فى ذكرى 11 سبتمبر.. كيف أنهى ترامب عصر سياسة "القوة الصلبة" من ميراث هجمات نيويورك قبل 18عاما؟ عزل بولتون فصل جديد لمغازلة الخصوم.. وواشنطن تعتمد على الوجوه غير المسيسة لمخاطبتهم.. ومواقفهم تقرر مصير

فى الوقت الذى كان فيه يوم 11 سبتمبر بداية الطريق نحو سلسلة من الحروب المتعاقبة التى خاضتها الولايات المتحدة، منذ 11 عام، يبدو أنه سوف يسطر بداية حقبة جديدة من السياسات الأمريكية تجاه العالم فى المرحلة المقبلة، وذلك بعدما قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الإطاحة بمستشاره للأمن القومى جون بولتون، فى عشية الذكرى الـ18 للأحداث الدموية التى شهدتها مدينة نيويورك الأمريكية، والتى أودت بحياة الألاف من المواطنين الأمريكيين، فى تحد صارخ للهيمنة الأمريكية، ليس من إحدى القوى الدولية الفاعلة، ولكن من قبل جماعة غير منظمة، استطاعت استهداف الداخل الأمريكى، فى سابقة تمثل نقطة تحول مهمة فى تاريخ الصراعات الدولية. ولعل أبرز التداعيات التى خلفتها أحداث 11 سبتمبر، هى تحويل وجهة الصراع الدولى، من صراع بين الدول، كما كان الحال فى حقبة الحرب الباردة بين المعسكر الغربى، والذى تمثله الولايات المتحدة ودول الغرب الأوروبى، من جانب، والمعسكر الشرقى، بقيادة الاتحاد السوفيتى، وهو الصراع الذى انتهى فعليا بانهيار الأخير فى بداية التسعينات من القرن الماضى، ليصبح صراعا بين القوى المهيمنة، وحفنة جماعات غير منظمة عسكريا، استطاعت فى البداية استهداف المصالح الأمريكية فى محيطها الجغرافى، بينما كان الهجوم على برجى التجارة العالميين، فى 2001، نقطة التحول الكبرى، التى وضعت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش فى مأزق المواجهة، والانزلاق فى حمامات من الدماء، ربما مازالت تعانى منه واشنطن حتى الآن. داعية الحرب.. ترامب يحاول احتواء هواجس خصوم أمريكا ويعد مستشار الأمن القومى الأمريكى المقال جون بولتون أحد أهم الصقور، الذين تبنى الرئيس بوش رؤيتهم، بإعلان الحرب على أفغانستان، والعراق، بينما كان قريبا للغاية من توريط بلاده فى حرب جديدة مع طهران، سعى للتنسيق لها مع عدة قوى إقليمية فى الشرق الأوسط، على رأسها إسرائيل، وهو الحلم الذى طالما سعى إليه الرجل فى ظل وجوده بالإدارة الحالية، وهو ما يبدو واضحا فى حديث وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف عنه، اليوم الأربعاء، بوصفه "داعية الحرب"، إلا أنه فشل بسبب توجه ترامب المخالف، والذى يرى أن العقوبات الاقتصادية وسياسة العقوبات أكثر نفعا من استخدام القوى الصلبة لإنهاء الصراعات، فى ظل الخسائر الكبيرة التى دائما ما تنجم عن مثل هذه المغامرات، سواء كانت اقتصادية أو عسكرية. وجود بولتون فى موقعه بالبيت الأبيض لم يروق للعديد من خصوم أمريكا الدوليين، والذين طالبوا صراحة بإبعاده عن دوائر السلطة فى الولايات المتحدة، إذا ما أرادت واشنطن الوصول إلى حلول بشأن القضايا الخلافية، وهو ما بدا واضحا فى التوتر الذى نشب لعدة أشهر مع كوريا الشمالية، فى أعقاب فشل قمة فيتنام، التى جمعت بين الرئيس ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون فى فبراير الماضى، بالإضافة إلى غياب مستشار الرئيس للأمن القومى عن المشهد التاريخى، الذى جمع رئيس أمريكا بنظيره الكورى الشمالى فى المنطقة الحدودية منزوعة السلاح بين الكوريتين. مواقف المستشار المقال أثارت امتعاض دولا أخرى، وعلى رأسهم فنزويلا، والتى شهدت علاقتها مع واشنطن توترا كبيرا فى الأشهر الماضية إثر اعتراف الولايات المتحدة وحلفائها بزعيم المعارضة خوان جوايدو رئيسا للبلاد، وهو الأمر الذى أنذر بالحرب فى ظل قيام واشنطن بإرسال قواتها بالقرب من سواحل فنزويلا. فصلا جديدا.. إقالة بولتون تعنى نهاية حقبة "11 سبتمبر" وهنا يمكننا القول بأن إقالة بولتون ربما تمثل فصلا جديدا فى تاريخ ما يمكننا تسميته بـ"الدبلوماسية الدموية" التى تبنتها واشنطن، منذ 11 سبتمبر، والتى اعتمد قوتها الصلبة كوسيلة وحيدة لتحقيق الأهداف الأمريكية وفرض نفوذها فى العديد من مناطق العالم، خاصة وأنه استبق قراره الأخير بخطوات أخرى، من بينها الاستعانة بوجوه جديدة يمكنها القيام بدور أفضل فيما يتعلق بالعلاقات مع خصوم أمريكا البارزين، على رأسهم نائبه مايك بنس، ونجلته إيفانكا، والتى كان لها حضور بارز فى لقاء والدها الأخير بزعيم كوريا الشمالية، على حساب وزير الخارجية مايك بومبيو، والذى يعد الصقر الأخر فى إدارة ترامب. إقالة بولتون ربما تحمل هدفا قريبا، وهو طمأنة إيران، قبل القمة المحتملة التى قد تجمع بين ترامب وروحانى، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكنها فى الواقع لا يمكن قراءتها بعيدا عن تحركات أخرى اتخذتها الإدارة الأمريكية فى الأيام الماضية، ربما أهمها جولة إيفانكا ترامب فى دول أمريكا اللاتينية، والتى ربما حملت رسائل جديدة لفنزويلا، خاصة وأن الرئيس وضع ابنته فى مواجهة القضايا الأمنية، كأحد أذرعه الناعمة، والتى يمكنه من خلالها تحقيق قدرا من التقارب مع خصومه، خاصة وأن الفتاة ليست مسيسة، وليس لها مواقف سياسية سابقة يمكنها تشويه صورتها أمام الزعماء المتشككين فى النوايا الأمريكية. الصقر الأخر.. مواقف الخصوم تحدد مصير بومبيو ويبقى التساؤل حول مصير "الصقر" الأخر فى إدارة ترامب، وهو وزير خارجيته مايك بومبيو، والذى أبقى عليه الرئيس الأمريكى رغم تهميشه، عبر إظهار وجوه أخرى من خارج وزارة الخارجية للقيام بدوره، وعلى رأسهم مايك بنس، والذى ترأس الوفد الأمريكى فى اجتماع بوارسو لوزراء الخارجية، قبل أشهر، رغم وجود بومبيو ضمن الوفد. يبدو أن بقاء بومبيو سيبقى مرهونا بمواقف الخصوم تجاه واشنطن، وحجم التنازلات التى سيقدمونها فى المرحلة المقبلة، حيث أن وجوده ربما يكون بمثابة العصا التى سوف يحاول استخدامها فى المرحلة المقبلة لإجبارهم على الدوران فى الفلك الأمريكى، والضغط عليهم لتقديم أكبر قدر من التنازلات.








الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;