18 عاما تقريبا مرت منذ تأسيس معتقل جوانتانامو سىء السمعة الذى سردت مئات التقارير الصحفية وقائع تعذيب قاسى وغير إنسانى به، ليصبح واحدا من أكثر السجون وحشية فى العالم، ومع ذلك تحاول الصحف الأمريكية التى كشف البعض منها فى وقت سابق بعض الفظائع الذى جرت به، أن ترسم الآن صورة وردية للمعتقل المثير للجدل.
تكلفة السجين الواحد فى جوانتانامو تصل إلى 13 مليون دولار سنويا
ففى تقرير لها عن هذا المعتقل الذى تأسس عقب عجمات سبتمبر الإرهابية وبعدما بدأت الولايات المتحدة حربها على الإرهاب بدءا من أفغانستان، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن تكلفة تشغيل معتقل جوانتنامو الأمريكى على مدار 18 عاما كانت باهظة للغاية حتى وصلت الآن إلى 13 مليون دولار لكل سجين سنويا، مشيرة إلى أن السجن سىء السمعة الذى تأسس قبل 18 عاما تقريبا لاستضافة المحتجزين فى الحرب على الإرهاب، والذى يقع فى قاعدة بحرية بعيدة قد تحول إلى ما يبدو أنه أغلى سجن على الأرض.
وفى بداية تقريرها، أشارت الصحيفة إلى أن احتجاز مجرم الحرب النازى رودولف هيس وحيدا فى سجن سياندو بألمانيا فى عام 1985 تكلف حوالى 1.5 مليون دولار بقيمة اليوم. بينما كانت فاتورة كل سجين فى منشأة "سوبر ماكس" بكولورادو، والتى يوجد بها بعض السجناء الأكثر خطوة فى الولايات المتحدة فى عام 2012 بلغت 78 ألف. ثم جاء معتقل جوانتانامو، والذى تصل تكلفة تشغيله فى الوقت الراهن 13 مليون دولار عن كل سجين من إجمالى 40 شخص محتجزين به.
تكلفة إجمالية تتجاوز نصف مليار دولار
ووفقا للصحيفة، فإن التكلفة الإجمالية العام الماضى لاحتجاز السجناء، ومنهم المتهمين بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية يتم دفعها للقوات التى تحرس السجن ولإدارة محكمة الحرب والقيام بأعمال بناء ذات صلة، قد تجاوزت 540 مليون دولار.
وهذا المبلغ، 13 مليون دولار لكل سجين، تجعل جوانتانامو تقريبا أغلى برنامج احتجاز فى العالم كما تسميه الصحيفة. فبعد حوالى 18 عاما من قيام إدارة جورج بوش الأب بأخذ المجمع الذى كان يطلق عليه "كامب إكس راى" وأسست سريعا مركز احتجاز لمقاتلى "العدو" الذين يتم القبض عليهم فى إطار حربها على الإرهاب، أدى إلى شعور دائما بأن هذه النفقات من المرجح أن تستمر لفترة طويلة فى المستقبل.
وبسبب العزلة النسبية لموقعه فى قاعدة بحرية أمريكية على الساحل الجنوبى الشرقى لكوبا، فقد أرسل الجيش الأمريكى 1800 من القوات إلى مركز الاعتقال أى 45 من القوات لكل سجين. وتعمل القوات فى ثلاث مبان من السجون ومقرين "سريين للغاية"، وثلاث عيادات على الأقل ومجمعين يتشاور فيما السجناء مع محاميهم. كما تحرس بعض القوات قاعدة "كامب جاستس" التى يتواجد بها محكمة الحرب وغرفة الاستماع المشروط.
سينما وكنيسة للعاملين بالمعتقل وبلايستشين للسجناء
تقرير الصحيفة الأمريكية حاول إبراز جانب إيجابى سواء للعاملين أو للسجناء فى هذا المعتقل، فقالت إن العاملين بالسجن لديهم كنيسة صغيرة وسينما ودار ضايفة وغرفتى طعام وفريق من العاملين بالرعاية الصحية العقلية، بينما يأتى القضاة والمحامون والصحفيون بشكل أسبوعى إلى المعتقل.
أما السجناء الأربعين، وجميعهم من الرجال، فيحصلون على الطعام الحلال، ومتاح لهم قنوات الرياضة والأخبار الفضائية وأجهزة بلايستشين ومعدات للتمارين الرياضية. ومن يحسنون التصرف منهم، وقد كان هؤلاء هم الأغلبية منذ سنوات، يحصلون على وجبات جماعية ويمكن أن "يصلوا جماعة"، وبإمكان بعضهم أن يحضر دروس فى الفن وكيفية تنسيق الأشجار.
وتلفت نيويورك تايمز إلى أن التكلفة السنوية التى تقدر بـ 540 مليون دولار كانت تغطى فترة تمتد 12 شهر انتهت فى 30 سبتمبر الماضى، ولم تشمل نفقات تظل سرية، والتى يفترض أنها تشمل ووجود مستمر للسى أى إيه. إلا أن الأقام تظهر أن إدارة عدد من المنشآت التى تم بنائها على مدار سنين قد أصبح أكثر تكلفة حتى مع تراجع عدد السجناء.
ففى تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية صدر فى عام 2013، كانت إجمالى تكلفة التشغيل السنوية لسجن جوانتانامو وللنظام القضائى 454.1 مليون دولار، أى أقل 90 مليون دولار عن العام الماضى. وفى هذا الوقت، كان عدد السجناء 166 فى المعتقل، مما يعنى أن تكلفة السجين الواحد وصلت على 2.7 مليون نسمة.
وقد احتجز جوانتانامو مجموعة تقدر بحوالى 770 رجلا وصبيا كسجناء فى زمن الحرب فى أوقات مختلفة، وكانت الذروة فى عام 2003، حيث وصل عدد السجناء 677، وكان آخر سجين قد وصل إلى المعتقل فى عام 2008. وأطلقت إدارة بوش حوالى 540 محتجز، أغلبهم تم إعادتهم إلى باكستان وأفغانستان ودولاً عربية. ثم أطلقت إدارة أوباما سراح 200 آخرين من خلال إعادة توطين أو تأهيل فى دولة ثالثة.