بعد سنوات من الصعاب والفوضى البرلمانية وجمود أخر حول إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى بعد أكثر من ثلاث سنوات على الاستفتاء الذى جاءت نتيجته لتأييد الانفصال، صدق مجلس العموم البرطانى على قانون بريكست.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز، إن تشريع البريكست سبق وأدى إلى حالة من الشلل فى البرلمان، لكن اليوم الأربعاء أكمل مشروع القانون الذى يمهد لرحيل بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الأسبوع المقبل آخر مرحلة برلمانية كبرى فى غياب واضح للدراما والضجيج الذى كان سائدًا فى السنوات الأخيرة.
ومن المتوقع أن يصبح الإجراء قانونًا غدًا الخميس بعدما وافق مجلس العموم على طلب الحكومة ورفض سلسلة من التعديلات التى أضافها مجلس اللوردات، الذى لا يتم اختيار أعضائه بالانتخاب.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطة تكمل بشكل أو بآخر العملية التشريعية فى بريطانيا، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبى سيصوت على اتفاق الانسحاب الأسبوع المقبل قبل أن يحدث البريكست رسميا فى 31 يناير، ومن المتوقع تمرير التصويت دون صعوبات.
ومن بين التعديلات الخمس التى تم رفضها، واحد كان يهدف لحماية حقوق الأطفال اللاجئين للانضمام إلى عائلاتهم فى بريطانيا بعد بريكست.
وقد اقترح هذا التعديل عضو مجلس اللوردات الفريد دباس الذى كان طفلاً لاجئًا من النازيين، وكان هذا الاقتراح سيطلب من الحكومة السعى لاتفاق مع الاتحاد الأوروبى لضمان أن الأطفال غير المرافقين يستمروا فى الذهاب إلى بريطانيا للانضمام لأحد أقاربهم. وقالت حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون، إن هدفها أن تفعل هذا على أية حال، لكنها لم ترغب فى مطلب رسمى فى قانون البريكست.
ورغم الانتقادات التى تعرضت لها الحكومة البريطانية بسبب موقفها، إلا أن فوزها فى الانتخابات العامة التى أجريت فى ديسمبر الماضى بأغلبية، جعلت لجونسون السيطرة الكاملة تقريبًا على البرلمان، ولم يعد عليه أن يقلق إزاء أى نوع من الهزائم التى سبق وعانى منها العام الماضى.
وبعد التصويت الذى أجرى فى مجلس العموم اليوم، فإن مشروع القانون سيعاد إلى مجلس اللوردات، حيث يمكن أن يحاول الأعضاء تغييره مجددًا فى عملية تُعرف باسم كرة الطاولة، يتم خلالها تداول التشريع بين مجلسى البرلمان حتى إقراره.
وتاريخيًا، من غير المتوقع أن يحظر مجلس اللوردات التشريع بشكل دائم إذا كان جزءًا من البرنامج الانتخابى للحكومة، كما ليس متوقعًا أن يؤثر الخلاف على إقرار مشروع القانون الذى يمكن أن يحدث غدا الخميس.
ومع ذلك، يحذر المحللون من أن رحيل بريطانيا الرسمى من الاتحاد الأوروبى هو بداية لمرحلة جديدة وصعبة من المفاوضات مع استعداد المفاوضين الأوروبيين والبريطانيين لمحاولة الخروج بصفقة تجارية فى غضون أشهر.
ولا تبدو المؤشرات واعدة، حيث تبنى الطرفان مواقف صارمة قبل المحادثات التى تصر بريطانيا على ضرورة أن تنتهى بنهاية العام، وقالت بريطانيا إنها ستطيع القواعد الأوروبية خلال هذا الوقت كجزء من فترة انتقالية.
ولم يوافق الاتحاد الأوروبى بعد على تفويض للمحادثات التجارية مع بريطانيا. وأحد المطالب الرئيسة هو ملعب متكافى لضمان ألا تقوض بريطانيا جيرانها فى القارة بتبنى بيئة أو معايير عمالية أضعف أو تقديم إعانات للشركات الحكومية.
من جانبها قالت صحيفة الجارديان إنه فى حين أن تمرير مشروع قانون الانسحاب الذى يضع اتفاقية البريكست فى شكل قانون قد أصبح أمرًا رسميًا بعد فوز جونسون بأغلبية كبيرة فى الانتخابات الأخيرة، إلا أنه يمثل لحظة رمزية، بعد أن تم رفض خطة رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى ثلاث مرات من قبل البرلمان.