نشرت صحيفة الأهرام يوم 21 سبتمبر-مثل هذا اليوم -1973 خبرا بصورة عن لقاء الرئيس السادات مع قيادات اتحاد طلاب جامعة عين شمس يوم 20 سبتمبر، وأنشر اليوم شاهدتين لاثنين من القيادات الطلابية ممن حضروا، وهما المهندس طارق النبراوى نقيب المهندسين السابق، والأستاذ عبد العزيز عاشور«المحامى»، وذلك بعد أن نشرت أمس شهادة الكاتب الكبير أحمد الجمال الذى حضر اللقاء.. «راجع–ذات يوم-20 سبتمبر 2019».
يتذكر النبراوى: «كانت جامعة عين شمس تقود الاحتجاجات الطلابية الواسعة احتجاجا على تأخر الحرب ضد إسرائيل، وفوجئنا بالدكتور أحمد كمال أبو المجد وزير الشباب، ينقل إلينا طلب الرئيس السادات للقائنا.. تواصل «أبو المجد» مع المرحوم نبيل صفار رئيس اتحاد طلاب الجامعة ومعى بصفتى رئيس اتحاد طلاب كلية الهندسة وعضو اتحاد طلاب الجمهورية».. يضيف النبراوى: «ناقشنا الموضوع، وأتذكر أننا رفضنا طلبا لأبو المجد بعدم دعوة رئيس اتحاد كلية الطب الدكتور محمود الحاجرى..كان «اتحاد طب» يساريا متشددا، وضد السادات جذريا.. وكانت طب عين شمس وقتئذ موقعا طلابيا رئيسيا لليسار المصرى».. يؤكد النبراوى: «أبلغنا أبوالمجد: نحضر بالكامل أو لا نحضر، وبالفعل حضر الحاجرى، ولم يشارك طالبا واحدا بإرادة أى جهة رسمية».
يضيف النبراوى: «كان عدد الحضور 19 طالبا تقريبا، أتذكر منهم، نبيل صفار، طارق النبراوى، سامح السريطى، حمدى ياسين، أحمد الجمال، عزة حجازى، نظلى محجوب، خليل رشاد، عبد العزيز عاشور، محمود الجابرى».. عبدالوهاب سليمان، يتذكر: «استمر اللقاء ثلاث ساعات، وكان ساخنا جدا.. تحدث، نبيل صفار، أحمد الجمال، حمدى ياسين، طارق النبراوى، نظلى محجوب.. تحدثنا عن سياسات التراجع عن العدل الاجتماعى، وتنمية المناخ الاستهلاكى والتهريب فى شارع الشواربى نموذجا، وعن تأخر الحرب ضد إسرائيل، وملاحظاتنا على انتخابات الاتحاد الاشتراكى».. يتذكر النبراوى: «تحدث السادات، وكان زعلان من الشتائم ضده، لكن أشهد أنه استمع إلى كل وجهات نظرنا المختلفة بسعة صدر، وطلب من إدارة الجامعة ضرورة الاستماع إلينا.. وفى نهاية اللقاء قال لأبو المجد: «غديهم ياكمال».. يؤكد النبراوى: «عدنا إلى القاهرة، وفى اليوم التالى نشرت الأهرام خبرا بصورة عن اللقاء، وقابلنا محمد حسنين هيكل فى مكتبه بالأهرام، أنا وأحمد الجمال وماهر مخلوف، وكنا نتواصل معه من قبل».. يروى النبراوى: «بعد أسبوعين قامت حرب 6 أكتوبر، ولهذا اعتقدت ومازلت، أن السادات أراد بهذا اللقاء ترتيب الجبهة الداخلية استعدادا للحرب».
