"عمال التراحيل" أو ما يطلق عليهم "الفواعلية" فئة تجسد معاناة يومية للعامل المصرى البسيط الذى يبحث عن قوت يومه بالنحت فى الصخر، إلا أن تلك الفئة لا تلتفت إليها الحكومة رغم حجم المعاناة والمصاعب التى يتعرضون لها فلم يكن لها تأمين صحى يتم علاجهم من خلاله أو حتى مصدر رزق منتظم فهم يندرجون تحت مسمى العمالة غير المنتظمة.
عمال اليومية تركوا أسرهم وذويهم وبلدهم للبحث عن لقمة العيش على أرصفة ميادين القاهرة، فدائمًا ما تفترش تلك الفئة الرصيف والطرقات والميادين العامة لا يملكون سوى أدواتهم البسيطة من فأس وأزميل وبلطة وشاكوش وغيرها من الأدوات التى تعينهم على أداء عملهم، ليجلسوا على الأرصفة بالساعات رافعين شعار "احنا فواعلية بس صنايعية".
"انفراد" حاول قبل احتفالية عيد العمال رصد معاناة تلك الفئة المهمشة التى عكست ملامح وجوههم صلابة المواطن المصرى البسيط، وذلك من خلال لقاء عدد من عمال التراحيل فى أحد الميادين، وبالتحديد ميدان المطرية والذى يفترش أرصفته العمال منذ الصباح للبحث عن قوت يومهم.
وليد الصعيدى كما يلقبه رفاقه من عمال التراحيل شاب يبلغ من العمر 25 عاما من محافظة أسيوط، ترك بلدته وطفليه ليفترش رصيف ميدان المطرية ليبحث عن لقمة العيش، حيث قال لـ"انفراد" إنه ترك بلده وطفليه للبحث عن لقمة العيش، مضيفا "بلدنا صغيرة ومفيش شغل فجيت قاعد على الرصيف والأرزاق على الله".
وأضاف "وليد" أنه يفترش الرصيف من السابعة صباحا حتى أذان المغرب على الله، بطلع رمل وزلط وبشيل أى حاجة، قائلا "عاوز اشتغل وآكل عيش بالحلال عشان عيالى"، لافتا إلى أنه يعود لبلدته كل 20 يوما أو شهر لكى يرى طفليه ويقوم بشراء مستلزماتهم وما يحتاجونه.
وتابع أحد العمال قائلا "قبل 25 يناير الشرطة كانت بتبهدلنا ويشغلونا فى القسم ببلاش وبعد الثورة الحمد لله محدش بيأذينا ولا فى إهانة ولا حاجة"، مضيفا "نفسى أتوظف وألاقى مصدر رزق ثابت وأرجع البلد عشان تعبت من الرميه دى بقى".
أما "م.خ" أحد عمال التراحيل فحاله لا يختلف كثيرا عن رفقائه فى تلك المهنة، فيبلغ من العمر 43 عاما ترك بلدته بأسيوط للبحث أيضا عن لقمة العيش، قائلا لـ"انفراد" شغال هنا بقالى 20 سنة ومحدش حاسس بينا وعندى 6 عيال"، مضيفا "جيت هنا عشان مفيش شغل فى الصعيد هلكانة".
وأضاف أنه يسكن مع رفقائه من نفس المهنة الـ10 أوضة فى المطرية بـ3 جنيهات فى اليوم، قائلا "نفسى الناس تبصلنا بعين الرحمة والشفقة بس مش بيحس بالهم غير اللى عايش فيه"، لافتا إلى أنه منهم من يتعرض لمرض نفسى، "الواحد لما بيتعب مبيقدرش يكشف عشان مش معاه فلوس".
وعن سبب اختيار تلك المهنة وترك بلده قال محمد مصطفى 23 سنة من الفيوم "أنا لقيت شغل تانى ومشتغلتش بقالى 5 سنين فيها والظروف هيا السبب عشا بجرى على أخواتى وقاعد فى أوضة"، مضيفًا "معناش فلوس نجيب لحمة وعايشين على الفول والعيش".
وأضاف محمد قائلا "الناس بتخرج تروح شغلها الصبح وترجع تلاقينا قاعدين على الرصيف زى ما احنا"، قائلا "نفسى أجلس مع الرئيس واحكيله احنا قد إيه تعبانين"، فرد أحد العمال المتواجدين قائلا "أنت هتوصلوا إزاى أصلا".