استضاف "انفراد" الدكتور أحمد عكاشة - أستاذ الطب النفسى، عضو المجلس الرئاسى لكبار علماء مصر، فى ندوة نظمها قسم الصحة والطب - تحدث خلالها فى العديد من القضايا، وأجاب على العديد من الأسئلة، ومن بينها الأسئلة التى أرسلها قراء "انفراد"، والتى نعرض إجاباته عليها فى السطور التالية:
- هل الرئيس عبد الفتاح السيسي صادق ويخاف على مصر ويقرأ رسائل المواطنين؟
كل الظواهر تدل أن الرجل يتمتع بالقيم الأخلاقية العلمية، وهى تحمل المسئولية والانضباط والإتقان وروح العمل "التعاون" وتجاوز الذات، فهو أحد أعضاء المؤسسة العسكرية التى تهتم وتتبع هذه الأخلاقيات، ونجاحه فى تحطيم النظريات الأمبريالية الأمريكية والأوروبية الهادفة لتفكيك الدول العربية وإلغاء الحدود بينها، بجانب دوره فى إبقاء الجيش المصرى بهذه القوة يجعلنى متفائلا واثقا فى أخلاقياته وقدرته على الوصول بنا للهدف الذى نريده جميعا.
- هل الشعب المصرى يحتاج برامج وندوات من المتخصصين فى علم النفس والاجتماع والدين عبر الوسائل الإعلامية والجامعات، للتغلب على الفوضى والقتل لأتفه الأسباب والسرقة والانفلات الأخلاقى، بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟
لا يمكن تحسين الأخلاق إلا بتوعية ممتدة وتغيير نمط التعليم وثقافة العمل ورأس المال الاجتماعى، ووجود الثقة بين المواطنين، وأؤكد أن هذا الوطن سيتقدم ولكن بالصبر، لأن النهضة لا تحدث إلا بعد سنوات.
- مرض اضطراب ثقوب الشخصية تظهر أعراضه فى سن الـ18.. هل الإهمال فى الطفولة من مسبباته؟ وهل المريض يتعرض لانتكاسة مع مرور الوقت؟
لا يوجد مرض اسمه اضطراب ثقوب الشخصية، لكن هناك ثقوبا فى الضمير المصرى، تؤدى للكثير من الأخطاء الأخلاقية وتكون أقل عند كبار السن مقارنة بالشباب، وتشخص على أنها اضطرابات شخصية لا تصيب الاطفال والمراهقين قبل بلوغهم 18 سنة، وإذا حدثت قبل الـ18 تسمى اضطراب المسلك.
وأقول هنا إن عامل السن مهم لتشخيص نوع الاضطراب، وهناك أحد أنواع الاضطرابات تشخص بعد سن الـ18 بأنها "اضطراب الشخصية الحدية"، وتتميز بالاندفاع الشديد والملل المستمر وعدم اتزان العواطف وعدم الاستمرار فى علاقة لمدة طويلة.
- أعانى من مرض اضطراب ثنائى القطب منذ 4 سنوات، وأتعاطى علاج معين أشعر عند التوقف عن تناوله بنوبة من الاكتئاب وعدم الرغبة فى الحركة، فهل هذا المرض له شفاء أم أتوقف عن الدواء؟
قديما كان هذا المرض يسمى اضطراب الاكتئاب الهوسى، ويعانى المصاب به من نوبات اكتئاب وانقباض وحزن وانعزال ورغبة فى الانتحار وانسحاب من المجتمع، ويتناوب هذا المرض مع عكسه، وهو "هوس الابتهاج" الذى يعنى وجود نشاط زائد وصراحة مطلقة وسعادة قوية وشعور بالقوة والذكاء والتبذير وسلاطة اللسان وعمل مشروعات غير معقولة، وقد يشمل المرض 3 أو 4 نوبات ابتهاج أو اكتئاب وواحدة هوس أو مرح، وعادة ما يكون مرض اضطراب ثنائى القطب الاكتئابى أكثر حدة من الابتهاج والهوس.
والمريض إذا تم علاجه بمضادات الاكتئاب يصاب بالهوس، وإذا تم علاجه بمضادات الهوس يصاب بالاكتئاب، وعادة يتم علاجه بأدوية معدلات المزاج التى تجعله متوازنا، وفى هذا العلاج تحدث النكسات بنسبة تتراوح من 80% : 90%، ويتم علاج من 10% إلى 20% من المصابين به ولا يعود إليهم المرض مرة أخرى، شريطة الاستمرار فى تناول علاج معدلات المزاج واستجابة المريض له، ولا يكون العلاج باختفاء الأعراض، لكن بعودة الحياة الوظيفية للمريض، كعودته لعمله أو المذاكرة أو غيرهما من المهام التى يفعلها، ناصحا المريض بالإفصاح بكل الأعراض التى يعانيها للطبيب المتابع، وجميعها قابلة للعلاج.
