أحدثت وثائق بنما التى تم تسريبها مساء الأحد الماضى ضجة عالمية لا تزال تداعياتها السياسية تتكشف. فالوثائق التى كشفت عن تورط عدد من قادة العالم السابقين والحاليين ومسئولين ومشاهير من دول كثيرة فى عمليات تكوين ثروات هائلة وإخفائها إلى جانب عمليات غسيل أموال أصبحت تهدد مصير بعض الحكومات مثل أيسلندا التى تواجه حكومتها سحب الثقة منها بعدما ورد اسم مسئوليها فيها. فى الوقت الذى سعت فيه دول أخرى إلى محاولات الحد من تأثيرها بتقييد نشر الأخبار عنها.
ورفضت الصين الاتهامات المثارة فى تلك الوثائق وقالت إنها لا أساس لها واتجهت إلى تقييد التغطية الإعلامية والصحفية عن الوثائق التى كشفت مخالفات مالية لبعض قادة العالم.
وبحسب وكالة رويترز، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية رد على سؤال حول ما إذا كان من الممكن أن تحقق الصين فى أى علاقات لمسئوليها، ممن وردت أسمائهم فى الوثائق، بالشركات التى تسمح بالتهرب من الضرائب فى الخارج، "لن نعلق على هذه الاتهامات التى لا أساس لها".. وتجنبت وسائل الإعلام الصينية نشر تقارير عن وثائق بنما، بل إن البحث عن الوثائق على محركات البحث الصينية على الإنترنت يقود بالمستخدم إلى موضوعات فى الإعلام الصينيىة عن القضية، إلا أن كثير من الروابط تم تعطيلها أو تفتح الأخبار المتعلقة فقط بالمزاعم الخاصة بشخصيات رياضية.
واتهمت صحيفة "جلوبال تايمز" الناطقة باسم الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين قوة كبرى بالوقوف وراء تسريب ملايين الوثائق، وتحدثت عن يد لواشنطن فى هذا الحدث معتبرة أن تلك الخطوة تأتى فى إطار صراع بين الشرق والغرب. بينما رأت روسيا أن نشر هذه الوثائق التى تردد اسم رئيسها فلاديمير بوتين فيها ما هو إلى محاولة لتقويض استقرار البلاد قبيل الانتخابات المقررة هذا العام.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن وزارة العدل الأمريكية تقوم حاليا بمراجعة ما يعرف باسم وثائق بنما التى نشرتها وسائل إعلام دولية وذلك للبحث عن أدلة تشير إلى وقوع أعمال فساد يمكن أن تخضع للمحاكمة فى الولايات المتحدة.
وذكر المتحدث باسم الوزارة بيتر كار، أن الوزارة على علم بالوثائق وتقوم بمراجعتها، وقال "إنه فى الوقت الذى لا تستطيع فيه وزارة العدل التعليق عن نقاط محددة فى هذه الوثائق المزعومة، غير أن الوزارة تأخذ مأخذ الجد كافة الإدعاءات الخاصة بأعمال فساد دولية والتى قد تكون مرتبطة بالولايات المتحدة أو النظام المالى الأمريكى".
وتقول الصحيفة "إنه فى حال عثور وزارة العدل الأمريكية على دليل يشير إلى وجود جرائم مالية مرتبطة بهذه الحسابات المذكورة فقد تواجه الوزارة عراقيل لإقامة دعوى داخل الولايات المتحدة".
وأشارت وول ستريت جورنال، إلى أن من أهم هذه المعوقات هو تحديد ما إذا تورطت مؤسسات مالية أمريكية فى ارتكاب أى من هذه الأعمال أو ما إذا تم الحصول على السجلات الداخلية نتيجة لسلوك إجرامى مثل اختراق نظام الكمبيوتر لأى من المؤسسات.
وفى إيران، كشفت صحيفة جهان صنعت الإيرانية عن تورط الرئيس الإيرانى السابق محمود أحمدى نجاد فى فضيحة بنما التى أفشت خلالها تورط مسئولين سياسيين كبار حول العالم ومشاهير من عالم المال والرياضة فى عمليات تهرب ضريبى وغسيل أموال.
وقالت الصحيفة أن اسم الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد يوجد ضمن الأسماء المسربة للزعماء السياسيين فى الوثائق.
وأوضحت الصحيفة أنه من بين 11 مليون وثيقة، يوجد أربع وثائق تخص إيران، ونقلت الصحيفة الإيرانية عن موظف بمكتب المحاماة البنمى "موساك فونسيكا" الذى يعمل فى مجال الخدمات القانونية أن "الرئيس الإيرانى السابق محمد أحمدى نجاد كان يمتلك شركة على علاقة بمكتب موساك".
ولم تشر الصحيفة إلى تفاصيل الوثائق التى تخص إيران، وكيفية تورط نجاد فى فضيحة بنما. يذكر أن الرئيس الإيرانى السابق المتشدد أحمدى نجاد أشار مؤخرا إلى عودته للحياة السياسية من خلال الترشح فى الانتخابات الرئاسية التى ستجرى العام المقبل منافسا بذلك الرئيس حسن روحانى الذى ينتمى للتيار المعتدل.
وفى نفس السياق، ركزت صحيفة الجارديان على رامى مخلوف، ابن خال الرئيس السورى بشار الأسد، وكشفت وثائق بنما شركة موساك فونسيكا وبنك HSBC وبعض المسئولين البريطانيين ساعدوا مخلوف فى استمراره فى التعامل بداخل النظام المالى الأوروبى حتى مايو 2011 عندما جمدت سويسرا أمواله.