حرصت وزارة الاستثمار على إحياء سبل التعاون مع منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، خاصة بعد خفوت دور مصر بالمحافل الدولية والتراجع النسبى للتعاون مع بعض المؤسسات الدولية الاقتصادية، وذلك فى إطار برنامج مشترك لتحسين مناخ الاستثمار والتنافسية، الذى يجرى تمويله من خلال الصندوق الدولى لدعم العمليات الانتقالية فى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقد أطلقت وزارة الاستثمار بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية فعاليات البرنامج المشترك من خلال مؤتمر حول تعزيز تنافسية الاقتصاد المصرى بحضور واسع ومتنوع تجاوز الـ160 شخصا من القطاعين الحكومى والخاص وخبراء المنظمات الدولية وممثلى البعثات الأجنبية علاوة على نخبة بارزة من ممثلى وزارات الاستثمار والخارجية والتجارة والصناعة والمالية والعدل والتنمية الإدارية والنقل والبنك المركزى وممثلون عن المحافظات ورؤساء أجهزة مدن بدر والعاشر من رمضان.
شدد السفير ياسر النجار مساعد أول وزير الاستثمار خلال افتتاحه لأعمال المؤتمر عن الجانب المصرى على ضرورة الإسراع فى البناء على المشاورات التى قادها الرئيس فى نوفمبر الماضى مع سكرتير عام منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وذلك بالتعاون فى محاور متنوعة تعكس أولويات النهوض بالاقتصاد المصرى فى المرحلة الراهنة، من الارتقاء بالبنية التحتية إلى رفع التنافسية بالقطاعات الرائدة مروراً بالشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحسين بيئة الاستثمار.
أما كارلوس كوندى مسئول علاقات المنظمة مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد رحب بالمساعى المصرية، مشيراً إلى استعداد المنظمة لتقديم خبراتها والتجارب المُثلى للدول الأعضاء فيها للاستفادة منها لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصرى.
شهدت جلسات المؤتمر نقاشات قيمة بين شخصيات بارزة من القطاع الخاص وخبراء دوليين، ففى الجلسة الأولى أبرز أحمد السويدى، رئيس مجلس إدارة مجموعة السويدى أن استثماراته فى مصر هى الأفضل على الإطلاق مقارنةً باستثماراته فى أكثر من 50 سوق أخرى، موضحاً أنه من بين المجالات التى يأمل أن يرى تقدماً سريعاً فيها هى تخفيض زمن الإجراءات الجمركية.
وفى ذات الجلسة استعرض روبرتو الفاريز، رئيس الاتحاد العالمى لمجالس التنافسي، ومقره واشنطن، ما يتميز به مفهوم التنافسية من ديناميكية وتطور فإذا تطلبت دولة ما إصلاحاً هيكلياً على سبيل المثال فلابد أن يرافقه اهتماماً بقضايا التطوير والابتكار.
أما الجلسة الثانية للمؤتمر والتى تناولت إطار وسياسات الاستثمار فى مصر وأدارها الدكتور هانى سرى الدين مؤسس مكتب سرى الدين وشركاه، فقد استعرض خلالها السفير ياسر النجار ما تقوم به الحكومة على أصعدة ثلاث، مبرزاً فى مجال الإصلاحات التشريعية أهم ما جاء من تعديلات على قانون الاستثمار، وعلى صعيد السياسات، أكد على الحرص على خلق مناخ يتميز بالشفافية لكل من المستثمرين المحليين والأجانب، بغض النظر عن حجم أعمالهم، واختتم بإيضاح الهدف من وراء مشروعات البنية التحتية والخاص برفع جاهزية مصر لاستقبال واستيعاب الاستثمارات.
وفى نفس السياق عبر عبد الله النقراشى ريس مجلس إدارة مجموعة الفطيم فى مصر عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد المصرى بشكل عام واستحسانه بشكل خاص لأداء قطاعى التجزئة والعقارات.
