لا يجوز هدم الكنائس أو تحويلها لغير غرض العبادة، وبيع بطريركية الروم الأرثوذكس الكنيسة للغير بقصد هدمها، مخالفا للنظام العام ولحكم المحكمة الدستورية العليا.
لأول مرة المحكمة قلبت تدخل البابا تواضروس بهدف حماية كنسية من هدمها باعتباره رمزا دينيا للديانة المسيحية بغض النظر عن الطوائف والملل.
حظر هدم الكنيسة ولو بيعت بعقد مسجل ولو صدر حكم بها لأن حكم الدستورية سابق عليها ويسمو على جميعها.
لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ردا على استفسار المحكمة: لغير المسلمين فى ديار الإسلام حق حماية دور العبادة الخاصة بهم فلا تهدم كنائسهم وإذا تهدمت يجب إعادتها كنيسة.
المحكمة تناشد مجلس النواب بتنفيذ رغبة المشرع الدستورى بالإسراع فى إصدار قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس فى أول دور انعقاد له.
الكنائس كالمساجد ليست محلا للبيع أو الشراء وتعد دارا للعبادة بمجرد الصلاة فيها.
المحكمة الدستورية أصدرت منذ 12 سنة حكما بتساوى الكنيسة مع المسجد كدار عبادة وحكمها يسمو على العقود المسجلة والأحكام اللاحقة لصدور حكم الدستورية.
المحكمة تستنهض عدلها لرد غائلة العدوان من أى سلطة على قضاء المحكمة الدستورية.
الاستناد إلى ملكية الكنيسة بموجب العقد المسجل عام 2009 غير جائز قانونا بعد صدور حكم الدستورية عام 2004 وأى تصرف على دار عبادة باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته للنظام العام.
فى حكم تاريخى خطير يؤكد على حرية ممارسة الشعائر الدينية وحماية دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية قبلت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة تدخل البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية باعتباره رمزا دينيا منضما لجهة الإدارة لمنع هدم كنيسة برشيد بمحافظة البحيرة، تم بيعها للمدعى من بطريكية الروم الأرثوذكس وتم تسجيل عقد البيع.
أكدت المحكمة على مجموعة من المبادئ القانونية فى هذا المجال أهمها أنه لا يجوز هدم الكنائس أو تحويلها لغير غرض العبادة وأن بيع بطريركية الروم الأرثوذكس الكنيسة للغير بقصد هدمها مخالفا للنظام العام ولحكم المحكمة الدستورية العليا الذى ساوى بين المسجد والكنيسة فى كونهما دار للعبادة.
ولأول مرة قلبت المحكمة تدخل البابا تواضروس فى الدعوى بهدف حماية كنسية من هدمها باعتباره رمزا دينيا للديانة المسيحية بغض النظر عن الطوائف والملل، وأكدت أيضا على حظر هدم الكنيسة ولو بيعت بعقد مسجل ولو صدر حكم بها لأن حكم الدستورية سابق عليها ويسمو على جميعها.
وأكدت كذلك أن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ردا على استفسار المحكمة انتهت إلى أنه لغير المسلمين فى ديار الإسلام حق حماية دور العبادة الخاصة بهم فلا تهدم كنائسهم وإذا تهدمت يجب إعادتها.
وناشدت المحكمة مجلس النواب بتنفيذ رغبة المشرع الدستورى بالإسراع فى إصدار قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس فى أول دور انعقاد له، كما أكدت على أن الكنائس كالمساجد ليست محلا للبيع أو الشراء وتعد دارا للعبادة بمجرد الصلاة فيها ونوهت إلى أن المحكمة الدستورية أصدرت منذ 12 سنة حكما بتساوى الكنيسة مع المسجد كدار عبادة وحكم الدستورية يسمو على العقود المسجلة والأحكام اللاحقة لصدور حكم الدستورية، وأكدت المحكمة أنها تستنهض عدلها لرد غائلة العدوان من أى سلطة على قضاء المحكمة الدستورية وعلى دار عبادة.
