شارع ملىء بالغموض، منزل بحارة نائية يكسوه التراب، لا صوت يعلو صوت الصمت، استغلال مرض وشيطان غلب القلب والعقل، وماضى أليم لم يرحل إلا بدماء طاهرة.
واقعة مؤسفة جديدة شهدتها مدينة السلام، بعد وفاة سيدة مريضة نفسيا داخل مسكنها، بعد تعرضها للاغتصاب أكثر من مرة، لتنتهى حياة مليئة بالألم والحزن على يد من كان الشيطان له قرينا ووليا، فهيىء له المرض جمالا والشهوة حصن مزين.
فعلى سيناريو فيلم " توت توت"، " مثلت المجنى عليها " كريمة" 65 سنة، دور الفنانة نبيلة عبيد فى فيلمها الذى أنتج عام 1993، والتى مثلت فيه دور المريضة نفسيا، وكيفية استغلال الكثير من الرجال لجسدها مستغلين مرضها الذهنى، ليقع هذا السيناريو تفصيلا بمدينة السلام.
ليس ذنبا أنها كانت من أصحاب المرض، لكن هؤلاء الذين يطلق عليهم بشر مجازا استغلوا هذا الضعف والمرض ليستغلوا جسد تلك السيدة دون وعى منها ولا مخافة من الله.
جيران " كريمة" يروون قصة حياة السيدة التى طالما حلمت بالحياة من أجل الحياة، لكنها لم تنعم أبدا براحة لتلقى حدفها ضحية للشهوة الكاذبة، فتقول " أم ياسمين": "معرفش عن كريمة غير أنها مريضة نفسيًا وتعيش بمفردها ومفيش حد بيسأل عنها، وبتقضى معظم حياتها فى الشارع وتطلب فلوس من كذا حد وتوزعها على الأطفال".
وتستمر " أم ياسمين" فى روايتها: "يوم الجمعة الماضى شاهدتها تجلس على السلم والدماء تنزف من تحت الحجاب الذى ترتديه، فأصابنى هلع وفزع عليها وقولتلها، إيه اللى عمل فيكى كدة فالتزمت الصمت وطلبت منها أخدها للمستشفى بس رفضت وقالت النهاردة الجمعة إجازة، فى اليوم التالى، بنتى فتحت الشباك وقالتلى، تعالى يا ماما شوفى كريمة نايمة إزاي، وبمشاهدتى لها من نافذه المطبخ وجدتها نائمة ويبدو أنها فاقدة للوعى وبطنها منفوخة جدًا، فنزلت لها أنا وجارتى فظننا فى بداية الأمر أنها نائمة لأنها تتعاطى أدوية تجعلها تنام بالثلاثة أيام، لكن كان وجهها أزرق ويبدو عليها معالم الوفاة، وبعد وصول الأجهزة الأمنية عثروا على سكينة ملقاة بشقتها فلم نكن نعلم أن الدم الذى كان على رقبتها من آثار تعدى شخص ما عليها فشقتها خالية من أى أدوات للمطبخ.
من جانبها تقول " سوسن.م" جارة المجنى عليها: "ربنا رحمها من العيشة التى كانت تعيشها فكانت بمفردها، وأخواتها مبيسألوش عليها"، مضيفة أن شقة المجنى عليها وشقيقيها شقة مظلمة لا يوجد بها سوى لمبة إنارة واحدة فى الحمام، وكان الأطفال فى الشارع يضربوها وكانت تطلب الاتصال بأشقائها لتطلب منهم زيارتها لكنهم لم يحضروا مطلقًا، فكانت تعانى من مرض نفسى ولم تستطع دخول الحمام، ومنذ فترة طلبت منى أن أحضر لها طعاما لجوعها الشديد وبالفعل قمت بإطعامها وأعطيتها ملابس من ملابسى ترتديها وكانت سعيدة جدًا، ووعدتها بأننى سأحضر لها طعام فى المساء وبالفعل أحضرت الطعام ونزلت لها وكانت هذه أول مرة أدخل شقتها فلم أجد أى إنارة أو غطاء أو فرش وعلمت أن أحد أشقائها حجز جميع الأغراض داخل غرفة وأغلقها.
وأكدت أن شقتها مفتوحة بدون نوافذ أو أبواب وكان ذلك يسهل لبعض الشباب الدخول لسرقتها واغتصابها، ففى سبتمبر الماضى وجدناها تصرخ وتبكى وعندما دخل أحد السكان لمساعدتها وجد 3 من الشباب يقومون باغتصابها، ولاذوا بالفرار من شباك المنور، وتمكن أحد الجيران أيضًا من الإمساك بشاب قام بسرقة بعض أغراض شقتها، فالجميع كان يعلم أنها تمتلك أموالا كثيرة لتسولها الدائم فى الشارع فكانت مطمعًا للجميع.
وأكدت التقارير الأولية للطب الشرعى التى تسلمتها نيابة السلام، وجود آثار واقعة اغتصاب قبل الوفاة فى واقعة العثور على جثة سيدة بمدينة السلام.
وأوضحت المعاينة الأولية لجثة سيدة عثر عليها داخل عقار سكنى بمنطقة النهضة بالسلام، أن السيدة مريضة نفسيًا وتعيش بمفردها.
وتلقى قسم شرطة النهضة، بلاغًا من شرطة النجدة بالعثور على جثة سيدة داخل شقة بدائرة القسم، وبالانتقال والفحص عثر على جثة سيدة تدعى "كريمة"، كما قام رجال المباحث بالتحفظ على كاميرات المراقبة، تمهيدًا لتفريغها وسؤال شهود العيان وجارٍ اتخاذ كل الإجراءات القانونية حيال الواقعة.