وفى ذات الجلسة أشار أسامة بشاى الرئيس التنفيذى لشركة أوراسكوم للإنشاءات إلى ضرورة إيلاء الأولوية فى مصر للعنصر البشرى الذى يُعد ركيزة التنافسية فى أى دولة، مؤكداً أهمية وجود رؤية حول دور القطاعات ذات الأولوية فى الاقتصاد الوطنى، وتعزيز حكم القانون، وهى الأمور التى أضاف إليها الدكتور هيريت رئيس الغرفة العربية الألمانية للصناعة ضرورة تطوير سياسات وممارسات جذب الاستثمار، بحيث تخاطب أيضاً الشركات الأجنبية الصغيرة والمتوسطة، ضارباً المثال بالشركات الألمانية من ذات الفئة الموردة للشركات العالمية الكبرى والتى لا تملك نفس قدرات الشركات الكبرى أو استعداها للمخاطرة، على أنه لا يمكن الاستهانة بحجم أعمالها واستثماراتها.
كما شهدت الجلسة استعراضاً لتجارب مميزة فى تحسين مناخ الاستثمار إذ أشار مستشار بعثة شيلى لدى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إلى ما قامت به بلاده من إعادة هيكلة للمؤسسات الخاصة بجذب استثمارات جديدة واهتمامهم بالحفاظ على القائم منها.
وفى الجلسة الأخيرة الخاصة بكيفية تشجيع الممارسات المسئولة ومبادئ الحوكمة لدى القطاع الخاص والتى أدارها الدكتور حاتم خاطر مؤسس مؤسسة تروس مصر للتنمية، أكد خبيرا منظمة التعاون الاقتصادى كريستينا تيبار وفريديريك ويرلى على سبل تأطير مبادئ الحوكمة والممارسات المسئولة باعتبارها جزءاً أصيلاً من العمليات الاستثمارية الحديثة مؤكدين على نيتهم التعاون عن قرب فى هذا الأمر مع الحكومة المصرية من خلال وزارة الاستثمار، وفى هذا المجال، عرض السيد باسل الباز رئيس شركة كاربون القابضة إلى تجربته الشخصية حيث نجح فى تطبيق مجموعة كبيرة من هذه المعايير فى شركته بشكل تدريجى، ناصحاً بضرورة الموازنة دوماً بين الأولوية الحيوية لجذب الاستثمار فى الدول النامية من جانب وبين أهمية الترويج لمبادئ الممارسات المسئولة للشركات من جانب آخر.
هذا وعلى مدار اليوم التالى وفى أعقاب هذا المؤتمر الموسع، نظمت وزارة الاستثمار بالتعاون مع وزارة العدل ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ورشة عمل حول الممارسات المُثلى لتسوية منازعات الاستثمار والحيلولة دون نشوبها.
شددت ورشة العمل على أهمية آليات تسوية المنازعات والوقاية منها باعتبارها تعزز الشفافية وتسرع من حل مشكلات المستثمرين بما لا يفرط فى حقوق الدولة والمجتمع، وهدفت الورشة إلى بناء القدرات القضائية والقانونية بالنسبة للعمل فى هذا المجال.
وقد افتتح ورشة العمل كل من السفير ياسر النجار مساعد أول وزير الاستثمار، والمستشار حازم بدوى مساعد وزير العدل ورئيس قطاع المحاكم المتخصصة والمستشار طه عبده نائب رئيس مجلس الدولة، بمشاركة عدد من المستشارين والقضاة من الدوائر المختلفة بالمحاكم الاقتصادية، وعدد من السادة المستشارين أعضاء هيئة قضايا الدولة، والسادة المستشارين من مجلس الدولة، وأعضاء هيئة النيابة الإدارية.
وصرح السفير ياسر النجار أن هناك آفاقا كبيرة ومجالات متعددة للتعاون مع المنظمة، خاصة فى ظل الاهتمام البالغ من جانب سكرتير عام المنظمة فى أعقاب لقائه مع السيد الرئيس، وما اتفق عليه من أن توجه المنظمة إمكانياتها لبناء القدرات المصرية والمساندة فى مجالات البنية التحتية ودعم المشروعات المقرر طرحها فى إطار مشروع تنمية محور قناة السويس.
من ناحية أخرى أكد مسئولو المنظمة أهمية الدور الذى تقوم به "نقطة الاتصال الوطنية" المصرية لدى المنظمة، والتى تم إنشاؤها بقرار السيد رئيس مجلس الوزراء سنة 2007، ويتولى الإشراف عليها وإدارتها مساعد أول وزير الاستثمار.
كما أكد مسئولو المنظمة أن الجانب المصرى أبدى رغبته فى استضافة أحد الفعاليات الرئيسية للمنظمة فى عام 2017، وذلك فى إطار الاحتفال بمرور 10 سنوات على انضمام مصر لإعلان الاستثمار الخاص بالمنظمة.