وحكمت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز وخالد شحاتة نائبى رئيس مجلس الدول بقبول تدخل كل من البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف القبطية للأقباط الأرثوذوكس والأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح للأقباط الأرثوذكس والقمص لوقا أسعد عوض عن نفسه وبصفته وكيل شريعة الأقباط الأرثوذكس برشيد والفونس ميخائيل عن نفسه وبصفته ناظر كنيسة أم النور برشيد.
كما قضت بتأييد قرار الجهة الإدارية برشيد محافظة البحيرة السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص بهدم عقار عبارة عن 13 محلا والكنيسة محل عقد البيع المسجل من بطريكية الروم الأرثوذكس بالإسكندرية للمدعى وألزمته المصروفات.
وقالت المحكمة إن المشرع الدستورى نص على أن حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون، ومن ثم صار كل ما يتعلق بدور العبادة لأصحاب الأديان السماوية من الحقوق التى رفعها المشرع الدستورى إلى مصاف الحقوق الدستورية تقابلها حرية ممارسة الشعائر الدينية وبهذه المثابة فإن البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية رمزا دينيا يكون له ومن معه مصلحة فى التدخل فى الدعوى للدفاع والزود عن الكنيسة التى هى مكان العبادة للديانة المسيحية بغض النظر عن اختلاف الطوائف والملل، فمصلحتهم قائمة فى الإبقاء على الكنيسة كدار عبادة للمسحيين، ما يتعين معه الحكم بقبول تدخلهم فى الدعوى الماثلة.
وأوضحت المحكمة أن المحكمة الدستورية العليا ذهبت فى حكمها الصادر فى 7 مارس 2004 أى منذ 12 عاما إلى أن قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 حظر الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون إضافة الكنيسة إلى هذا الحكم رغم تساويها مع المسجد فى كون كل منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية وانتهت المحكمة الدستورية العليا إلى أن هذه التفرقة مخالفة للدستور، الأمر الذى مؤداه أن الكنيسة تأخذ حكم المسجد كدار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية.
وأضافت المحكمة أنه وفقا لأحكام المحكمة الإدارية العليا فإن المساجد متى أقيمت وأذن فيها بالصلاة تخرج من ملكية العباد إلى ملكية الله سبحانه وتعالى ولا ترد عليه تصرفات البشر ويقوم بالإشراف عليها أولى الأمر، وأن المسجد إذا أصبح فى حكم ملك الله تعالى فلا يمكن يعود إلى ملك بانيه، لأن الأمة أجمعت على أن بقعة الأرض إذا عينت للصلاة بالقول خرجت بذلك من جملة الأملاك الخاصة بصاحبها وصارت عامة لجميع المسلمين وينصرف ذات الحكم على المكان الذى تم تخصيصه كنيسة، وتم أداء الصلاة فيه فلا ترد عليه تصرفات باعتبارها دار عبادة إعمالا لحكم الدستورية العليا وأحكامها ملزمة لكافة سلطات الدولة.
وقالت المحكمة إن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ردا على استفسار المحكمة عن مدى مشروعية هدم الكنائس وبيعها وشرائها وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية جاء فيها – كما قدمه البابا تواضروس ضمن حافظة مستنداته – ما نصه (أن لغير المسلمين فى ديار الإسلام حق حماية دور العبادة الخاصة بهم فلا يجوز هدم كنائسهم وإذا تهدمت كنيسة فللذميين إعادتها لأن الأبنية لا تبقى دائما) وانتهت لجنة الفتوى بالأزهر إلى ما نصه: (لا يجوز التعرض للكنائس أو الأديرة بالهدم أو الاعتداء عليها أو تحويلها لغير الغرض الذى أقيمت من أجله ومن فكر فى ذلك فلم يستجب لقرآن ربه وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يحسن الجوار ولم يرع عهده ولم يظهر بمظهر التسامح الذى هو من أبرز صفات المسلمين فقد خان الله ورسوله وذمة المسلمين).
