ترأس الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً اليوم الأحد، لمناقشة واستعراض خطة تطوير وتحديث المؤسسات الصحفية القومية، وذلك بحضور الدكتور محمد معيط، وزير المالية، وأسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، وكرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والدكتور أحمد كمالى، نائب وزير التخطيط لشئون التخطيط، ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية ورؤساء التحرير.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع بالإشارة إلى أن الحكومة طلبت أكثر من مرة وضع خطة عمل واضحة؛ للتعامل مع التحديات التى تواجه المؤسسات الصحفية القومية، وهناك توجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسى، بمتابعة هذا الملف، لافتاً إلى أنه تم عقد عدة جلسات مع الوزراء المعنيين، بهدف تطوير تلك المؤسسات، تواكباً مع الثورة الرقمية التى يشهدها العالم، والتطورات التكنولوجية الواسعة فى هذا الملف؛ كما أكد رئيس الوزراء، على ضرورة مراعاة ترشيد وحوكمة الإنفاق فى جميع المؤسسات الصحفية القومية.
وخلال الاجتماع، قدم كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، عرضاً حول خطة تطوير وتحديث المؤسسات الصحفية القومية، مشيراً إلى أنها تتضمن محورين رئيسيين، الاول يتعلق بالرقمنة والثورة التكنولوجية، وذلك سعياً لتحديث المؤسسات الصحفية القومية واللحاق بالثورة التكنولوجية الرابعة، وإعادة تأهيل تلك المؤسسات لمسايرة هذه الثورة التكنولوجية، هذا إلى جانب التركيز على زيادة التفاعل مع "السوشيال ميديا"، وصولاً لاستعادة دور الإعلام فى تشكيل الرأى العام.
ونوه رئيس الهيئة الوطنية للصحافة فى هذا الصدد إلى أنه تم بالفعل البدء فى تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال إنشاء بوابة الكترونية لمؤسسة الاهرام، سيتبعها باقى المؤسسات، وأوضح رئيس الهيئة الوطنية للصحافة أن خطة التطوير تتضمن ايضاً تنظيم سلسلة دورات تدريبية للكوادر الصحفية والإعلامية بالاشتراك بين الهيئة ووزارتى الاتصالات والقوى العاملة والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة والجامعات المصرية، لصقل مهاراتهم فى المجال التكنولوجى والرقمى، هذا بالإضافة إلى العمل على تفعيل نظام الإعلانات الرقمية بنماذجها التكنولوجية الحديثة والاعلانات التفاعلية والمتحركة، ودراسة تسويق كنوز المؤسسات الصحفية القومية(الصور النادرة – الوثائق – الأحداث التاريخية – مقالات كبار الكتاب)، مؤكداً على أن الهدف من التطوير والرقمنة هو السعى للتفاعل المباشر مع وسائل التواصل الاجتماعى، وإنشاء اقسام داخل كل بوابة تتفاعل مباشرة مع القطاعات المؤثرة فى "السوشيال ميديا"، والعمل على تقديم حل لمشاكل الجماهير وتقديم خدمات متنوعة.
وفيما يتعلق بالمحور الثانى لخطة تطوير وتحديث المؤسسات الصحفية القومية، نوه رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، إلى أنه يتعلق بإعادة الهيكلة والإصلاح المالى والإدارى لتلك المؤسسات، وذلك من خلال الحصر الشامل للأصول وتحديد الأعباء والالتزامات المحملة بها وتقديم مقترحات لحسن استثمارها، مع اقتراح بإنشاء مشروعات مشتركة بين المؤسسات ولكل مؤسسة على حدة، وكذا اقتراح إنشاء صندوق لتمويل مشروعات المؤسسات الصحفية يكون رأس ماله من خلال طرح بعض الأصول المملوكة للمؤسسات واستثمارها فى المشروعات المقترحة، على أن يكون الصندوق برئاسة الهيئة وعضوية رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية، كما تضمن هذا المحور دراسة لملف حصر الديون بمختلف أنواعها وتقديم مقترحات لإعادة جدولتها وطرق سدادها.
