"أصعب حب.. لما تلاقى اللى انت تحبه ما بيحبكش.. ولا تحس مهما عيونك تنطق قلبه ما بيحسكش" إذا كنت من مواليد الثمانينيات فإن هذه الأغنية الشجية والحزينة للفنان خالد عجاج هى ما اختصرها جيل التسعينيات والألفية الجديدة فى كلمة واحدة "فريند زون".
هذه المنطقة التى تدخلها بكلمة واحدة من الشخص الذى تكن له إعجابًا شديدًا يصل أحيانًا لمرحلة الحب، وبعد أن تستجمع شجاعتك وتواجهه بمشاعرك تجد نفسك فجأة من أهل الفريند زون بعبارة من ثلاث "أنا بحبك زى أخويا" "خلينا اصحاب أحسن" "أنا بحبك بس مش بالشكل دا"، بعدها يكون أمامك خيار من اثنين، إما الانسحاب تمامًا من حياة من تحب، أو الاستمرار والرضا بهذا الموقع الجديد، قانعًا بالصداقة التى تضمن لك القرب منه.
وغالبًا ما يكون اتخاذ خيار من الاثنين أكثر سهولة إذا كنت من أهل الفريند زون دون مواجهة صريحة مع الطرف اﻵخر، وإلا فى الغالب ستجد نفسك مدفوعًا للخيار الأول رغمًا عنك، وقد فقدت مكانك كصديق وبالطبع كحبيب.
وعلى الرغم من أن هذه الكلمة البسيطة "فريند زون" يمكن أن تصف المئات من قصص الحب، إلا أن لكل شخص فى هذه المنطقة حكايته الخاصة، بين ضحية الاستغلال العاطفى الذى يضعه الطرف اﻵخر كبديل جاهز لسد فراغه العاطفى فى أى لحظة، وبين من دخل هذه المنطقة رغم مبادلة الطرف اﻵخر له الحب، وبين من يقول ببساطة إن "كل الحكاية مافيش قبول".
ورغم كل شىء أيضًا قد لا يعنى دخولك "الفريند زون" أن العلاقة محكومة بهذه الصفة للأبد، فكثيرًا ما تتغير الحال وتجد نفسك فجأة خارج الفريند زون وداخل علاقة حب ناجحة.
وبعيدًا عن "الكوميكس" والتعليقات الساخرة عن "الفريند زون" وأهله، يمكن أن تساعد هذه الحكايات الحقيقية من قلب "شعب الفريند زون" فى تبديد شعورك بالوحدة والألم.. أو تمنحك بصيص أمل بشأن علاقتك، وربما تشجعك وتحفزك على أن تتخذ قرارًا حاسمًا ينتشلك من قاع الفريندزون.
مريم: "متأكدة إنه بيحبنى.. بس قالى احنا أصحاب بسبب الظروف"
بابتسامة ممتزجة بالمرارة تحدثت "مريم" لـ"انفراد": "أنا ببساطة بحب زميلى فى الشغل. الأول الناس اللى حوالينا هم اللى لفتوا نظرى لده، بسبب تصرفاته وأفعاله وكلامه اللى أكدوا لهم دا بعدها أنا كنت محتارة فى تفسير تصرفاته ومش مصدقاهم، بس هو بيقول احنا أصحاب وإخوات".
وتضيف "مريم": "أنا بحبه رغم إنه بيقول كدة، خاصة أن كل اللى يعرفه كويس بيقول لى هو قال كدة عشان ظروفه، ومش عايز يعلقك إلا لو جاهز.. فقال كدة وخلاص".
مع هذه الحيرة وبعد الكثير من التفكير اتخذت مريم قرارها: "قررت اتعامل معاه كصاحب جدع جدًا، وما خسرتوش ولا هو خسرنى رغم إنه عرف إن جوايا مشاعر ناحيته.. وأهو أدينا بنتعامل نفس المعاملة إلى أن يشاء الله".
رغم تأكيدها على وضوح مشاعره بالنسبة لها وللآخرين، تستبعد "مريم" أن يكون ذلك الصديق-الحبيب يتلاعب بها، وتقول "هو دايما كان فى كلامنا بيلمح إنه مستحيل يعلق وحده بيه طالما عارف إنه مش هيقدر يتقدملها دلوقتى وإن مش هيحب يبهدل بنات الناس معاه تحت اسم الحب"، وتستطرد "هو معلقنيش بيه ولا وعدنى بحاجة، ولما قالها صريحة "احنا اخوات واصحاب" كان بسبب كلام وصله عن إنى منهارة بسبب حبه فحس بالذنب لكن أكدت له إن الموضوع بسيط سواء شايفنا إخوات واصحاب بس أو جواه مشاعر من ناحيتى بس قافل عليها دلوقتى بسبب ظروفه. فى كل الأحوال هو إنسان عظيم، ووجوده فى حياتى حاجة حلوة جدًا أتمنى ما خسرهاش".
