبب شعورنا بعدم السعادة، مثل القيود التى يفرضها المجتمع على المرأة ولهذا تحتل النساء المراكز الأولى فى نسبة الإصابة بالاكتئاب.
تغلب على الاكتئاب وحوّله لسعادة
يقدم الدكتور مينا جورج روشتة سريعة للتغلب على الاكتئاب تشمل:
الاعتراف بالمشكلة والتشخيص الجيد للحالة النفسية، فليست كل الأمراض النفسية التى يعانى منها المصريون اكتئابا، وأعراض الاكتئاب يشترط استمرارها أسبوعين، ومن هذه الأعراض «الأشياء التى كانت تسعدنى لم تعد تسعدنى، قلة الإقبال على الأكل، اضطراب النوم، الإحساس بالذنب دائما، النظر إلى نفسى بطريقة دونية، التفكير دائما فى الماضى، تمنى الموت».
العلاج لابد أن يكون عند طبيب مختص دون الاستماع لنصائح الأصدقاء التى تزيد الحالة سوءا.
عدم الاعتماد على الأدوية التى تعالج الاكتئاب إلا باستشارة الطبيب.
التوازن فى العبادة وعدم الاستماع إلى الأصوات التى تحرم كل الأفعال حتى لا تزيد من شعورك بالذنب والضغط النفسى.