كيف يعيش مجتمع الكومبارسات حياتهم؟.. وهل هى حقًا حياة أو شيئًا يشبه الحياة؟.. هل يلعب معهم الزهر ويصيرون نجوما؟.. بالطبع لا أحد يملك ردا على هذه الأسئلة إلا القدر.. فهؤلاء يقفون على حافة الهاوية، (لا تمثيل) و(لا نقابة تحفظ لهم حق)، ولا يجدون من يعبر عن مأساتهم الحقيقية وظروف معيشتهم الصعبة رغم أنهم وجوه معروفة للكثيرين بتجسيدهم الأدوار الثانوية وأحيانا المهمشة.. الاسم الحركى لهم "مجاميع"، يكرههم المنتجون لأنهم "فلوس ع الفاضى"، ويحبهم المخرجون لأنهم يضفون طبيعية على المشهد.. من تدعو له أمه من المجاميع يتم اختياره منفردا ليلعب دور كومبارس صامت أو متكلم.. فيحلم أكثر، لكن يتحطم دائما حلم "النجومية" على صخرة "الكاستينج".
ممثلو الأدوار الثانوية دائما يرفضون توصيفهم بـ "المجاميع"، رغم أن بعضهم ليس معروفا اسمًا بل شكلا فقط، ويقولون: "الكومبارسات ليس لهم دور فى العمل الفنى يتحركون فقط بدون كلام، لكننا نتحدث ونظهر فى مشاهد مع النجوم.. نحن أرفع وأرقى من الكومبارس درجات".. على رأس هؤلاء الممثلين أشرف بوزيشن الذى يتحدث لـ"انفراد" قائلا: "لست كومبارسا ولكنى ممثل قديم، أعمل فى المجال الفنى منذ عام 1980، وفى صغرى كنت أشاهد الفيلم فى التليفزيون وأنزل أمثله فى الشارع للشباب".. ويضيف: "أول أجر حصلت عليه من عملى كممثل 3 جنيه، واشتغلت فى بداياتى مع الراحلين أحمد زكى وعاطف الطيب فى فيلم "البرىء" وقمت بدور عسكرى أمن مركزى".
لا يخاف "بوزيشن" الفنانين داخل اللوكيشن ويجيد التعامل معهم، إذ يقول: "الفنان ما يخوفش، زيه زى أى بنى آدم، والفن حالة، والممثل الذكى اللى زيى لازم يكسر الحاجز بينه وبين النجم، لكن لما الفنان بيدخل اللوكيشن بيتغير وبيبقى شخص تانى، بيلبس ثوب الشخصية ويدخل فى المود، ولا أنسى النجم الراحل خالد صالح عندما عملت معه فى مسلسل تاجر السعادة، ورأيت كيف يستعد هذا الفنان الموهوب للشخصية التى يجسدها، ويعى تفاصيلها، حيث كان يخرج من غرفته وهو كفيف ويمسك عصاه ويسير إلى موقع التصوير على هذه الحالة قبل بدء التصوير".. ويستكمل: "فى مرة كنت بصور مع الفنان أحمد مكى مسلسل الكبير أوى وكنت عايز أتصور معاه وهو مرتدى ملابس شخصية حزلقوم، رفض وقالى مش عايز أتصور بالشخصية، فكل فنان له مزاجه الخاص".
يحكى أشرف بوزيشن عن مواقفه مع النجوم الذين وقف أمامهم طول رحلته الفنية التى تجاوزت الـ30 عاما، قائلا: "اشتغلت مع عمالقة، منهم الأستاذ عمر الشريف فى مسلسل حنان وحنين، وتحدث معى وقال لى برافو عليك أنت هايل وطبب على كتفى، كذلك لن أنسى الأستاذ نور الشريف فى مسلسل الرحايا عندما وقفت أمامه فى أحد المشاهد وبصيت فى عينه اتلغبطت ومعرفتش اتكلم، والمخرج حسنى صالح قالى فيه يا بوزيشن مالك، وبعده سألنى الأستاذ نور فى إيه قول الجملة يا ابنى قلت له أنا طول عمرى بخاف من مدرس التاريخ، فما بالك لما أقف قدام تاريخ السينما المصرية، فضحك وعطانى سيجارة وبعد كدة قعد يهزر معايا وقالى طول ما بتخاف من عيون الممثل ما تجبش عينك فى عنيه.. وقال لى أنا وأنت زى بعض أنت ممثل وأنا ممثل".. يصمت بوزيشن ويقول مترحما عليه: "اتعلمت منه كتير وما زلت بتعلم.. والمثل بيقول المعلم يفضل يتعلم".. ويضيف: "فى فيلم البرىء ممدوح عبد العليم طلب منى أضربه بجد بالعصايا، وضربته حقيقى، وكنا بنصور فى سجن وادى النطرون وبيختموا إيدينا بختم النسر، عشان اللى مش مختوم هيخلوه جوه، وأخذت أجر 10 جنيه فى الفيلم ده قعدت أصرف فيها أسبوع بحاله".