وبعقلانية تضيف "أنا مؤمنة جدًا إن مش شرط عشان قابلنا شخصية وأعجبنا بيها نرتبط بيها، جايز فى الارتباط نكتشف إن شخصياتنا وحشة أو إننا حلوين كأصحاب بس، فلو ما ارتبطناش يبقى أكيد خير من ربنا إننا نبقى أصحاب قريبين من بعض جدًا".
"نهى": "أعجبت به.. حبيته وصارحته ورفض.. ومحصلش حاجة"
بصراحة شديدة تعترف "نهى": "أنا بعجب بسرعة وبنبهر بسرعة جدًا، بس انبهارى دا ما بيكملش أكثر من أسبوعين، لأن شروطى معقدة شوية فى اختيار شريك حياتى، وعلشان كدة عمرى ما ارتبطت ارتباط حقيقى قبل كدة، والحكاية بدأت لما عرفت الشخص دا ولقيته شبهى جدًا، وزى كل مرة الموضوع بدأ بإعجاب لكن ما اختفاش بعد أسبوعين.. حاولت ألفت نظره لغاية ما بقينا أصحاب لمدة طويلة، وأنا حبيته جدًا لكن مش بجنان، بعقل جدًا، يعنى مش بغطى عيوبه؛ انما عارفة عيوبه جدا وابعادها وليه وفين وإزاى، وما زلت بحبه جدا، ومش عارفة أحب غيره، عشان كل الرجالة بيكونوا ناقصين جنبه.. اللى حصل أن تصرفاتى فضحتنى، واتصارحنا وقالى إنه مش شايفنى بالشكل ده.. وخلاص.. ما زلت بحبه جدا..".
"محمد": "بتقول إنى طيب.. بس مش شبهها"
بمزيج من الإحباط والاستنكار يحكى "محمد": "كان فى بيننا شغل مشترك لفترة، عجبتنى لما اتعاملت معاها شدتنى ولاحظت إنى بحب أتكلم معاها، وإنى فعلا بنسى كل حاجة لما أكون معاها حتى لو بنتكلم فى شغل.. وساعدتنى أخرج من أزمة عاطفية كنت لسة خارج منها طازة. وشوية الإعجاب اتحول لحب، لمحت لها أكثر من مرة بعرض الجواز وكانت بتقلب الكلام بهزار، كنت متخيل انها مكسوفة واتكلمت معاها بجد فى يوم، فكان ردها إنى طيب جدًا وهى بتحترمنى وبتحبنى بس كصديق، لكن مش أكتر لأننا مش شبه بعض. رغم انى مش مقتنع بده بس مفيش فى إيدى حاجة غير إنى أفضل احبها حتى لو من بعيد لبعيد، وبحاول أفهم يعنى إيه مش شبهها".
"هند": "قالى إنه بيحبنى بس مش مطابقة لمواصفات أهله"
"دخلت الفريند زون برجليا.. مع واحد أنا متأكدة إنه بيحبنى" هكذا اختارت "هند" أن تحكى عن قصتها مع "خلينا اصحاب أحسن"، التى جاءت على لسانها هذه المرة. تقول "هند" "كان فعلا طلب منى الجواز بس بعد كدة اكتشف إن المواصفات اللى حاططها هو وأهله مش حتمشى عليا فقال لى أنا بحبك حب صحاب، وأنا طبعا احتراما لكرامتى قلت له وأنا كمان طبعا، وبدأت رحلة العذاب".
وعن التفاصيل تحكى "كنا اتعرفنا على إننا صحاب وقربنا من بعض جدا لحد ما كل اللى حوالينا لاحظوا إننا بقينا بنحب بعض بس من غير ما نتكلم، كان أصغر منى بـ3 سنين أو سنتين ونص وهو كان عارف إن دى مش مشكلة بالنسبة لى وهو كان بيحب واحدة اكبر منه ومحصلش نصيب فأهله قالوله لازم تسمع كلامنا، لازم تكون مهندسة أو دكتورة وتكون أصغر منك وتكون بيضاء وتكون رفيعة وشعرها حلو.. دى المواصفات".
واستكملتهند: "رغم كدة كنا بنقرب زيادة لحد ما جه يوم لقيته بيقولى تتجوزينى؟ طبعا اتصدمت وفرحت وسكت تانى يوم قال لى إنه بيحبنى حب صحاب وإنه كلم واحدة مواصفاتها منطبقة من البنات اللى يعرفهم علشان يتجوزها وبيسألنى انتى بتحبينى إزاى كرامتى نقحت عليا وقولتله إيه اللى بتقوله ده احنا صحاب وسكت وقعدت يومين أعيط ومش بتكلم مع حد لحد ما هديت شوية".
على عكس المتوقع لم تكن هذه نهاية القصة، فتضيف "هند": "بعد خطوبته بدأ يزود التلميحات وكل كلامه إنه ندمان على الخطوبة وإنى مينفعش أوافق على خطوبة وجواز بالطريقة دى وإن أنا كنت صح لما كنت بقوله إن الحب هو الأساس وطبعا خطيبيته كانت متضايقة من صداقتنا لأنى كنت أقرب ليه منها، وبطلنا حتى نبقى صحاب ولا حصلت صداقته ولا حبه ومن ساعتها وأنا كلمة حب صحاب ولا حب جواز بترن فى ودنى".
