تحمل المسئولية مبكرًا فأصبح وهو طفل لم يتعد عمره 13 عامًا يساعد والده فى مصروف المنزل، من خلال عمله على "توك توك" فى محيط منزله بحى المقطم جنوب القاهرة، تاركًا اللهو واللعب مع أقرانه، مفضلا الكسب الحلال، وكلمات المدح والثناء على الطفل الذى كبر وأصبح قادرًا على "فتح بيت" فى سن مبكرة، إنه محمود عبد المنعم محمد.
على النقيض وعلى بعد حوالى 120 كيلو من "محمود"، وتحديدًا فى محافظة الفيوم، كان هناك شابًا لم يعجبه أن يعمل فى مهنة شريفة ويكسب رزقًا حلالًا، فقد أراد جمع الكثير من المال فى أقل وقت ممكن فاختمرت فى ذهنه فكرة شيطانية بأن يذهب إلى القاهرة ويسرق توك توك ويعود به إلى بلدته لبيعه هناك بعيدًا عن أعين الأجهزة الأمنية.
بالفعل سافر الشاب، والأفكار الشيطانية تعشش فى رأسه، واستقر به الحال لدى شقيقه الذى يعمل سائق توك توك فى منطقة المقطم، وشكا له حاله وضيق رزقه وقراره بأن يسرقا توك توك ويسافر به إلى بلده لبيعه ومن ثم يبدأ أى مشروع صغير، وبدلا من أن ينهره شقيقه أو يلومه على هذه الأفكار الشيطانية شجعه على الفكرة ودعا اثنين من أصدقائه المقيمين معه فى إحدى الشقق السكنية للاشتراك معهم فى السرقة.
فى صباح اليوم التالى نزل الشقيقين ومعهم اثنين من أصدقائهم إلى الشارع واستوقفوا توك توك وأرادوا أن يسرقوه إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك حيث تدارك السائق حيلتهم وفر هاربًا، وفى اليوم التالى استلوا معهم سكينتى مطبخ، واستوقفوا توك توك يقوده الطفل "محمود" وطلبوا منه أن يوصلهم إلى منطقة الهضبة، وبالفعل رضخ لهم الطفل الذى يسعى على قوت يومه وقوت أسرته.
وفى منطقة نائية بهضبة المقطم طلبوا من الطفل أن يترك لهم التوك توك ويعود بمفرده إلا أنه تمسك به، وظل يبكى ويصرخ، ما دفعهم لتسديد عدة طعنات إليه وذبحه من رقبته بكل قسوة ولم تشفع للطفل دموعه أو بكائه أمام جبروت هؤلاء الشياطين، الذين أخذوا التوك توك وفروا به هاربين إلى محافظة الفيوم.
وصل المجرمون إلى بلدتهم وهم كلا من :"أسامة.م"، و"مصطفى.ا" و"محمد.ر"، وعبد الرحمن.ر"، وهناك توجهوا إلى صاحب ورشة لإصلاح وبيع التوك توك، يدعى "محمد.ط"، واتفقوا على بيعه مقابل مبلغ 20 ألف جنيه بعدما أكدوا له أنهم سرقوه من القاهرة، فأعطاهم مبلغ 5 آلاف جنيه كمقدم شراء على أن يعطيهم باقى المبلغ بعد أن يبيعه، وأثناء محاولته بيعه لآخر ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الفيوم، القبض عليه بسبب عدم وجود أوراق تثبت ملكيته للتوك توك وبمناقشته اعترف بشرائه من المتهمين الأربعة وأرشد عنهم.
وبمواجهتهم اعترفوا بسرقة التوك توك، قبل حوالى 6 أيام، من طفل بعد قتله فى منطقة هضبة المقطم، وأنهم أخفوا أداة الجريمة "السكين"، لدى صديقهم "أحمد.س"، صاحب سوبر ماركت فى المقطم.
وبالتنسيق مع مديرية أمن القاهرة، تم القبض على المتهم السادس فى منطقة المقطم وترحيل باقى المتهمين إلى القاهرة، وأرشدوا عن مكان جثة الطفل فى إحدى المناطق الجبلية بهضبة المقطم وبعد وصول الأجهزة الأمنية تبين أن الكلاب قد نهشت جسد الضحية، فتم استدعاء المبلغين باختفاء أطفال فى الفترة الأخيرة، إلى أن تعرف عليه أحدهم، وتبين أنه يدعى محمود عبد المنعم محمد، 13 سنة سائق توك توك، ومبلغ بتغيبه يوم ارتكاب الواقعة.
تم تحرير محضر بالواقعة وبعرض المتهمين على نيابة حوادث جنوب القاهرة، برئاسة المستشار مصطفى بركات، رئيس النيابة، والمستشار محمد عبيد، مدير النيابة، وتحت إشراف المستشار سمير حسن المحامى العام لنيابات جنوب القاهرة، أمرت بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، ووجهت للمتهمين الأربعة الأوائل تهمة القتل العمد والسرقة بالإكراه، وللمتهم الخامس تهمة شراء توك توك مسروق، وللمتهم السادس تهمة التستر على أداة جريمة، وقررت إحالتهم لمحكمة الجنايات، فور انتهاء التحقيقات.