كلما ازدادت الهجمات الإرهابية التى تشهدها أوربا زاد "الإسلاموفوبيا"، وهو ما يعرض حياة المسلمين فى تلك الدول إلى الخطر، بالإضافة إلى توتر العلاقات بين تلك الدول والدول الإسلامية، فكان لزاما على المؤسسات الدينية أن تقوم بدورها فى هدم جدار الإسلاموفوبيا التى شيده المتطرفين بأعمالهم الإرهابية فى الدول الغربية، وشهدت الفترة الماضية تحركات إيجابية من قبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، بزيارات عديدة تركت أثر كبير فى نفوس الأوروبيين، وتصحيح صورة الإسلام وإظهار الجانب الحقيقى للدين الإسلامى.
ولاستغلال تلك الزيارات وكيفية الاستفادة منها ونتائجها قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن شرح الإسلام للآخر شىء مطلوب وأولى من يشرح الإسلام للآخرين هو الأزهر الشريف فهذا تخصصه والعالم كله يعلم أن الصورة الصحيحة للإسلام هى التى يحملها الأزهر، وهذا ما يقوم به الإمام الأكبر فى وقت أطلقت الدنيا كلها على المسلمين بأنهم اصحاب تطرف وإرهاب وهذا غير صحيح.
وأضاف فى تصريحات لـ"انفراد"، زيارات الإمام الأكبر للعالم الغربى لشرح صورة الإسلام الصحيح سواء رضى عنا الآخرين أم لم يرضوا إلا أنه واجب علينا أن نبلغ رسالة الله سبحانه وتعالى وأن نقدم الإسلام بالوجه الذى جاء به وليس بالوجه الذى ينتسب إليه الآن ولذا عندما شرح الإمام الأكبر فى أوروبا رأينا كيف تقبلهم لكلمة الإمام وكيف عرفوا عن الإسلام بل أن بعضهم وقف وظن أنه قد سيأتى على الإسلام فى سؤاله الذى قال فيه لماذا يتزوج المسلم من الكتابية ولا يتزوج الكتابى من المسلمة اليس هذه عنصرية فكان توضيح الإمام فى غاية الدقة وكان بإيجاز وفيه إنجاز واضح لدرجة أن بعد ما وصلت المعلومة إليهم بالطريقة التى هم يريدونها بالطريقة العقلية قبل النقلية طلب منهم الإمام من له اعتراض فليتقدم به ويشرح فلم يتكلم أحد.
وتابع: إذا الإسلام دين عنصرى وأن الإسلام هو السماحة والرحمة ولذلك بين الإمام الأكبر أن الإسلام ليس دين خاص بالمسلمين فقط وإنما للعالم كله وأن نبى الإسلام ليس رحمة للمسلمين ولم ينص القرآن الكريم على أن النبى رحمة للمسلمين، إنما قال وما أرسلناك إلا رحمة للعاملين فلا يمكن أن يأتى رحمة للعالمين ويحول دينه إلى إرهاب وتطرف.
وأضاف المجتمع الأوروبى يريد من يشرح له الإسلام وهذه فرصة أننا نتوجه إلى الغرب بل فوجئنا أن وزير خارجية ألمانيا جاء إلى الأزهر ليقدم الشكر للإمام الأكبر ويبين أثر كلمته فى المجتمع الألمانى وبين أن الإسلام دين السماحة وتغيرت النغمة من الضد إلى الضد عندما عرفوا أن الإسلام أنه هو الدين الصحيح، نحن مطالبون بان نقدم الإسلام بالصورة الصحيحة ونقدم تعاليمه بالأدلة العقلية والنقلية بعد ذلك ولا نقدم الأدلة النقلية اولا للغرب إنما نقدم للغرب الإسلام بالأدلة العقلية فلا يمكن أن يقبلك واحد فى الغرب وتقول له القرآن يقول قل هو الله أحد، فلابد أن تهدم الفكرة الإلحادية فى رأسه أولا عن طريق العقل ثم بعد ذلك حينما يخلو قلبه من هذا الاعتقاد يقول لك اين البديل قل البديل عندى هو قل هو الله أحد وهو الإسلام إذا طلب ذلك فنحن لا يزيدنا فى الإسلام أحد يدخل فيه ولا ينقص الإسلام أحد يخرج منه.
إنما يجب أن نقدم الصورة الصحيحة للإسلام فقال تعالى وما عليك إلا البلاغ، هذا هو منهج الأزهر تقديم البراهين وبعد ذلك من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وهذا نوع من الفتح الإسلامى الجديد على الغرب فهو اقوى من طائرات الدنيا وتكنولوجيا الدنيا كلها فالكلمة تستطيع أن تفتح بها قلوب غلفا.
من جانبه قال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أنه بعد انتشار الهجمات الإرهابية فى مختلف دول العالم، وما تبع ذلك من تنامى لظاهرة الإسلاموفوبيا، فقد كان لزامًا على دار الإفتاء أن تتواجد فى قارات العالم المختلفة بدءًا من القارة السمراء مرورًا بالقارة العجوز فأستراليا وأمريكا وكذلك آسيا.
وحرصت دار الإفتاء أن يقوم علماءها بالعديد من الجولات الخارجية إلى الإتحاد الأوروبى والولايات المتحدة وأستراليا وبعض دول القارة الإفريقية والآسيوية، والتقوا بالعديد من المسئولين هناك، كما ألقوا بعض المحاضرات فى الجامعات والمراكز الإسلامية حول التطرف وكيفية مواجهته والآلية التى تتبعها الدار من أجل ذلك.