وناشدت المحكمة مجلس النواب بأن يسرع فى إصدار قانون لتنظيم بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية تنفيذا لرغبة المشرع الدستورى الذى ألزم مجلس النواب فى حكم خاص بالمادة 235 من الدستور بأن يصدر هذا القانون فى أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور والوارد فى الفصل الثانى الأحكام الانتقالية، ومؤدى ذلك أن المشرع الدستورى أوجب ترميم الكنائس فإذا ما أصابها التلف أو اعتراها العثر تعين ترميمها بما يكفل الإبقاء عليها ويمنع إزالتها من الوجود حرصا على دوام بقاء دور العبادة الخاصة بالديانة المسيحية كإحدى الديانات السماوية، وهو ما يؤكد سلامة ما انتهت إليه المحكمة من أن الكنائس ليست محلا للبيع أو الشراء على نحو ما انتهت إليه فى قضائها الماثل.
أشارت المحكمة إلى أنه قد ثبت لديها بيقين أن العين محل الدعوى كنيسة تم هدم أجزاء منها ومن ثم فلا يجوز أن تكون محلا للبيع حتى ولو تهدمت كليا، حيث يتعين ترميمها أو إعادة بنائها مرة أخرى بوصفها دار عبادة لا يجوز تغيير الغرض المخصصة لأجله، ولما كان المفهوم الصحيح للقرار الإدارى السلبى أن يقوم امتناع الجهة الإدارية عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه قانونا، وذلك يكون بداهة فى الحالات المشروعة التى يشكل الامتناع فيها الركن الركين فى القرار الإدارى السلبى أما فى الحالات غير المشروعة أصلا مثل كون محل القرار المطعون فيه هدم كنيسة مشمولة بالحماية الدستورية والقانونية، فلا يكون هناك ثمة واجب على الجهة الإدارية فى إصدار مثل هذا القرار قانونا ويكون امتناعها عن إصداره والحال كذلك متفقا وصحيح حكم القانون، ومن ثم يضحى امتناع جهة الإدارة عن إصدار ترخيص بهدم الكنيسة محل التداعى قائما على سبب صحيح يبرره قانونا.
وقالت المحكمة إن الثابت بالأوراق إن بطريركية الروم الأرثوذكس برشيد باعت للمدعى وشركائه بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ 5 مارس 1990 مساحة 1000 متر مربع مع المبانى المقامة عليها وهى عبارة عن دكاكين ومبنى دار عبادة، وقام بالتوقيع بالبيع كبائع بطريرك الروم الأرثوذكس، وحرر شهادة بذلك بها نصا أن البطريركية تشهد بأنها باعت العقار المملوك لها برشيد والمعروف باسم كنيسة الروم الأرثوذكس وشهادة مؤرخة 9 أبريل 1990، وجاء بها أن البطريركية توافق على هدم المبنى بما فيه الجزء المخصص لدار العبادة بقصد استغلال الأرض حسبما يراه المشترون، ثم قام المدعى وباقى المشترين بتسجيل عقد البيع بتاريخ 30 يوليو 2008 بموجب العقد المسجل رقم 514 لسنة 2008 شهر عقارى دمنهور، أى فى تاريخ لاحق على حكم الدستورية الصادر عام 2004 .
وأوضحت المحكمة أن الثابت من مطالعة الصورة الرسمية لتقرير الخبير المقدم ضمن حافظة مستندات البابا تواضروس الثانى بجلسة 9 يوليو 2014، أن العقار محل الدعوى عبارة عن 13 محل وكنيسة لها منارتان وعليها صليب، ويقام فيها الصلاة والكاهن موجود داخل الكنيسة ويوجد بها جزء متهدم بفعل فاعل، وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتطرح به ما ورد بمعاينة النيابة العامة التى تمت فى 7 ديسمبر 2004 من أن المبنى مهجور ولا توجد به مظاهر لإقامة شعائر دينية باعتبار أن تقرير لجنة الخبراء بوزارة العدل مؤرخ 27 يناير 2009 أى لاحق على تاريخ معاينة النيابة العامة، الأمر الذى تنطق معه أوراق الدعوى بما لا يدع مجالا للشك أن العقار محل الدعوى كنيسة وهو ما ثبت بالعقد المسجل ذاته رقم 514 لسنة 2008 من أن المبيع برج كنيسة متهدم وأرض فضاء وبعقد البيع الابتدائى وبالشهادة الصادرة عن بطريركية الروم الأرثوذكس وبمعاينة لجنة الخبراء بوزارة العدل.