"حسناء": "كان بيقول بحبك وحشتينى.. وبعدها حدفنى على الفريند زون"
بسخرية لا تخلو من بقايا غضب، تحكى "حسناء" عن تجربة قديمة "كنت بحب واحد جدا و كنا بنتكلم طول الوقت و دايما يقول بحبك والله وحشتينى والجو دا وبعدين بقى قال إيه بيحبنى كأصحاب وبوحشه كل يوم كأصحاب وقالى نبقى أصحاب بس الحقيقة إنه (....)". واستطردت "حسناء": "على فكرة مش كل اللى فى الفريند زون موهومين، كتير جدًا بيكون الطرف التانى بيستهبل وبيستغلهم".
"أحمد: "كل الحكاية مفيش قبول"
رغم إنه "فريندزاوى قديم" كما يصف نفسه، يرفض "أحمد" التعميم أو اتهام كل من يضعون معجبيهم فى هذه المنطقة بالاستغلال، ويقول ببساطة "مفيش استغلال ولا حاجة.. الفكرة ببساطة إن مفيش قبول.. والقبول ده بتاع ربنا.. لا لينا قدرة ولا سيطرة عليه".
وعن حكايته يقول أحمد "أنا دلوقتى بقيت اسمع مصطلح فريند زوون.. مع إنى فيه من زمان.. من أكثر من عشر سنين.. من أيام ما كنت فى الجامعة. كنت كل ما أشوف واحدة وتعجبنى واتشجع بقى عشان أفاتحها.. وابقى معشم نفسى بقصة حب ملتهبة تغطى على قصص قيس وليلى وروميو وجوليت.. وأعيش فى الخيال واتخيل واحنا بنختار لون الستاير اللى لازم يبقى متناسق مع لون السجاجيد ولون تنجيد الأنتريه.. واتخيل شهر العسل اللى هنقضيه فى رحلة سفارى بعربيتى (التخيلية بردو)، وأقرر أفاتح البنت بإعجابى بيها وآخد حبتين شجاعة، وبمجرد ما اقولها انى معجب بيها ألاقيها بتبصلى كدة بعيون مبرقة جاحظة، وتقولى بنبرة صوت يعتريها الأسف.. بس أنا مش شايفاك أى حاجة غير أخويا.. وكمان أنا مش بفكر فى موضوع الارتباط ده دلوقتى".
ويضيف أحمد: "طبعا كنت بانسحب بشجاعة فارس من فرسان العرب.. وانزوى مع نفسى فى البيت واسمع أغانى حليم (تبيعوه) (مين قسّاك علىّ) (توبة).. وبالطبع لا يمكن أنسى رفيق كفاحى فى العذاب السرمدى فى الحب.. الأستاذ محمد محيى.. اللى كل أغانيه بتعبر عنى وعن أبناء جيلى وأشقائى فى الفريند زون".
واستكمل أحمد: "وبالتدريج مبقيتش اسمح لأى واحدة إنها تقولى إنى أخوها.. وبقيت مستقر فى الفريند زون ومتكيف معاها.. بل اننى كوّنت صداقات متعددة من أبناء الفريند زون الأبرار.. ولقيت الناس بتتهمنا أو بتتريق علينا.. مع إنهم لو عرفونا هايحبونا.. زى إخواتهم بالظبط!!".
"محمد": "لا يأس مع الفريند زون"
بعيدًا عن كل القصص المآساوية يترك "محمد" بصيص أمل بعبارة واحدة فقط "أنا مراتى كانت حطانى فى الفريند زون لمدة سنتين على فكرة".
هى إيه "الفريندزون" دى؟؟
"منطقة الصداقة" أو "الفريند زون" هى مصطلح يعبر عن علاقة بين طرفين، أحدهما يرغب فى الارتباط عاطفيًا باﻵخر، بينما الطرف الثانى لا يريد ذلك ولكنهما أصدقاء، ويقال عنها أيضًا إنها بمثابة تفاوت فى الرغبة بالالتزام بعلاقة بين طرفين.
هذا المصطلح أو هذه الحالة تشبه كثيرًا "الحب من طرف واحد" الذى طالما عرفناه لكنها تختلف فى أن عذابتها أكبر، خاصة مع وجود علاقة صداقة تؤجج الحب وتزيد من عذاب القرب.
وعلى الرغم من أن مصطلح "فريند زون" لم يظهر فى مصر إلا خلال السنوات الأخيرة فحسب إلا أن موسوعة ويكيبيديا تشير إلى أنه ظهر للمرة الأولى فى عام 1994 من خلال إحدى حلقات المسلسل الكوميدى الاجتماعى الشهير "فريندز"، وبدأ ينتشر تدريجيًا بين الشباب كمصطلح يصف هذه العلاقة المعقدة التى انشغل علماء النفس بمحاولة تفسيرها، فرأوا تارة أن سببها هو سوء تفسير الإشارات اللفظية بين الطرفين، ورأوا فى مرة أخرى أن سببها وجود تنافر جنسى بين الطرفين ولكن بدرجة غير قوية بحيث لا تمنع وجود الصداقة.