أكد الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن الأزهر الشريف على استعداد لتدريب الأئمة الألمان على مواجهة التحديات المعاصرة، وأن يساهم فى إنشاء مركز أزهرى بألمانيا لتعليم اللغة العربية ليكون مركز إشعاع لتعريف الناس بحقيقة وصحيح الدين الإسلامى، وأن هؤلاء الذين يقتلون باسم الدين لا يمثلون أى دين من الأديان السماوية.
واستقبل شيخ الأزهر، اليوم، الدكتور توماس دى ميزيير وزير الداخلية الألمانى؛ لبحث سبل التعاون بين الأزهر الشريف وألمانيا، مؤكدًا أن الأزهر يأخذ على عاتقه حماية الشباب من الوقوع فى براثن الإرهاب والتطرف، وهو على استعداد لأن يتفاعل مع المجتمع الأوروبى من أجل ترسيخ ثقافة السلام هناك، لافتًا إلى أن الإسلام لا يأمر بالقتل ويحرم الاعتداء على النفس البشرية أيًا كان دينها أو لونها أو عرقها.
وأبدى الوزير ترحيبه الشديد باقتراح فضيلة الإمام الأكبر بإنشاء مركز أزهرى لتعليم اللغة العربية وشرح صحيح الإسلام، مؤكدًا دعم هذه الفكرة بالجامعات الألمانية، كما أبدى إعجابه بفكرة تدريب الأئمة الألمان بالأزهر على مواجهة التحديات المعاصرة، مشددًا على ضرورة مكافحة التطرف فى المجتمعات المسلمة وغير المسلمة.
وعلى جانب آخر، ألقى توماس دى ميزيير، وزير داخلية ألمانيا، محاضرة بقاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر، عن التسامح الدينى، حيث كشف عن أنه يتم تدريس التربية الإسلامية فى عدد كبير من مدارس ألمانيا، مضيفًا أن تزايد العنف ضد المسلمين نعتبره فضيحة، وأن هناك قتلة يستغلون الدين ليبرروا القتل.
وأشار خلال إجابته على بعض الأسئلة، إلى أن اللاجئين فى ألمانيا ملتزمون بدورة الاندماج، التى تهدف للتواصل والحوار والتسامح والقيم والديمقراطية ونقل مفهوم التعايش.
وأضاف أن نسبة العنف ارتفعت فى العام الأخير، وهو ما نعتبره فضيحة، وقال: "هذا العنف ضد المسلمين بدافع الخوف منهم قد تزايد خمس أضعاف، وأيضًا لدينا إرهاب فى العالم فى مصر وتركيا وفرنسا وبلجيكا وقتلة يستغلون الأديان لكى يبررون القتل، وذلك يلقى الضوء سلبيًا على الإسلام، ولكن ينبغى على الإسلام المعتدل الذى تمثله جامعة الأزهر أن يوضح ذلك وينشره فى العالم".
وأشار إلى أن ألمانيا بها أكبر عدد من اللاجئين بعد السويد، مضيفًا أن هناك عددًا منهم يأتى بطريق غير مشروع، وأنهم يريدون وقف ذلك، لافتًا إلى أنه لأول مرة ينشأ حزب متعصب بسبب هذا العدد الكبير من اللاجئين.
وقال: "من يستحق الحماية من اللاجئين سنستقبله وغير ذلك فعليه مغادرة البلاد، اللاجئون المعتمدون الذين جاءوا من سوريا بسبب الحرب هؤلاء نحميهم، أما اللاجئون من بلدان أخرى فلن يكون لديهم فرصة للمكوث بألمانيا، ونحن نفرق بين من يحتاج للحماية وغير ذلك، وهذا لا يعنى أن سياسية ألمانية لا تقوم على التسامح".
وأضاف أننا نفرق بين الدولة والأحزاب؛ فالأحزاب تعمل على حيازة الأغلبية فى المجتمع ومن ثمَّ تشكل حكومة، لكنها تصبح حكومة ألمانية لكل الأمان والاسم المسيحى فى الحزب الحاكم لا يعنى أننا نمارس سياسية دينية، بل تستهدف التعايش السلمى.
وعلق توماس دى ميزيير وزير داخلية ألمانيا، على سؤال حول وجود الإخوان بألمانيا، قائلاً: نحن نمارس الحرية بسخاء، ولدينا قانون يجرم اقتحام المساجد والكنائس إلا حال التعارض مع القانون، مضيفًا أن ذلك أدى لانتشار الإخوان والسلفيين فى ألمانيا.
وأوضح أنه فى الفترة الماضية حدث حادث، ودخلت الشرطة المسجد، وقال: للأسف كنا مضطرين لذلك، ولا يمكن أبدًا تبرير أعمال العنف باسم الدين، ونحن بلد حر لدينا حرية الأديان والعقائد والدولة لا تراجع نوع الدين الإسلامى أو المسيحى إلا إذا تصادمت الشعائر الدينية بالقانون، وأعلم أن هناك بلادًا مسلمة تواجه خطرًا من توجهات السلفية والتطرف مثل مصر والجزائر ودول أخرى.
وتابع وزير داخلية ألمانيا: إن الإسلام دين السلام وجامعة الأزهر لديها سمعة طيبة فى العالم.
وأكد توماس دى ميزيير، وزير داخلية جمهورية ألمانيا الاتحادية، أن التسامح يعنى قبول كل منا الآخر، وليس التحامل على بعضنا البعض.
وقال: "أتقدم بخالص شكرى على هذه الحفاوة وتأثرت كثيرًا بهذا الاستقبال، وأقول لكم السلام عليكم، لكم جزيل الشكر على دعوتكم، ولقد تحدثت مع شيخ الأزهر الذى ألقى كلمة مهمة فى ألمانيا منذ أيام، وشرف عظيم لى أن أتحدث إلى شباب مصر، والخبرات الحياتية للإنسان هى التى تصوب علاقته بالدين، فبمرور السنين تغيرت معتقداتى، فأنا أذهب إلى الكنيسة وأصلى وأصوم".
وأضاف أن الإيمان يعنى أننا سنحاسب عن أعمالنا فى الدنيا، وفرق بين الحياة الدنيا والآخرة، وأن تقرير شئون الآخرة يرجع إلى الله، وهذه قناعتى، فكلمة التسامح فى اللغة الألمانية مأخوذة من اللغة اللاتينية، ومعناها أن تتحمل وتصبر على شىء، وقبول بعضنا البعض وليس التحامل على بعضنا البعض.
ورحب الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، بوزير الداخلية لجمهورية ألمانيا الذى ولد عام 1954، مستعرضًا السيرة الذاتية له، مشيرًا إلى أنه انضم إلى الحزب الحاكم المسيحى، وتولى بعض المناصب على مستوى الولايات، بالإضافة إلى تدرجه الوظيفى، حيث كان وزيرًا للمالية ثم الداخلية بولاية سكسونيا.
وتابع خلال كلمته بمحاضرة وزير الداخلية الألمانى بقاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر، حول التسامح الدينى، أن الوزير كان عضوًا فى البرلمان الاتحادى وتولى رئاسة مكتب المستشارة ميركل، وخلف وزير الدفاع فى عام 2011 حتى عام 2013، ثم تولى منصب وزير الداخلية وحصل على عدد من الأوسمة كوسام الاستحقاق البرتغالى عام 2009.