لم يحمل بيان الحكومة الذى ألقاه المهندس شريف إسماعيل أمام مجلس النواب أحلامًا وردية أو وعودًا براقة كما توقع البعض، وإنما جاء مُقرًا بما هو واقعًا وموجودًا من تحديدات وأزمات تواجه الفقراء ومحدودى الدخل على وجه التحديد، وهم أكثر الفئات تضررًا من ارتفاع الأسعار، والبيروقراطية، وتفشى الفساد، والتضخم، وعجز الموازنة الذى اعترف به رئيس الوزراء فى برنامجه.
المهندس شريف إسماعيل لم يتجمل ولم ينكر أن الدولة تعانى من البيروقراطية، واعدًا بتجفيف منابع الفساد والإرهاب معًا كما وعد أيضًا بأن تأخذ الحكومة على عاتقها مهمة إصلاح الخدمات المُقَدَّمَة للمواطن والمرتبطة بحياته اليومية، متطرقًا إلى أزمة سد النهضة، ومُطمئنًا أنه لا مساس بمياه النيل طبقًا للمعاهدات والقانون.
الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فَنَّدَ بيان الحكومة قائلاً إن البرنامج الذى طرحة المهندس شريف إسماعيل على مجلس النواب اتسم بالشفافية الوضوح، مشيرًا إلى أنه حدد بدقة حجم التحديات التى تواجهها مصر خلال الفترة الراهنة.
وأوضح فهمى، فى تصريحاتٍ لـ"انفراد" أن المهندس شريف إسماعيل أقر بما هو قائم من مشكلات، مشيرًا إلى حديثه حول ارتفاع نسبه التضخم إلى 12% والتعداد السكانى، والمساحة الجغرافية، والضريبة التى يدفعها الفقراء ومحدودى الدخل.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن الحكومة حددت خلال برنامجها أهدافًا واضحة كمحاربة الفساد، والقضاء على البيروقراطية، والتعاون مع القطاع الخاص، والاهتمام بالأمن القومى، وأن الخطاب فى المجمل اتسم بالجراءة والطموح.
وأبدى الدكتور يسرى العزباوى، رئيس منتدى الانتخابات بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، عدة ملاحظات على بيان الحكومة؛ أبرزها أن البرنامج افتقر للتناغم، وفَرَدَ مساحات لبعض القضايا على حساب الأخرى.
وأضاف العزباوى لـ"انفراد" أن تصدير الحكومة للأزمات والتحديات فى بداية بيانها يُحْسَب لها من الناحية العملية، ويؤخذ عليها من الناحية السياسية، مشيرًا إلى أن كثرة الحديث عن الأزمات وإن كان يعكس مقدار الشفافية أحيانًا يتسبب فى ردود فعل عكسية.
وتابع العزباوى، إلى أن الشعار الذى أطلقته الحكومة على بيانها سبق وأن استخدمه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما فى حملته الانتخابية "نعم نستطيع".
وأكد الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن بيان الحكومة ليس على مستوى المرحلة الحالية والأزمات التى تمر بها مصر، مشيرًا إلى أنه لم يتطرق إلى جذور الأزمات السياسية الراهنة.
وأوضح نافعة لـ"انفراد" أن البُعْد الإنشائى والبيرقراطى أكبر بكثير من البعد الإجرائى والجدول الزمنى الذى من المفترض أن تحدده الحكومة، ويتابعه مجلس النواب لتحديد الإنجازات التى حققتها خلال فترة إدارتها للأزمات الراهنة.
وأشار العزباوى، إلى أن أخطر ما فى بيان الحكومة، هو تجاهله للبعد السياسى والأخطار الناجمة عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وعدم تطرقه أيضًا إلى الشباب المحبوسين، والحديث عن جدول زمنى للإفراج عنهم ما لم يتورطوا فى أعمال عنف.