قالت مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية، إن تركيا تخلت عن الديمقراطية، ليس فقط فى الداخل، بل خارج حدودها أيضا، مشيرة إلى أن أنقرة لم تعد نموذجا للإصلاحيين فى الشرق الأوسط، على العكس مما كانت عليه فى مطلع الألفية، عندما وصل حزب العدالة والتنمية للحكم لأول مرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن عودة تركيا إلى الاستبداد أصبح له تداعيات دولية، فبعدما خسر حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية فى الانتخابات الأخيرة التى أجريت فى يونيو الماضى، استطاع أن يتعافى نسبيا ويفوز بأقل من 50% من الأصوات فى انتخابات الإعادة فى نوفمبر الماضى.، وكان هذا الدعم كافيا ليمكن الحزب من تشكيل حكومة حزبية.
وهذا الأمر لم يدمر الديمقراطية فى تركيا وحدها، كما تقول المجلة، ولكن تسبب فى الابتعاد عن السياسة الخارجية الداعمة للديمقراطية، والتى بدأت فى منصف العقد الماضى، فأصبحت السياسة الخارجية لتركيا اليوم مبنية بشكل متزايد على التحالفات السنية، وهذا المنطق الطائفى يشوه دعم تركيا للمعايير الديمقراطية فى الشرق الأوسط.
وتوضح فورين بوليسى أنه فى أوائل الألفية، كان كثير من الإصلاحيين العرب ينظرون لتركيا باعتبارها منارة للديمقراطية فى منطقتهم. وفى هذه السنوات، ركزت تركيا على تعزيز الديمقراطية على مستويين؛ تنصيب نفسها كنموذج للديمقراطية فى الجوار مع تمويل مشروعات مساعدة الديمقراطية ودعم حركات الديمقراطية فى الدول الأخرى، إلا أن النهجين قد فقدا بريقهما الآن.
فاليوم، بالكاد ما تعد تركيا نموذجا إيجابيا للإصلاحيين الديمقراطيين فى الشرق الأوسط، فالإصلاحات التى قام بها العدالة والتنمية فى بداية الألفية حظيت بالثناء الدولى، لكن عملية الإصلاح الديمقراطى توقفت عام 2005، وذهبت فى الاتجاه المعاكس عقب الفوز الثالث لحزب أردوعان عام 2011، واليوم يبدو العدالة والتنمية عازما على إنشاء نظام رئاسى، وهو ما أدى على اتساع الاستقطاب الاجتماعى فى تركيا وتآكل نظام المحاسبة الضعيف بالفعل فى البلاد.
وقالت فورين بوليسى إن تركيا، عقب الإطاحة بالإخوان المسلمين فى مصر عام 2013ـ خسرت حليفا إسلاميا هاما لها، وعانت من هزيمة فى السياسة الخارجية، وبدأت حكومة العدالة والتنمية تستخدم الديمقراطية كأداة لتشويه سمعة المعارضة داخل تركيا، فوصفت حكومة أنقرة هؤلاء داخل تركيا الذين انتقدوا سجل الرئيس المعزول محمد مرسى فى الديمقراطية، بأنهم أنصار غير ديمقراطيين لما تسميه "الانقلاب" فى مصر.
كما تحدثت المجلة الأمريكية عن الطائفية التى تنتهجها تركيا فى سوريا، وقالت إن تلك السياسة أدت إلى مواجهة بين تركيا وواحدة من حلفائها الرئيسيين، موسكو، وذلك عقب إسقاطها لطائرة عسكرية روسية فى سوريا.