وتناول الاجتماع، المقترحات الخاصة بخطة استثمار أصول المؤسسات الصحفية القومية، بما يعود بالفائدة على كل مؤسسة ويرفع عن كاهل الدولة استمرار دعمها لتلك المؤسسات.
وأوضح رئيس الهيئة الوطنية للصحافة أن الهيئة قامت بإعداد تلك الدراسة المتكاملة عن تطوير وتحديث المؤسسات الصحافية، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية، وفى مقدمتها وزارات التخطيط وقطاع الأعمال والمالية والاستثمار والتضامن الاجتماعى، وكذلك الأجهزة الرقابية والخبراء المختصين، وخلُصت هذه الدراسة إلى مجموعة من التوصيات منها البدء فى استثمار أصول المؤسسات الصحفية القومية استثماراً رشيداً يدر عائداً يسمح لها بتحمل أعبائها ويوازن بين الإيرادات والنفقات (وفقا للخطة التى وضعتها الهيئة)، وتحديد الأصول التى يتم بيعها سواء للاستثمار أو سداد الديون، والفصل بين منصبى الإدارة والتحرير، وكذا المراقبة الدورية الجادة للمؤسسات فيما يتعلق بزيادة الإيرادات وتقليل النفقات وتراجع الفجوة التمويلية، بالإضافة إلى ما يتعلق بالخطوات التنفيذية فى استثمار الأصول غير المستغلة بعد إقرارها.
وأضاف، جبر، أن التوصيات تتضمن أيضاً دراسة الأنشطة الخاسرة فى المؤسسات بما فى ذلك الإصدارات ومقترحات مجالس الإدارة لعلاج تلك الخسائر، وفقاً لجدول زمنى مدته ستة أشهر يتم بعدها اتخاذ القرار بشأنها، مع قيام الهيئة بإصدار نماذج إرشادية للوائح المالية والإدارية يتم فى ضوئها إقرار لوائح كل مؤسسة، والعمل على حسن اختيار رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير، بناء على معايير الأداء التى تحققت بالنسبة لشاغلى المناصب الآن، ووضع شروط موضوعية لمن يتم تعيينهم لأول مرة، إلى جانب تفعيل أدوات الشفافية والمحاسبة ونشر الميزانيات فى موعدها والانضباط المالى والإدارى، ومحاسبة القيادات أولاً بأول عما يحدث من أخطاء، مع الأخذ بأسباب الثورة الرقمية، وتدعيم مشروع الهيئة لرقمنة المؤسسات الصحفية الذى بدأ تنفيذه فى مؤسسة الأهرام، هذا إلى جانب دراسة ملف الديون والاقتراحات الخاصة بجدولتها، بما يُمكّن المؤسسات من الوفاء باحتياجاتها، وتحديد الأصول التى يتم التنازل عنها كجزء من سداد الديون، والاتفاق على جدولة الديون المتبقية.
وتناول رئيس الهيئة الوطنية للصحافة التوصيات التى توصلت اليها دراسة التطوير، قائلاً: أنها تتضمن ايضاً إنشاء شركات متخصصة أو قابضة فى التوزيع والطباعة والإعلان، تمارس أنشطة مستقلة عن المؤسسات، وتخفف الأعباء عنها، كما أكدت التوصيات على أهمية البدء فى تنفيذ خطة الإصلاح فور إعادة تشكيل الجمعيات العمومية ومجالس الإدارة والتحرير فهى المخولة بإصدار القرارات، بحيث يتسلم كل منهم الخطة المتفق عليها، ويقدم تقريراً ببدء تنفيذها.
وفى ختام عرضه، أشار كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، إلى أنه فى حال الموافقة على الخطة المعروضة، سيتم البدء على الفور فى التنفيذ، وستكون هناك برامج زمنية محددة لتنفيذها.
بدورهم، قدم رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية عرضاً عن التحديات التى تواجه مؤسساتهم خلال المرحلة الحالية، والتى كانت سبباً فى وجود فجوة تمويلية، مشيرين إلى الجهود التى يقومون بها من أجل الإصلاح والتطوير المطلوب.
