يواجه بعض المواطنين صعوبة فى شراء عقارات فى ظل ارتفاع أسعارها، ورغم وجود ما يسمى بالتمويل العقارى، داخل البنوك ووجود شركات التمويل العقارى، فإن المستفيدين من تلك الآلية لا يتعدون نسبة الـ1 % ممن يرغبون فى شراء وحدات سكنية.
ورغم تصريحات الكثير من المطورين العقاريين ومطالباتهم بتفعيل التمويل العقارى وإزالة التحديات التى تواجهه، فإن هذه المطالبات غير جادة، وتصدر من أجل الشو الإعلامى، أو الظهور، فلا توجد حتى الآن مبادرة جادة من قبل القطاع الخاص تم تقديمها للمسؤولين أو القطاع المصرفى وإصرارهم على تنفيذها.
والتمويل العقارى، ما هو إلا عملية تمويل المستثمرين والأفراد، للاستثمار فى اقتناء العقارات السكنية والإدارية والخدمية والتجارية، وذلك بضمان حق الامتياز على العقار أو رهنه رهناً رسميا أو غير ذلك من الضمانات التى يقبلها الممول، طبقا للقواعد والإجراءات القانونية المنظمة، ويكون ذلك من خلال التمويل لشراء العقار أو بناء أو ترميم أو تحسين عقار، وتعد الهيئة العامة للرقابة المالية بمثابة الجهة الرقابية والتنظيمية الرسمية التى تتولى الإشراف والرقابة على سوق التمويل العقارى فى مصر.
وتتعدد أوجه التمويل العقارى، فيمكن الحصول على قرض تمويل عقارى، من أجل شراء أو بناء أو ترميم أو تحسين الوحدات «السكنية، الإدارية، الخدمية، التجارية» من خلال عملية التمويل العقارى كما يمكن التمويل من خلال المنتجات التمويلية المستحدثة، ومنها «التمويل بنظام الإجارة المنتهية بالتملك، والتمويل بنظام المرابحة، والتمويل بنظام المشاركة، وتمويل حق الانتفاع».
ومن أبرز التحديات التى تواجه تفعيل التمويل العقارى داخل مصر، هى أن يكون العقار محل التمويل مسجلا باسم البائع، وطبقا لآخر إحصائية رسمية، فإن عدد العقارات المسجلة لا يتجاوز نسبة الـ15% من الثروة العقارية داخل مصر.
ومن أبرز الإشكاليات أيضا ما يسمى بالعقد الثلاثى، فنظرا لغياب الوعى عند الكثير بالتمويل العقارى، يرفض البائع التوقيع على العقد الثلاثى داخل البنك، والذى يطلبه البنك من أجل إتمام عملية التمويل، فضلا عن أن الثقافة السائدة وهى الحصول على قيمة العقار كاش قبل التوقيع على العقد.
من جانبه قال المهندس محمد إدريس، الخبير العقارى، إن التمويل العقارى ليس له دور قوى فى السوق العقارية، خاصة أنه يشترط وجود وحدة سكنية جاهزة يتم تمويلها، وهو ما لا يتم بالسوق، مشيرًا إلى أن ارتفاع سعر الفائدة عقب التعويم لم يقابله ارتفاع فى دخل العميل، وهو ما دفع شركات الاستثمار العقارى لتمويل العميل، وهو ما تسبب فى الضغط المالى على الشركات.
وأضاف: رغم الحلول التى قدمتها شركات الاستثمار العقارى للعملاء، إلا أن العميل لا يزال يعانى أزمة فى الحصول على الوحدة وسط غياب لدور التمويل العقارى، وهى المشكلات التى تتطلب حلولا سريعة لدعم القطاع العقارى، مشيرًا إلى أن التمويل العقارى يمكنه الوصول لفترات زمنية أطول، وهى الفترة التى يزداد معها قيمة الوحدة العقارية.
أكدت مى عبد الحميد، رئيس صندوق الإسكان الاجتماعى والتمويل العقارى، أن إجمالى حجم الثروة العقارية فى مصر يصل لـ10 تريليونات جنيه، حيث يصل عدد العقارات فى مصر 43 مليون عقار، بمتوسط 250 ألف جنيه للعقار.
وأضافت مى عبد الحميد، أن تراجع نسبة التمويل العقارى فى مصر، يعود لتراجع نسبة العقارات المسجلة، إذ إن نسبة العقارات المسجلة 15% فقط، من إجمالى العقارات فى مصر، مؤكدة أن مصر فى حاجة لثورة تشريعية فى التسجيل العقارى للعقار، مشيرة إلى أنه تم إعداد قانون جديد للتسجيل العقارى فى المدن الجديدة، أما بالنسبة للمدن القديمة، فهناك لجنة مشكلة حاليا لإجراء تعديلات على السجل العينى. وقالت رئيس صندوق التمويل العقارى، إن من بين المقترحات المقدمة، إقدام الدولة على تسجيل منطقة دون الانتظار للمواطن بالذهاب للشهر العقارى لتسجيل وحدته.
وأشارت مى عبد الحميد إلى أن من بين المقترحات المقدمة، إقدام الدولة على تسجيل منطقة دون الانتظار للمواطن بالذهاب للشهر العقارى لتسجيل وحدته، لافتة إلى أن مبادرة البنك المركزى تم صرف منها حتى الآن 13 مليار جنيه من مبادرة البنك المركزى.