ما هى طرق التغلب على مشكلات الحياة العامة وظروف المعيشة نفسيا؟
الشخص إذا تمتع بالصحة النفسية السوية يستطيع مقاومة ضغوط وكروب الحياة، ولكن لا يجب نسيان أن الإنسان خُلق فى كبد، وطالما تواجدنا فى الحياة نواجه مشقة حتى الموت، ومن الضرورى تقبل ذبذبات المزاج، لأن المرض يحتاج مدة للعلاج، لكن الذبذبة التى تذهب بعد ساعة أو ساعتين تعد جزءا من طبيعة الحياة ويجب تقبلها.
هل مرض جنون العظمة له علاج نفسى بجانب العقاقير والأدوية؟
هذا المرض يسمى هوس العظمة وليس جنونا، والعلاج النفسى يمثل العلاقة الوطيدة بين الطبيب والمريض، وهذا المرض 80 نوعا، وأفضل العلاجات النفسية تكمن فى المواساة، وهى شعور المريض بأن الجميع محيطون ومهتمون به، ومن الممكن جدا العلاج النفسى لمرض هوس العظمة.
وقد يكون مرض هوس العظمة ثانويا لعدة أمراض مثل مرض الهوس والابتهاج والفصام والضلال، فجميعها اضطرابات علاجها تكمن فى التغييرات بالمسارات العصبية والكهروكيميائية فى الدماغ، كما أن الدواء مهم جدا مع المساندة النفسية للمريض.
- رجل فى أواخر الخمسينات يمارس أعمالا حرة، ويعانى من الاضطهاد المستمر، ويعتقد أن رجال الأمن الوطنى يراقبونه والمحيطين به مخبرون سريون لصالح الجهاز، ولا يقتنع بأنه مريض، ما طريقة إقناعه بالتوجه للطبيب؟
هذه الحالة تسمى الضلالات الاضطهادية، وقد تكون ثانوية لعدة أمراض منها الأعراض الاكتئابية والهوسية وجنون العظمة والفصامية، و70% من مرضى الفصام وهم 1% من مجموع أى شعب فى العالم، وأهم أعراض الضلالات الاضطهادية هو أن المريض يشعر بأن أجهزة أمن الدولة أو الأمن الوطنى والموساد والكائنات الكونية والمخابرات جميعها تراقبه.
وهذه الحالة - موضع السؤال - تستلزم العلاج الإلزامى بإجباره على دخول مستشفى الأمراض النفسية، حيث يوجد قانون فى كل بلاد العالم بعلاج المصابين بهذا المرض إجباريا فى مستشفى الأمراض النفسية إذا رفض العلاج، أو الاعتراف بأنه مريض، لأنه سيؤذى ذاته أو غيره، وإذا ترك دون علاج ستحدث عواقب وخيمة.
- كنت دائم الخلاف مع زوجتى قبل وفاتها، وعندما عدت من الخارج بعد 5 سنوات غربة وجدت ابنتى البالغة من العمر 17 عاما تكذب كثيرا جدا، وتسرق الأموال منى وتعيش فى أكثر من علاقة مع الشباب وتدخن وتمارس أفعالا غريبة.. ما الحل؟
هذه الحالة تسمى اضطراب المسلك، ومن أسبابها الرئيسية غياب الروح الأسرية لدى الشباب، وفى حالة سفر الوالدين أو أحدهما للخارج بغرض العمل وترك أولادهم مع أقاربهم، تتأثر نفسيتهم جدا وتكون لديهم فرصة الانحراف السلوكى أكثر من الأشخاص الطبيعيين.
وأنصح السائل باستشارة طبيب نفسى فى حالة ابنته والتحكم فى مسلكها غير الطبيعى مع مساندته لها، وعند بلوغها سن معينة ستهدأ وينصلح حالها بدون علاج.
- أحد أقاربى يعمل فى وظيفة جيدة ومتزوج ولديه أولاد وأصيب منذ 10 سنوات باكتئاب شديد، وتم علاجه، وبعد مرور 8 سنوات من الشفاء عاد له المرض بشكل قاس ، فما العلاج؟
الأمراض المزاجية متكررة فى العادة، ويجب استمرار العلاج لمدة لا تقل عن سنة، وعند عودة المرض نوبتين أو ثلاثة يجب الاستمرار فى العلاج لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات لمنع الانتكاسات.
- زوجتى تعانى منذ سنوات من الوسواس القهرى من النظافة، وحاولت جاهدا علاجها دون جدوى.. ما الحل؟
الوسواس القهرى يعنى ببساطة فكرة أو فعل يعرف الشخص أنه خطأ ويحاول مقاومته، لكن المرض يسيطر عليه، ومن أنواعه الوساوس فى النظافة مثل الوضوء أو الاستحمام أكثر من مرة فى نفس الوقت، والوسواس القهرى له الآن علاج فعال جدا.
- أمى عمرها 64 سنة وتعانى منذ ما يزيد عن 15 سنة من هلاوس سمعية وإحساس بالمؤامرة وعدم التصديق، وتعتقد أن الجيران ومن فى الشارع يتآمرون عليها وترفض العلاج بشكل جنونى، فهل يمكن علاجها دون طبيب؟
هذه المرأة تعانى من اضطراب فصامى، وإذا استطاع المحيطون بها تقبل تصرفاتها دون علاج فليفعلوا، وفى حالة عدم القدرة وتفاقم الأعراض يجب علاجها إجباريا بنقلها رغما عنها للمستشفى النفسى.