ويرى بوزيشن أن النجومية "رزق من الله" وليست "موهبة" وهناك كثير من الممثلين يمتلكون الموهبة الحقيقية والطموح الكبير لكنهم لا يصلون للنجومية، يقول: "فى ناس كتير على الشاشة موهوبين وأقوياء لكن لم تأت لهم الفرصة ودى أرزاق.. ولو كلنا نجوم مين هيتفرج.. وما ينفعش الفيلم يبقى بطل وبطلة وبس لازم ناس زى حلاتنا برضو".. ويضيف: "حظى حلو لأن المخرجين بيشوفونى نجم وأدواتى حاضرة.. وعلى رأسهم حسنى صالح ومحمد النقلى وأمل أسعد وإبراهيم فخر، وبصراحة المخرجين بيرشحونى لأدوار حلوة، ومش بروح زى زمان لمكاتب الكاستينج، المساعدين وإدارة الإنتاج هم اللى بيطلبونى، ودى خطوات إيجابية فى حياة الواحد، وراضى بالأدوار دى، والناس بتشاور علىّ فى الشارع ويقولوا لى أنت فلان اللى فى مسلسل كذا، وشخصية أبو لهب اللى قدمتها فى فيلم الحرب العالمية الثالثة، علمت قوى مع الناس، وسائق ميكروباص مرضيش ياخد منى الأجرة لما شافنى قالى أنت فنان كبير".. يستكمل: "ماشى بخطوات حلوة ومبسوط وراضى وبقول يا رب"، ولفت بوزيشن إلى أنه يصور مسلسل "الخانكة" مع الفنانة غادة عبد الرازق، والمخرج محمد جمعة ويجسد دور "بواب غتت"، قائلا: "غادة كويسة معانا فى اللوكيشن ومحترمة وبتعاملنا باحترام".
وعلى خطى "بوزيشن" يسير الممثل قدرى أبو الهول، ويرفض أيضا تشبيهه بالكومبارس، يقول: "أنا مش مجاميع ولا كومبارس لكنى ممثل أدوار قصيرة، كذلك أصنف نفسى، وعندى أفلام باخذ فيها أدوار حلوة، ومفيش حد بدأ كبير، كله بدأ صغير وكل حاجة بالتدريج لحد ما تيجى الفرصة".
ويضيف أبو الهول: "أنا بحب التمثيل قوى، ولدى مشروع فى العين السخنة بشتغل فيه، ولما بيجينى أوردر بنزل القاهرة، وحبى فى التمثيل هو اللى جبرنى على كدة، ومثلت بالصدفة عندما شاهدنى المخرج شريف عرفة وطلب منى أعمل معه فى أفلامه، مع أحمد حلمى ومن ساعتها بقيت أحب الفن.. وظهرت فى فيلم عسل أسود فى دور المتحرش.. واشتغلت مع حلمى مرتين فى عسل أسود وإكس لارج، وأحمد السبكى راجل محترم وبيتعامل معانا كويس".
يتحدث أبو الهول عن طموحه وكيفية عمله قائلا: "الشغل بيختلف من شركة لشركة، والمهنة عرض وطلب، أحيانا باخد 14 مشهد و15 مشهد، وراضى عن نفسى، والنجومية قدر من الله وأنا مش فارقة معايا بس عندى طموح.. وبدرس المشهد اللى معايا وبذاكره وكمان بذاكر الممثل اللى قدامى، وبعرف أقرا واكتب وحاصل على مؤهل متوسط"، ويروى كيفية تعامل الأبطال معهم قائلا: "أحمد مكى كويس وجدع، وكذلك أحمد حلمى.. ومش بجاملهم عشان يشغلونى لا، ده بجد، والنفسنة موجودة بين الفنانين وبعضهم والفنانات وبعضهن".
ويحكى أبو الهول عن بعض مواقفه مع الفنانين قائلا: "واحنا بنصور فيلم إكس لارج فى مشهد المفروض أكون فيه واقع فى الأرض، وأحمد حلمى يضربنى وهو تخين، وبالفعل ضربنى بجد، رحت وقفت فى اللوكيشن بهزار وقلت للأستاذ شريف عرفة، أحمد حلمى بيضربنى بجد عشان اتحرشت به فى فيلم عسل أسود، حيث كنت أقوم بدور متحرش".. ويضيف: "هناك مواقف كثيرة لفنانين كبار لما بيلاقوا حد محتاج لماديات بيقفوا معاه منهم عادل إمام وفيفى عبده"، ولفت إلى أنه لا يشغله انضمامه لنقابة الممثلين، إذ يقول: "مايهمنيش موضوع النقابة، مش فارقة معايا نقابة ولا غيره، واللى فى النقابة مش بيشتغلوا وبيشتكوا من قلة الشغل.. ومفيش أحسن من الرضا".