يشهد عبدالعزيز عاشور«المحامى»، من واقع مشاركته بصفته «أمين لجنة النشاط السياسى والثقافى بكلية التجارة».. ينفى علاقة «هيكل» بالموضوع، يقول: «ليس لهيكل علاقة من قريب أو بعيد.. الحكاية بدأت بزيارة «أبوالمجد» لمقر اتحاد الطلاب بالعباسية، وإبلاغنا رغبة السادات الاجتماع بنا.. الموقف كان مفاجئا، لأن الجميع وخصوصا القاعدة الطلابية تعرف معارضتنا لسياسات الرجل جملة وتفصيلا».. يؤكد: «كان رفض اللقاء هو رد الفعل الغالب لدينا، لكن «أبو المجد» أخبرنا أنه ليس فى مقدوره أن ينقل لرئيس الدولة أن هناك من يأبى لقاءه.. تركنا نفكر.. اهتدينا إلى حيلة وضع شروط غيرمستساغة، وأبلغنا «أبو المجد» بها .. اشترطنا: التحدث فى الموضوعات التى نرى أهمية التحدث فيها دون تدخل من الرئاسة.. يكون حديثنا غير محدد بوقت بعينه.. لا ينشر أى خبر عن اللقاء فى أى وسيلة إعلام.. لا يتم التقاط أية صور لا أثناء اللقاء ولا بعده»..يتذكر عاشور: «أبلغنا شروطنا، وفى اليوم التالى فوجئنا باتصال أبوالمجد ليخبرنا بموافقة الرئاسة.. اجتمعنا واتفقنا على موضوعات المناقشة، وحددنا أربعة زملاء للتحدث».
يضيف «عاشور»: «بدأ اللقاء بسؤال من السادات عمن سبق اعتقاله وحبسه منا.. ثم أردف بأنه سينصت إلينا، وتحدثنا فى قضايا، الاستعداد للحرب والسلام الاجتماعى، وما يدور على الساحة السياسية بما فى ذلك كل ما نعلن دوما اعتراضنا عليه.. استمر حديثنا ساعتين كاملتين والرجل ينصت دون تعقيب أو تدخل».
بعد نهاية حديثنا، بدأ الرئيس حديثه بقوله: «أصارحكم أنه ينتابنى الآن شعوران متناقضان..أولهما: الفخر الشديد أن مصر أنجبت شبابا على هذا المستوى الرائع من النضج الفكرى والاستيعاب الكامل لكل قضايا مجتمعهم، خصوصا وأننى لا أسمع تحليلا وتشريحا لقضايا المجتمع بهذا العمق ولا حتى من القيادات المعنية.. ثانيهما: شعور بالأسف الشديد لأن الصورة المتوفرة عندى عنكم تختلف تماما عما أراه الآن».. يتذكر عاشور: «هنا رفع نبيل صفار رئيس الاتحاد يده، فأذن له الرئيس بالتحدث.. قال: سيادة الرئيس.. الصورة المغلوطة عند سيادتك عنا وعن كل فئات الشعب، يٌسأل عنها اللواء ممدوح سالم وزبانيته.. فالتفت الرئيس إلى ممدوح سالم، ليرى وجهه ممتقعا محمرا خصوصا وأن الرجل كان أشقر الوجه».
يختتم «عاشور»: «أكمل الرئيس كلمته فى حوالى ساعة.. ثم انتهى اللقاء.. وخرج الرئيس بنفسه فى وداعنا حتى الأتوبيس، وقبل الخروج أمسك بأذن أبو المجد، قائلا له: «روح يا كمال غدى الولاد غدوة حلوة على مزاجك».. رد أبو المجد: «حاضر ياافندم».. وعند نزولنا للسلالم فوجئنا بالمصور الخاص للرئيس يهرول للأمام، ويقول: «ممكن صورة ياريس؟».. رد الرئيس: «اتفضل يامحمد».. تذكرنا فى هذه اللحظة «شرط عدم التصوير».. لكن كان من المستحيل بعد هذا اللقاء الودى، أن نرفض، فاصطففنا بلا ترتيب لصورة جماعية، ثم سلم كل منا على الرئيس، وصعدنا للأوتوبيس ليأخذنا الوزير إلى أشهر مطاعم السمك فى الإسكندرية، قبل العودة للقاهرة بنفس الأتوبيس الذى ذهبنا به».