نقلا عن العدد اليومى...
من المتوقع أن يتسبب تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة بسعر مرتفع هو 14%، طبقا لنص القانون الذى أقره الرئيس وحصلت «انفراد» على نسخة منه فى موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار تصل إلى 40% حسبما ذكر أحد المسؤولين البارزين فى القطاع الضريبى.
وينص القانون فى المادة الثالثة منه على السعر العام للضريبة على السلع والخدمات لأول مرة بواقع 14%، باستثناء سعر الضريبة على الآلات والمعدات المستخدمة فى إنتاج سلعة أو تأدية خدمة 5%، ما عدا الأتوبيسات وسيارات الركوب إلا إذا كان استخدامها هو المرخص به للمنشأة.
ولم يتضمن القانون فى نسخته الأخيرة التى وقعها السيسى بتاريخ 27 يناير الماضى، وتم تقديمها للبرلمان، سلع الجدول التى سيفرض عليها سعر ضريبة مختلف أعلى أو أقل من السعر العام لاعتبارات اجتماعية، ولا جداول الإعفاءات التى توضح السلع المعفاة من الضريبة نهائيا والتى يأتى على رأسها السلع الغذائية حسب التصريحات الحكومية السابقة.
وضريبة القيمة المضافة هى ضريبة جديدة من المفترض أن تحل بديلا لضريبة المبيعات المطبقة من عام 1991، وضعت موادها وزارة المالية فى عهد الوزير السابق هانى قدرى، وتم إقرارها من الرئيس السيسى وإحالتها للبرلمان قبل التغيير الوزارى الأخير.
وتختلف القيمة المضافة عن ضريبة المبيعات فى أنها «القيمة المضافة» حيث تفرض بسعر ضريبة موحد على كل السلع والخدمات باستثناء ما يتم إعفاؤه بموجب نص أو إخضاعه لضريبة بسعر أقل لاعتبارات اجتماعية حتى لا تتأثر أسعارها سلبا مما يؤثر على الطبقات الأقل دخل والفقيرة، أو يفرض عليها ضريبة بسعر أعلى مثل السلع الرفاهية والضارة بالصحة التى تحقق حصيلة ضريبية مرتفعة مثل السيارات ذات سعات المحرك الكبيرة والسجائر والخمور.
ومن المتعارف عليه أن ضريبة القيمة المضافة هى ضريبة غير مباشرة، أى يتحمل عبئها المستهلك النهائى الذى يشترى السلعة أو يحصل على الخدمة، وضريبة المبيعات المطبقة حاليا كانت تفرض على عدد محدود من الخدمات وبأسعار ضريبية مختلفة بمتوسط سعر 10%، أما ضريبة القيمة المضافة المقترحة فستفرض على كل السلع وكل الخدمات مما سينتج عنه موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار.
وطبقا لتصريحات وزير المالية السابق هانى قدرى، فإن زيادة الأسعار بالسوق لن تتخطى نسبتها 1.5 – 2.5% فى أسوأ السيناريوهات حسب دراسات صندوق النقد الدولى، وهى النسب التى وجدها الخبراء أقل من الواقع بكثير خاصة أن السوق المصرى يتميز بالعشوائية، ولا يوجد قواعد واضحة تحكم التسعير.
«أشرف العربى» عضو مجلس النواب ورئيس مصلحة الضرائب السابق، أكد أنه فى حالة تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة بهذا السعر المرتفع – 14%، سترتفع الأسعار وبالتالى معدلات التضخم، مما سيكون له آثار سلبية على المستهلكين فى ظل تطورات سعر الصرف وارتفاع الفجوة بين السعر الرسمى للدولار وسعر السوق السوداء داخل مصر وخارجها بدول الخليج، مما سوف يتسبب فى موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار بالفعل ظهرت بالسوق.
واقترح «العربى» تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنفس سعر الضريبة المطبق حاليا فى ضريبة المبيعات وهو 10%، حتى لا يتسبب ارتفاع السعر فى التهرب من سدادها، لأنه فى حالة ارتفاع أسعار السلع ستقل حركة البيع وتنخفض أرباح التجار والشركات، وبالتالى يفضل التجار أن تكون أسعار السوق منخفضة حتى يمكنهم تحقيق أكبر قدر من المبيعات وبالتالى الأرباح، وهو ما يمكن أن يؤدى للتهرب من الضريبة. ورأى «العربى» أنه من الأفضل أن تكون زيادة سعر الضريبة تدريجيا بواقع 1% سنويا عن السعر الحالى، بدلا من الزيادة المفاجئة، مما قد يدفع الحكومة لإلغاء القانون بالكامل نتيجة اعتراضات شعبية، وبالتالى ففى هذه الحالة التدرج فى زيادة السعر أفضل بكثير.
من جانبها قالت الدكتورة أمنية حلمى أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن فرض الضريبة بهذه النسبة المرتفعة سيؤدى لآثار سلبية جدا على الأسعار، وقد تتخطى نسبة زيادتها إلى 70% جراء تطبيق الضريبة بجانب تأثيرات ارتفاع سعر الصرف للدولار أمام الجنيه.
وحذرت «حلمى» من موجه تضخمية كبيرة جراء تطبيق هذا القانون بسعر 14%، خاصة مع تآكل القيمة الحقيقية للأجور وتراجع الإنتاج، علاوة على عشوائية السوق فى ظل عدم إصدار الفواتير وزيادة معدلات التهرب من الضريبة.
وأكدت «حلمى» على أهمية تطبيق ضريبة القيمة المضافة ضمن مجموعة من الإجراءات الإصلاحية، بشرط تطبيقها بسعر مناسب، مشددة على أن الالتزام بالضريبة أهم من فرضها بسعر مرتفع، وهو ما يحقق الحصيلة الحقيقية.
وقلل الدكتور حسن عبدالله، رئيس قطاع البحوث والسياسات الضريبية بمصلحة الضرائب «مبيعات»، من ارتفاع الأسعار نتيجة فرض الضريبة بسعر 14%، مؤكدا فى تصريحات خاصة لـ«انفراد»، أن القانون الجديد يتيح خصم كل المدخلات المباشرة وغير المباشرة للمنتج، مما سيسهم فى خفض السعر النهائى للسعلة.
وأوضح «عبدالله» أن مدخلات الإنتاج غير المباشرة تشكل30% من إجمالى تكلفة إنتاج السلعة أو تقديم الخدمة، ولم يكن خصمها مسموحا فى قانون ضريبة المبيعات سابقا، أما قانون القيمة المضافة فسمح بالخصم الكامل لهذه المدخلات، مما سينعكس إيجابيا على سعر البيع النهائى للسلعة أو الخدمة.
وفسر «عبدالله» بمثال قائلا: «إذا كان سعر الضريبة المفروضة 14%، فخصم المدخلات يكون فى حدود 3%، مما يجعل سعر الضريبة الحقيقى 11% فقط، وهذا يعنى أن الزيادة فى سعر الضريبة بالقانون الجديد لن يتخطى 1% عن ضريبة المبيعات المطبقة حاليا. وأكد «عبدالله» أن مصلحة الضرائب أعدت 3 سيناريوهات أخرى لسعر الضريبة محسوبة بدقة، وجميعها أقل من 14%، واختيار السعر المناسب هو قرار سياسى بيد البرلمان حاليا.