وأشارت المحكمة أن طلب المدعى إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص بهدم كنيسة الأروام الأرثوذكس برشيد، مستندا إلى ملكيته لها بموجب العقد المسجل رقم 514 لسنة 2008 الذى تم تسجيله بعد سريان حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 162 لسنة 21 ق دستورية المنشور فى الجريدة الرسمية بتاريخ 18 مارس 2004 غير جائز قانونا باعتبار أن كلا من المسجد والكنيسة متى أقيمت فيهما الصلاة وتم تخصيصها للعبادة بالقول أو بالفعل انتقلا من ملكية العباد إلى ملكية رب العباد ولا يجوز أن يكونا محلا لأى تصرف كالبيع أو الإجارة أو الرهن وأى تصرف من هذا النوع يرد عليها يعد تصرفا باطلا بطلانا مطلقا لمخالفته للنظام العام ولمبادئ الشريعة الاسلامية التى هى جزء اصيل من النظام العام الامر الذى يضحى معه تصرف البطريركية القائمة على شئون الأورام الأرثوذكس ببيع الكنيسة برشيد تصرفا باطلا لا ينقل الملكية لوروده على دار عبادة ولا يعتد به قانونا حتى ولو تم تسجيله.
وأضافت المحكمة أنه لا يغير من ذلك ما تذرع به المدعى من صدور حكم لصالحه ضد هيئة الأوقاف المصرية فى الاستئنافات الصادرة بجلسة 14 نوفمبر 2007 والتى ورد بها ما نصه ( ينحسر عن العقار وصف دار عبادة ولا يتعبر من الأموال العامة، وأن الكنيسة تهدمت واندثرت معالمها وأن المدعى هو المالك للعقار بالشراء من البطريركية، وأن عقد شرائه ينتفى عنه البطلان) ذلك مردود عليه بأن حجية الأحكام نسبية قاصرة على أطرافها دون أن تتعداهم إلى غيرهم ممن لم يمثلوا بالخصومة الصادر فيها تلك الأحكام، ومن ثم فإن حجية هذا الحكم قاصرة على المدعى وهيئة الأوقاف فقط ولا يجوز إعمالها على الدعوى الماثلة لاختلاف الخصوم، فضلا عن أن أحكام المحكمة الدستورية العليا تعلو وتسمو على ما عداها من الأحكام الصادرة من المحاكم الأخرى اللاحقة لحكم الدستورية وعند التعارض يتعين أعمال حكم المحكمة الدستورية بوصفه ذى حجية مطلقة فى مواجهة كافة سلطات الدولة طبقا لقانون تلك المحكمة ولحكم المادة 195 من الدستور.
كما لم يغير من ذلك مما أورده المدعى من صدور حكم لصالحه فى الدعوى رقم 534 لسنة 1997 مدنى جزئى رشيد فذلك الحكم لم يصدر لصالحه، وإنما صدر ضده برفض طلبه إلزام الوحدة المحلية بالتعويض عن عدم إصدارها قرار بهدم الكنيسة.
واختتمت المحكمة حكمها المهم أنها تستنهض عدلها فى رد غائلة العدوان على قضاء المحكمة الدستورية العليا ذلك أن أحكام المحكمة الدستورية مستمدة مباشرة من الدستور وولايتها فى مجال الرقابة الدستورية ومرجعها إلى أحكامه فيما يصدر عنها من قضاء فى المسائل الدستورية التى تطرح عليها وكلمتها هى القول الفصل وبهذه المثابة فإن تلك الأحكام الدستورية تلزم كل سلطة بالعمل على مقتضاها وضبط سلوكها وفقا لفحواها فلا يجوز لأية جهة أو سلطة فى مصر التحلل من رقبة قضاء المحكمة الدستورية العليا أو مجاوزة مضمونة وإلا عد ذلك افتئاتا على الحقيقة الدستورية التى كشفت عنها أحكام تلك المحكمة.