فى ظل ارتفاع درجات الحرارة الملحوظ، يعانى المتهمون المحتجزون بأقسام الشرطة على ذمة قضايا بسبب غرف الحبس غير الآدمية التى لا تتوافر بها أى شروط لاحترام الآدمية وحقوق الإنسان، نتيجة تكدس أعداد كبيرة من المتهمين فى غرف حبس ضيقة، ما يؤدى إلى حدوث حالات اختناق خاصة بين كبار السن والمرضى ينتج عنها وفاة عدد من المحتجزين خلال فصل الصيف.
وفى محاولة من وزارة الداخلية للتغلب على تلك الأزمة التى تعانى منها أقسام الشرطة، بدأت عام 2014 فى تركيب أجهزة تكييف بحجوزات الأقسام، وكان لمديرية أمن القاهرة السبق فى تركيب تلك الأجهزة نظرا لحدوث عدد من حالات الاختناق والوفاة المتتالية بأقسام الشرطة التابعة لها، حيث أكدت التقارير الطبية عام 2014 وهو العام الذى شهد تركيب أجهزة التكييف، إلا أن عدد الوفيات بأقسام شرطة القاهرة والجيزة وصل إلى 90 حالة نتيجة سوء التهوية فى الحجز.
وأكدت وزارة الداخلية أن منظومة تركيب أجهزة التكييف تم تطبيقها فى كل غرف الحجز بأقسام الشرطة على مستوى محافظات الجمهورية، إلا أنه بعد عامين من البدء فى تلك المنظومة بدأت أجهزة التكييف تتعرض للعطل نتيجة عدم توافر الصيانة اللازمة لها من الشركات التى تعاقدت معها وزارة الداخلية، بالإضافة إلى الروتين الذى تعانى منه أجهزة الدولة والبطء فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لصيانة الأجهزة المعطلة، ما قد يؤدى إلى حدوث كارثة قد تنتج عن حدوث حالات اختناق ووفاة داخل حجوزات أقسام الشرطة.
مصدر أمنى بمديرية أمن الجيزة أكد أن عددا كبيرا من أجهزة التكييف التى تم تركيبها بغرف الحبس بأقسام الشرطة تعطلت، ما يدفع مأمورى الأقسم لإخطار مديرية الأمن، حيث يتكفل مسئولو الأمن بالمديرية بالتواصل مع شركات الصيانة الخاصة بأجهزة التكييف، إلا أن تلك الإجراءات تستلزم وقتا طويلا للانتهاء منها، ما يؤدى إلى حدوث حالات اختناق داخل غرف الحج.
وأضاف المصدر أن غرفة الحجز تشهد تكدسا من المتهمين المحبوسين على ذمة قضايا، حيث يتطلب الأمر لحل تلك الأزمة نقل المتهمين للسجون المركزية، إلا أن ذلك لا يتم فى كثير من الأحيان.
وذكر "م.س" أنه قضى يوما بحجز قسم شرطة إمبابة، حيث تشاجر مع أحد جيرانه وصدر ضده حكم بالحبس شهر غيابيا، وألقى رجال المباحث القبض عليه، لحين إجراء معارضة على الحكم، وبدأت مغامرته عندما اقتاده أمين شرطة إلى الحجز العمومى المقسم من الداخل إلى عدد من الغرف أشهرها "بطن الجبل" كما يطلق عليها المسجلين خطر، حيث إنها أكثر الزنازين ضيقا وسوء تهوية، واستقبله بالداخل عدد من المسجلين خطر المحتجزين على ذمة قضايا جنايات، وعرضوا عليه دفع مبلغ 100 جنيه مقابل توفير مكان للجلوس فيه.
وأضاف أن أحد المسئولين عن الغرف حصل منه على 20 جنيها كانت بحوزته وسمح له بالجلوس لبعض الوقت، ثم قام بنقله إلى غرفة أخرى أشد ازدحاما لعدم قدرته على دفع مبلغ 100 جنيه التى طلبها منه، وشاهد بالغرفة أعدادا كبيرة من المتهمين البعض منهم جالس، وعدد منهم نائمين وعدد آخر واقفين لعدم عثورهم على أماكن للجلوس.
وأكد الطالب أن تأثير أجهزة التكييف كان ضعيفا بسبب تكدس أعداد المتهمين، الأمر الذى يؤدى إلى حدوث حالة من الاختناق خاصة لكبار السن والذين يعانون من أمراض.
حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان كان قد طالب بتقليل فترة الحبس الاحتياطى للمتهمين لكون غرف الحبس الخاصة بأقسام الشرطة غير مؤهلة لإقامة أعداد كبيرة بها، بالإضافة إلى عدم توافر الاشتراطات الصحية المناسبة لقضاء المتهمين عدة أشهر بها.
كما طالب بنقل المتهمين من أقسام الشرطة إلى السجون المركزية لمنع حدوث تكدس بغرف الحجز، ما يؤدى إلى وفاة بعض كبار السن أو نقل الأمراض بينهم خاصة فى فصل الصيف، مضيفا أنه يجب أيضا توفير الرعاية الطبية اللازمة بأقسام الشرطة ومرور لجان من وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة الداخلية للكشف على المتهمين.