لم نكن نعرف عنه شيئا، وإذا حاولت أن تبحث عن معلومات تاريخية وفنية باللغة العربية عن تمثال "سخم كا" الذى أصبح محور حديث غالبية وسائل الإعلام فى العالم فلن تجد شيئا يذكر، وكل ما ستجده هو بعض الأخبار التى تذكر قصة بيعه أو عرضه فى المزاد، ومحاولات مصر لمنع هذا الأمر، وفى الوقت الذى حاول المصريون أن يبحثوا عن هذا التمثال وأن يستعيدوه بعد أن أدركوا أهميته تحول التمثال إلى "سراب" بعد أن وضعه القدر فى يد "المجهول" وأصبح من العسير معرفة أين هو؟ وفى يد من سيقع؟
قال أبو الطيب المتنبى وكأنه يصف هذا الحال: "فافترقنا حوْلا فلما التقْينا كان تسليمه على وداعا" والشائعات تردد أن هذا مصير التمثال الأثرى النادر أصبح فى يد "قطر" وأن المالك السرى "قطرى الجنسية" والبعض يدعى أنه أحد أعضاء الأسرة الحاكمة فى قطر، بينما يقول البعض الآخر أنه أحد الوزراء السابقين، لكن حتى الآن لا توجد أى معلومة أو دليل تؤكد هذه الشائعات أو تنفيها، فالجانب القطرى ملتزم الصمت، والجانب المصرى ملتزم الكلام.
وترددت الكثير من القصص حول خروج التمثال بطريقة شرعية أم لا، حيث قيل إن التمثال خرج من مصر عام 1849 واشتراه ماركيز نورثمبتون، ثم أهداه ابنه لمتحف نورثمبتون، وبعد كل هذه الأقاويل أعلنت وزارة الآثار خروج التمثال بطريقة شرعية عن طريق البيع عام 1829 وتم إهداؤه إلى متحف بريطانيا، وبعد ذلك انتقل إلى متحف نورثامبتون الذى عمل على بيعه بـ 14 مليون جنيه إسترلينى، بحجه أغراض توسيعية وتطويرية للمتحف.
ومن هنا خرجت العديد من الجهات المسئولة المصرية تطالب باستيراد التمثال الفرعونى لتهدئة الشعب الغائر على ممتلكات بلده.
وكانت من بين المقترحات التى لقت بالفشل الذريع، والمبادرة أطلقتها وزير الآثار السابق الدكتور ممدوح الدمياطى لاسترداد التمثال وكانت بعنوان "محبى التراث من رجال الأعمال المصريين الموجودين ببريطانيا" حيث إن المبادرة هدفها أن يشترى رجل أعمال مصرى ثرى التمثال لإعادته إلى مصر.
و اقترح "ناصر كامل" سفير مصر فى لندن، امتلاك تمثال "سخم كا" بالتعاون مع المتحف البريطانى والمتحف المصرى فى القاهرة، ليتم عرض التمثال على فترات متساوية لمدة ستة شهور فى المتحف البريطانى والمصرى، وجاء الاقتراح بمثابة حل وسط لم يسبق له مثيل بين الدول التى ترغب فى عرض مجموعات أثرية من العصور القديمة.
وبعد الجهود غير المرضية عن استيراد التمثال، انتهت المدة التى وضعتها وزارة الثقافة البريطانية يوم 29 مارس الماضى، لوقف منح ترخيص تمثال "سخم كا" ومنع تصديره خارج بريطانيا، حيث لم يتقدم المشترى لشراء التمثال كما فشلت المفاوضات مع مالك "المجهول".
لذلك دعونا نودع الفرعونى "سخم كا" فى حزن شديد وببالغ الأسف على ضياع هذا الأثر المميز الذى يعبر عن حضارة مصر منذ آلاف السنين، حيث يرجع تاريخه إلى 4500 عام، ومعنى اسم "سخم كا" قوى الروح"، فهو أكبر كاتب فرعونى، من عصر الأسرة الخامسة، يرتدى سخم تنورة قصيرة يمسكها حزام معقود، ويمسك بكفيه ما يحاكى ورقة البردى المنحوت عليها نقوش هيروغليفية، وعلى جوانب التمثال نقشت كثير من العبارات الهيروغليفية.