وخلال تلك الجولات تلمسنا أن الغرب فى حاجه ماسة إلى معرفة الحقائق حول المفاهيم الإسلامية التى قامت الجماعات الإرهابية بتشويهها وتحريفها لتبرير إجرامهم، كما حرصنا أن نلتقى بعد من صانعى القرار والمسئولين فى تلك الدول لنؤكد لهم على ضرورة التمييز بين رسالة الإسلام النبيلة التى تتمثل فى الرحمة والسلام وبين المغالطات والممارسات التى ظهرت من أولئك المتطرفين والإرهابيين الذين يشوهون تعاليم الإسلام السمحة أمام العالمين، وأن جرائم الإرهابيين تتعارض كليا مع الجوهر الحقيقى لرسالة الإسلام والفهم الصحيح لتعاليمه.
وأضاف لـ"انفراد"، وكان من الضرورى أيضًا أن نوضح أن مصدر التبرير المزعوم لكثير من مظاهر التطرف والعنف السياسى فى العالم الإسلامى وخارجه ليس مرده إلى تعاليم الأديان، ولكن لمجموعة معقدة من العوامل نحتاج لفهمها جيدا بشكل معمق حتى نعالج هذه الظواهر التى تهدد العالم أجمع.
كما أن مشاركتنا فى المحافل والمؤتمرات الدولية أتاحت لنا الفرصة لعقد لقاءت ومباحثات ثنائية مع عدد من صانعى القرار والمسئولين من مختلف الدول لتبادل الرؤى والأفكار ووضع آليات للتعاون فى هذا الإطار.
وقد استقبلوا اقتراحاتنا باهتمام بالغ، وهو أمر نابع من مدى شعورهم بالخطر الذى أصبح يهدد العالم أجمع ولا يقتصر على الشرق الأوسط فقط.
لذا فقد توصلنا فى هذه الجولات واللقاءات إلى عدة اتفاقات مع أطراف عدة من أجل تحقيق التعاون لمواجهة خطر التطرف الذى أصبح يهدد الجميع الآن، منها ضرورة إجراء دراسة مستفيضة لأسباب انتشار ظاهرة التطرف والانضمام إلى الجماعات الإرهابية بين الشباب، حتى يمكننا التعامل معها بشكل منهجى وعلمى.
واتفقنا كذلك على أن دار الإفتاء ستقوم قريبًا بتنظيم عدة جولات يقوم بها علماء الدار فى العديد من دول قارات العالم الخمس، لعقد لقاءات على مستويات عدة.. مع المسئولين وصانعى القرار فى تلك البلاد من أجل تصحيح الصورة المشوهة عن الإسلام وإطلاعهم على كيفية مواجهة الفكر المتطرف والاستفادة من تجربة دار الإفتاء الرائدة فى هذا الإطار، وكذلك تنظيم لقاءات جماهيرية خاصة مع الشباب فى الجامعات والمراكز الإسلامية والأماكن العامة فى محاولة لمواجهة موجات «الإسلاموفوبيا» والمحاربة الفكرية للتطرف.
وكان من المهم أيضًا أن نتواصل مع وسائل الإعلام الغربية هناك لتوصيل رسالتنا، من أجل تصحيح الكثير من المفاهيم التى تم تشويهها ويتبناها الإعلام الغربية، وكان أولها عدم إطلاق مسمى الدولة الإسلامية عند الحديث عن داعش الإرهابية، وكذلك ضرورة تهميش وسائل الإعلام الغربية للأفكار والفتاوى الشاذة والمتطرفة التى تنقلها عن المتطرفين، وأن تعتمد رؤية علماء الدين الإسلامى الوسطيين، وعرض المفاهيم الصحيحة التى يعرضونها ويوضحونها للناس، لكى تكون بديلًا للصورة النمطية المشوهة التى تعرضها معظم وسائل الإعلام هناك حول الإسلام والمسلمين وهو ما سيعزز التعايش داخل المجتمعات الأوروبية بين المسلمين وغير المسلمين من أبناء الوطن الواحد ويقضى على ظاهرة "الإسلاموفوبيا".
إلى ذلك قال الدكتور أسامة نبيل، المشرف العام على مرصد الأزهر الشريف، وضع خطة عمل سنوية تستهدف بعض دول العالم المؤثرة فى السياسة العالمية، بالإضافة إلى متابعة صدى زيارات الإمام الأكبر فى الدولة التى تم استهدافها ودول الجوار لقياس التأثير المباشر وغير المباشر على المؤسسات والأفراد.
وأضاف كما يمكن تحليل كيفية استقبال محتوى كلمات الإمام فى الدول المختلفة من أجل تعظيم الاستفادة منها فى زيارات مستقبلية، وبناء على نتيجة قياس تأثير كلمات الإمام فى الآخر، يبدوا لى منطقيا التعاون مع الآخر بطرق غير نمطية للمساهمة فى الحد من الإسلاموفوبيا والتى تتمثل فى أهمية اختراق الإعلام الغربى والتعاون مع الجامعات المختلفة والمؤسسات المسيحية فى أوروبا والأحزاب السياسية المعتدلة والتى لها تأثير مباشر على الشعوب والسياسات.