هذه الإشكاليات جعلت الحكومة تعد مقترحا لقانون جديد للتسجيل العقارى، يتضمن كل الحلول للإشكاليات التى يتضمنها القانون الحالى، حيث من بين المقترحات التى يتضمنها القانون الجديد هو إقدام الدولة على تسجيل مناطق بعينها دون انتظار المواطنين، على أن يتقدم كل مواطن بالأوراق والمستندات التى تثبت ملكيته للوحدة أو العقار لإنهاء عملية التسجيل الخاصة بالعقار أو الوحدة التى يتملكها.
وفى هذا السياق، قال المهندس علاء والى، عضو لجنة الإسكان السابق بمجلس النواب، إن غياب قانون التسجيل العقارى تسبب فى ضياع المليارات على خزانة الدولة، لأن الغالبية العظمى من ثروة مصر العقارية غير مسجلة بسبب صعوبة إجراءات التسجيل العقارى المعقدة وارتفاع تكلفتها وطول مدة التسجيل التى قد تصل إلى عام أو يزيد وكثرة جهات الاختصاص، ما أدى إلى عزوف أصحاب العقارات من المواطنين والشركات عن السير فى إجراءات تسجيل ملكية العقارات السكنية، وبالتالى انعكس ذلك بالسلب على نشاط التمويل العقارى.
وأوضح النائب «علاء والى» أن تلك الإجراءات جعلت من تسجيل العقارات كابوسًا لأى صاحب وحدة سكنية أو أرض، وبالتالى تذهب الأغلبية للابتعاد عن تلك الإجراءات، ولم تعد لدى الدولة معلومات محددة عن الثروة العقارية فى البلاد، وبالتالى لا يمكنها فرض رسوم أو ضرائب على تلك الأصول ويضيع معها المليارات على خزانة الدولة.
وأضاف أن تطبيق المنظومة يعد الحل الأمثل للحفاظ على الثروة العقارية، والتوجه الأفضل نحو دفع وتنمية الاستثمارات بالقطاع من خلال إنجاح عدد من الآليات، وأهمها تصدير العقارات وجذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق المصرية، بالإضافة لفتح المجال لشركات التمويل العقارى، التى عانت طوال سنوات من عقبات القانون التى وقفت أمام تحقيقها لطفرات فى أعمالها، تحقق لها المكاسب المقبولة وتسهم فى تنشيط السوق العقارية، مضيفاً أن إتاحة الفرصة أمام شركات التمويل العقارى لتقديم قروض عقارية لشراء وحدات سكنية فى المشروعات القائمة بالمدن الجديدة من شأنه تنشيط حركة التسويق للشركات المطورة، وتحريك السوق العقارية التى مالت إلى الركود طوال المدة الماضية.
فيما أكد الدكتور أحمد شلبى، المطور العقارى، أن هناك إشكالية أخرى تواجه العقار المصرى نتيجة غياب عملية التسجيل العقارى، أبرزها عدم قدرة مصر فى المنافسة فى تصدير العقار نتيجة لأن الأجانب وكذا المصريين بالخارج يرفضون شراء عقار دون أن يكون مسجلا فى الشهر العقارى، وهو ما يؤدى إلى تراجع نسبة تصدير العقار المصرى للخارج.
وأضاف أن إقرار قانون التسجيل العقارى يساهم أيضا فى زيادة نسبة التمويل العقارى داخل مصر، لأن أحد الاشتراطات البنكية لتمويل عقار أو شقة هو التسجيل العقارى، مما يحرم فئات عديدة من الاستفادة من التمويل العقارى، كما أن القانون يساهم أيضا فى الاستفادة من مبادرة الرئيس المتعلقة بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تقدر بـ200 مليار جنيه، فالتسجيل العقارى يمثل العصا السحرية لـ80% من الإشكاليات التى تواجه مصر.
وأوضح أحمد شلبى أن العقود الابتدائية التى تسير عليها القرى والنجوع والمحافظات تجعل الحى أو مركز المدينة لا يوجد لديه أى قاعدة بيانات بأملاك المواطنين من الأراضى، مما يعوق خطة الدولة فى تنفيذ الطرق والمدارس والمستشفيات داخل القرى والنجوع، مؤكدا أن التسجيل العقارى يساهم فى تنفيذ وتطبيق مخططات الدولة بطريقة صحيحة وعدم لجوء الدولة لإجراءات نزع الملكية وتعويض المواطنين.
فى السياق ذاته قال المهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى، إن التمويل العقارى، يمثل الحل الأمثل لمواجهة كل التحديات التى تواجه الشركات العقارية، مؤكدا خلال كلمته بالمؤتمر الدولى للعقار، على ضرورة أن تعمل الحكومة على سرعة إتاحة التمويل العقارى للوحدات تحت الإنشاء.
وأضاف شكرى، أن هناك مشكلة رئيسية داخل القطاع العقارى تتمثل فى عدم قدرة المصريين على إثبات الدخل الخاص بهم عند الإقدام على الحصول على تمويل عقارى، مشددا على ضرورة منح التمويل العقارى للمطورين العقاريين لتمويل الوحدات تحت الإنشاء، حتى يخف الضغط التمويلى على شركات الاستثمار العقارى.