استقالة غسان سلامة، المبعوث الأممى في ليبيا تثير علامات استفهام كثيرة حول مصير الجهود الأممية لحل الأزمة الليبية خاصة في ظل تعمد حكومة الوفاق التي يتزعمها فايز السراج على خرق أي قرارات دولية تستهدف وقف إطلاق النار، حيث أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، بشكل مفاجئ استقالته من منصبه لدواعٍ صحية، تاركاً الأزمة الليبية معلّقة، ومخلّفاً وراءه تساؤلات عديدة حول الدوافع الحقيقية لانسحابه من الملف الليبي وتداعيات ذلك على مسار العملية السياسية في ليبيا.
موقع العربية، أشار إلى أن هناك دلالات حول توقيت الاستقالة، الذي يتزامن مع بدء المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية بين طرفي الصراع بالبلاد في جينف، وتدهور الوضع على الأرض، حيث تم تعيين غسان سلامة مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة إلى ليبيا في الـ16 من يونيو 2017 خلفاً للألماني، مارتن كوبلر، لكن جهوده في إرساء السلام لم تنجح في هذا البلد الذي لا يزال يعاني فوضى وانتشار للجماعات الإرهابية .
وأضاف موقع العربية، أنه بعد قرابة 3 سنوات في المنصب، قرر سلامة إنهاء المسيرة، وكتب استقالته في تغريدة على "تويتر"، حيث بعيدا عن هذا السبب المعلن، اختلفت القراءات والتحليلات لدوافعها، حيث رأى رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة الذي وصف استقالة سلامة بالخسارة لليبيا، أن المبعوث الأممي سئم مناورات أطراف الأزمة السياسية، وبالتحديد حكومة السراج التي تسعى جاهدة لإجهاض وإفشال جميع المسارات السياسية التي تمخضت عن مؤتمر برلين ونسف جميع أشكال الحل السياسي أو الحلول التوفيقية من خلال شروطها التعجيزية المسبقة، للدخول في المفاوضات السياسية والاقتصادية والعسكرية الأخيرة.
أشار إلى أن بعض الأطراف السياسية وعلى رأسها المليشيات الإرهابية المسلحة سعت لإفشال مهمة غسان سلامة، من أجل إطالة الأزمة، لأنها تعلم أنّه في انتهاء الأزمة انتهاء لوجودهم، مؤكدا أن أزمة ليبيا ليست في مبعوثي الأمم المتحدة، وإنما في سياسييها وفي كل مؤسساتها".
إلى ذلك أعربت وزارة الخارجية الفرنسية، عن أسفها لإنهاء المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، مهمته، منوهة بالجهود التي بذلها من أجل جمع الفرقاء الليبيين، وبحسب وكالة سبوتنيك الروسية، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، آنييس فون دير مول، إن فرنسا علمت بأسف باستقالة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا.
وأثنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، على جهود المبعوث الأممي غسان سلامة، من أجل التوصل لوقف لإطلاق النار وإطلاق الحوار السياسي بين الأفرقاء الليبيين تحت راية الأمم المتحدة، لافتة إلى أن غسان سلامة أدى مهمته بكل كفاءة وعن قناعة منذ شهر يونيو عام 2017".
وعبرت الخارجية الفرنسية عن أملها في أن تُستكمل الدينامية التي بدأها غسان سلامة، داعيةً كل الأفرقاء للعمل لصالح "التوصل لوقف لإطلاق النار والسيطرة على الموارد وحسن إدارتها وبدء حوار سياسي تمثيلي وجامع"، مؤكدة دعم باريس لجهود الأمين العام للأمم المتحدة لحل الأزمة في ليبيا.
من جانبه أكد الدكتور طه على، الباحث السياسى، أن حكومة الوفاق التي يتزعمها فايز السراج تدرك ضعف موقفها وأنها على وشك السقوط لذا فإنها تعول على الدعم التركي المطلق لها حيث يوظفها أردوغان لخدمة مشروعه الإقليمي وبالتالي فإن تلك الحكومة التي تدعم المليشيات الإرهابية في ليبيا لا تمتلك سلطة تقرير مصيرها أو سلطة اتخاذ موقف من القرارات الأممية بشكل مستقل عن رغبات وطموحات الرئيس التركي.
وقال طه على، لـ"انفراد"، إن المحطة الليبية هي أخر محطات مشروع أردوغان الإقليمي بعد أن انكسر في مصر خلال ثورة 30 يونيو 2013 وفي السودان مع سقوط نظام البشير، وكذلك الرفض التونسي والجزائري لدعمه إقليميا، لذا فإن موقعه في ليبيا تبدو مصيرية بالنسبة لمشروعه في المنطقة، لذلك يضغط أردوغان على حكومة الوفاق من أجل عدم الالتزام بأى قرارات أممية خاصة بوقف إطلاق النار في طرابلس.
وأشار الباحث الإسلامي، إلى أنه من غير المتوقع أن يستسلم أردوغان قريبا لأن سقوطه في ليبيا تعني سقوطه في الداخل أيضا حيث يراهن على استغلال ثروات المنطقة لصالح دعم مخططه لحكم تركيا مدى الحياة، متابعا: أما حكومة الوفاق فمن غير المتوقع أن تكون صاحبة كلمة في هذه المعادلة سوى أنها الذريعة التي يتمسك بها أردوغان لإضفاء الشرعية الإقليمية على مشروعه.