من جانبه، قال وزير المالية: نحن حريصون على استمرار المؤسسات الصحفية القومية فى القيام بدورها المهم فى هذه المرحلة، مشيراً إلى ضرورة مواكبة مفردات العصر فى هذا القطاع، والعمل بصورة تكاملية بهدف الوصول للتطوير المنشود، مع ضرورة العمل على تطبيق ما يمكن تسميته بفاعلية الإنفاق والاستثمار الأمثل لإمكانات كل مؤسسة صحفية، خاصة أن موازنة الدولة لم تعد تحتمل تقديم دعم لكل هذه الجهات، ومن ثم يجب الاسراع بالتطوير المطلوب.
من ناحيته، أكد وزير الإعلام على ضرورة مواكبة التطور التكنولوجى والمتغيرات الحالية، مشيراً إلى ضرورة اتباع أساليب الإدارة الجيدة للمؤسسات الصحفية القومية، وأن تقوم الجمعية العمومية بإجراء تقييم لأداء كل مجالس الإدارات، مشدداً على أن أى عمليات إصلاح تجرى فى أى مؤسسة بالعالم تحتاج إلى شجاعة فى اتخاذ القرار المناسب، وأنه لاشك فى أن أى إصلاح دائماً ما يقابله مقاومة من جانب البعض؛ ولذا يجب أن تكون لدينا الشجاعة الكافية للمواجهة.
وأشار وزير الإعلام إلى أن الحكومة ستساند هذه المؤسسات، ولكن يجب على الفور أن تُشكل الجمعيات العمومية ومجالس الإدارات، وأن يكون هناك تقييما ومحاسبة على الأداء، مع ضرورة الاستفادة من إمكانات كل مؤسسة، والتكامل فيما بينها.
من جانبه، طرح الدكتور أحمد كمالى، نائب وزيرة التخطيط تصوّرا يتضمن قيام صندوق مصر السيادى بالتعاون مع المؤسسات القومية لتعظيم الفائدة من الأصول التى تمتلكها هذه المؤسسات.
وكلف رئيس الوزراء خلال الاجتماع، بالبدء فى تنفيذ خطة الإصلاح والتطوير على الفور، ببرنامج زمنى محدد، مع ضرورة العمل على ترشيد وحوكمة الإنفاق، مطالباً بأن يتم البدء فى تنفيذ الحلول المقترحة بشجاعة محذراً من استمرار الوضع على ما هو عليه، مضيفاً: أنه لولا القرارات الحاسمة والشُجاعة التى اتخذها الرئيس السيسى بهدف الإصلاح الاقتصادى ما كان أحد يتخيل ما سيحدث لهذا البلد، لذا عليكم أنتم كمسئولى المؤسسات الصحفية القومية أن تتخذوا قرارات شُجاعة، دون نظر لأى اعتبارات أخرى.
وتم الاتفاق خلال الاجتماع على عدم فتح باب التعيين فى أى مؤسسة صحفية قومية، ومنع التعاقدات، وكذا منع المد فوق سن المعاش، إلا فى حالات الضرورة القصوى، لكبار الكتاب فقط، وأن يتم التنسيق فى ذلك مع الهيئة الوطنية للصحافة، هذا بالإضافة إلى العمل على تسوية مديونيات هذه المؤسسات باستغلال عدد من الأصول غير المستغلة التى تمتلكها هذه الصحف، وكذا دراسة موقف كل الاصدارات واتخاذ موقف حاسم بشأنها.
وجدد رئيس الوزراء التأكيد على استمرار مساندة الدولة للمؤسسات الصحفية القومية، شريطة استمرار تلك المؤسسات فى تحقيق الغرض من إنشائها، والمتمثل فى المساهمة فى زيادة التنوير والتوعية وتشكيل الفكر والوعى الصحيح، مع غرس الانتماء لدى المواطنين، من خلال زيادة قوة التأثير فى المجتمع عبر إصدارتها المختلفة، مشدداً على استمرار التنسيق والتعاون بين وزارة الدولة للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة لتنفيذ خطة تطوير وإصلاح المؤسسات الصحفية القومية، وصولاً للنهوض بها.