فى عام 1973 اعترف العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، فى مذكراته التى صدرت عن مؤسسة روزاليوسف، بأهم الأحداث فى حياته، منها فصل كامل عن أصدقائه بعنوان "أصدقائى الأوفياء.. الخونة" كتب فى مقدمة الفصل "سريرى بطل أساسى فى حياتى.. إننى أرقد عليه معظم أيام عمرى كمريض، ومرضى هو من يحدد لى من هو صديقى الحقيقى ومن هو الصديق الانتهازى، هذا السرير يظل أساسيا فى قصة حياتى، وهو يختلف عن غيره لأنه مصنوع بطريقة صممها الأطباء.. إنه مائل، من عند الأقدام منخفض جدا.. ومن عند الرأس مرتفع جدا، يصبح النوم عليه كالصعود إلى تل قطن.. والسرير تعلمت منه كثيرا، كان السرير كالمدرسة التى أدخلها مجبرا".
وحكى العندليب عن أصدقائه قائلا "على خريطة حياتى صديقة - لم يذكر اسمها- قالوا عنها أنها "مش ولا بد" نظرت إليها ومن عادتى أن أنظر إلى كل إنسان كتجربة خاصة، فلا يمكن أن نحكم على إنسان لمجرد سماعنا حكاية أو اتنين عنه.. الإنسان كائن متغير بحكم الظروف التى تمر عليه، تقربت من هذه الإنسانة، وعرفت ظروفها، فوجئت أنها أصيبت بشلل عصبى، بدأت أتألم لظروفها، لا لشىء إلا لأنها صديقتى.. وفوجئت أنها تعلن فى أكثر من مكان أننى عريسها القادم.. قلت لها لا داعى لهذه الشائعات لأنى أحب، قالت "أنا لا أقول شيئا من هذا"، اعترافها جعلنى أحس بالحيرة من كذبها.. سقطت من حياتى كورقة شجرة فى الخريف ولم تسأل عنى فى إحدى المرات التى أصبت فيها بالنزيف ولم أحزن".
واستكمل العندليب فى مذكراته "لا أدرى لماذا تذكرت الآن محمد الموجى، وأنا أجرى بالقلم على الورق، ربما لأنى أتذكر مرة ونحن ندخل معهد الموسيقى معا فوجئت بمن يقول لمحمد الموجى عروسة حلوة وكان للموجى نزوات، عرفت إنه تزوج واحدة تغنى فى كباريه، وأخفى خبر زواجه عنى، حزنت لأنه اختار لنفسه واحدة لا تليق به، غضبت منه وقلت له لابد أن تطلقها وأن تعود لبيتك وأولادك وبالفعل طلقها الموجى، كانت هذه الفتاة التى طلقها الموجى تشبه تماما هذه الفتاة التى أعلنت بالكذب فى كل مكان أنى سأتزوجها".
وأضاف عبد الحليم حافظ "محمد الموجى ابن ناظر العزبة الذى شرب الموسيقى من عزف أبيه على العود والذى أصر على تصميم زى للفرقة الماسية، والذى كان يجلس دائما بالعود ليعزف خلفى فى كل الحفلات ولم ينسحب إلا عندما لحن لى عبد الوهاب أغنية "توبة".. يومها قال لى: "اسمع يا عبد الحليم أنا وكمال الطويل بنحب بعض، بيسمعنى ألحانه قبل ما تذاع علشان كده أنا راضى أعزف ألحان كمال خلفك أما غير ذلك فلا.. لم أغضب من محمد الموجى ومازلت أنظر إلى غيرته على نجاحى بحب، إنه يعرف أننا هو وكمال الطويل وأنا، بداية طريق ومازلنا معا، بينى وبين الموجى ذكريات تبدأ بالعود الذى كنا نغطيه معا بالبالطو لنسير فى الشارع من معهد الموسيقى إلى بيتى فى المنيل خوفا من المطر، بينى وبين الموجى ذكريات الجلوس فى شادر البطيخ الذى يملكه مرسى جميل عزيز فى الزقازيق عندما كان يكتب "يا أبو قلب خالى".. قلب الموجى متسع.. سريع الغضب بحب سريع الرضا بفهم".