يبدأ العام الجديد اليوم، الجمعة، وسط آمال وطموحات يعلقها المواطن المصرى فى مستوى معيشة أفضل، وأسعار للسلع والخدمات فى متناول يده.. ومؤشرات الاقتصاد المصرى رغم التحديات التى شهدتها خلال 2015، إلا أن الإجراءات الاقتصادية والمصرفية الأخيرة تؤكد أن العام الجديد يحمل الكثير من الأمل فى مستقبل أفضل.
ويعد ضبط منظومة الأسعار والعمل على استقرارها وهو ما بدأ طارق عامر، بالفعل فى إجراءاته خلال الفترة الماضية، بالتنسيق مع الحكومة، ودشن برفع العائد على شهادات الإدخار الثلاثية لتصل إلى 12.5%، مما عمل على جذب محفظة ودائع لهذا الوعاء الإدخارى يقارب الـ100 مليار جنيه، ورفع عائد "الكوريدور" بالبنك المركزى بـ0.5%، وتحركات جوهرية خاصة بضخ السيولة الدولارية بنحو 8 مليارات دولار.
ومنهج إدارة طارق عامر للسياسة النقدية، يشير إلى سحب فائض السيولة من الاقتصاد عن طريق رفع الفائدة، وهو ما جذب لشهادات الادخار الجديدة ودائع تقدر بأكثر من 90 مليار جنيه خلال شهرين، وهو ما يعمل على خفض معدل التضخم خلال الشهور القليلة القادمة بشكل تدريجى، إلى جانب زيادة الطلب على الجنيه المصرى وتقليل حيازات المواطنين للدولار كمخزن للقيمة.
والهدف الثانى يتمثل فى العمل على تطوير منظومة الائتمان فى البنوك لتكون بوتيرة أسرع بضخ الائتمان، والاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وضخ التمويلات اللازمة للمشروعات القومية والخاصة بكافة أحجامها خاصة مشروعات المنطقة الاقتصادية لإقليم قناة السويس.
وأهمية تفعيل أداء المجلس التنسيقى للبنك المركزى، وهو ضرورة فى ظل دقة المرحلة الحالية ومتطلباتها من ضرورة التنسيق بين الجهات الاقتصادية، خاصة طرفى السياستين النقدية والمالية ومجلس التنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية وأعضاء المجموعة الوزارية الاقتصادية، بعد مطالب كثيرة خلال الفترة الماضية بوجود هذا التنسيق، خاصة مع تشكيل رفيع المستوى برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية محافظ البنك المركزى، ووزراء الاستثمار والمالية والتجارة والصناعة ونائب محافظ البنك المركزى، ووكيل محافظ البنك المركزى لقطاع السياسة النقدية والذى تشغله الدكتورة رانيا المشاط، وعضوية الدكتور فاروق العقدة، والدكتور محمد العريان، والدكتورة عبلة عبد اللطيف.
ويمثل عام 2016 هدفًا هامًا أمام مسئولى الجهاز المصرفى فى تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات المصرفية والخدمات المصرفية عبر الإنترنت، وخدمات البنوك عبر الهاتف المحمول والتى تعد تحديات هامة فى ظل سباق عالمى كبير نحو تطوير تلك الخدمات.
وأمام طارق عامر تحد هام وهو العمل على إدارة الاحتياطى من النقد الأجنبى وإعادة هيكلته من موارد رئيسية مثل الاستثمار الأجنبى والسياحة والصادرات وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية والسلطات المالية للدولة، فى ظل أن تركيبته الحالية غالبيتها ودائع من دول خليجية، وهو متراجع بالفعل إلى نحو 16.4 مليار دولار بنهاية شهر نوفمبر 2015، إلى جانب ضبط منظومة سوق الصرف والقضاء على السوق السوداء للعملة وتلبية حاجة الأسواق من النقد الأجنبى، وتنمية موارد البنوك من العملة الصعبة عبر حلول غير نمطية، لا عن طريق الاستعانة بأرصدة البنوك الحكومية فى الخارج واحتياطياتها من العملة الصعبة فى ظل سحق أزمة العملة.
وفى إطار جذب عملاء جدد للبنوك، تأتى أهمية كبرى تتمثل فى زيادة التنافسية فى القطاع المصرفى بين مؤسساته الـ38، عبر طرح منتجات وخدمات مصرفية تلبى احتياجات المواطنين وبالتالى زيادة قاعدة المتعاملين مع البنوك والذى يقف حاليًا عند نحو 10 ملايين مواطن وهو ما يسمى بمفهوم "الشمول المالى"، إلى جانب الاستمرار فى مواكبة القوانين الدولية فى ظل التحديات الخاصة بتمويل الإرهاب والجريمة وأنشطة غسل الأموال.
ويعد الاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ذو أولوية قصوى لدى الحكومة وكافة البنوك خلال العام الجديد، فى ظل اهتمام طارق عامر بزيادة المحفظة الخاصة به إلى أكثر من 100 مليار جنيه خلال السنوات القادمة، وبعد التعريف الموحد الذى أطلق من قبل البنك المركزى المصرى مؤخرًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وهو خطوة هامة على طريق دفع النمو فى هذا القطاع وتوجيه البنوك لحجم كبير من محافظها لضخ تمويلات فى هذا القطاع الحيوى، خاصة فى ظل مبادرة جديدة تلزم البنوك بالتمويل، وتفعل آلية الرقابة من البنك المركزى على هذه التمويلات من البنوك.
ومنصب محافظ البنك المركزى فى كل دول العالم يعد المنصب الاقتصادى الأهم فى هرم المناصب الرسمية، ويعد عصب الاقتصاد بقراراته التى تؤثر فى مستويات التضخم – مستويات الأسعار – والسيولة النقدية والائتمان وطباعة النقد وإدارة مديونيات الدولة، واستقرار الجهاز المصرفى الذى يعد أهم قطاعات الدولة المصرفية الاقتصادية حاليًا نظرًا لأنه الوحيد الذى لم يتأثر بتداعيات تردى الاقتصاد نتيجة الاضطرابات، وتأتى أهمية التنسيق بين السلطة المالية والسلطة النقدية للبلاد كأحد أهم التحديات خلال الفترة القادمة أمام المحافظ الجديد، لتنشيط النمو فى الناتج المحلى الإجمالى للبلاد.
ويتمتع طارق عامر، بخبرات مصرفية كبيرة، حيث ترأس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى حتى خلال الفترة من 2008 حتى يناير 2013، وترأس اتحاد البنوك المصرية، وشغل منصب نائب محافظ البنك المركزى المصرى، وقدم استقالته من رئاسة البنك الأهلى المصرى، يوم 14 يناير 2013.