يتنسم المسلمون نسمات إيمانية فى شهر رمضان كل عام، حيث يعد أكبر وأطول موسما إسلاميا يحرصون خلاله على التقرب إلى الله بتلاوة القرآن، وأداء الصلوات فى وقتها، ولصلاة الجمعة مكانة خاصة، وتزداد هذه المكان والحرص على أدائها فى شهر رمضان.
وبعد تعليق دول العالم لصلوات الجماعة يرى البعض أن صلاة الظهر فى يوم الجمعة هى نفس حكم صلاة الجمعة كونها البديل كشعيرة تؤدى فى المنازل تلافيا للإصابة بفيروس كورونا الوبائى الذى تواجهه دول العالم لخطورته.
الدكتور عبد الفتاح خضر عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أكد أن صلاة الجمعة باتت معلقة حتى يزول البلاء وفى كل دول العالم، وباتت أحكام الجمعة معلقة، وذلك بتوقفها وتوقف الخطب وتجمع المسلمين للاستماع للخطيب وأداء الصلاة جماعة.
وقال الدكتور عبد الفتاح خضر، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، لـ"انفراد": "إذا تركت الجمعة وتم تعليقها فقد أصبحت صلاة ظهر، والآن جميعنا ملتزمون بأداء الظهر يوم الجمعة كسائر الأيام ببيوتنا لتلافى الوباء، وحفاظا على النفس البشرية كأمر دينى ووقائى وعليه فإن أحكام صلاة الجمعة باتت معلقة لحين عودتها".
وأضاف الدكتور عبد الفتاح خضر أن ظهر الجمعة ظهر عادى حكمه هو حكم صلاة الظهر وليس حكم الجمعة، وعلى من فاته القضاء فهو فرض واجب كصلاة ظهر.
وقال الداعية محمد الزغبى: "من ترك ظهر الجمعة فإنه يقضيها ظهرا، فمن القواعد المعروفة عند العلماء أن "القضاء يحكى الأداء"، وبما أن الواجب أداؤه يوم الجمعة فى ظل كورونا هو الظهر لا الجمعة لوجود العذر؛ فيكون القضاء حينئذ للظهر لا للجمعة، لأن الظهر هو فرض الوقت أداء، ولذا فهو الفرض قضاء.
وعن حكم من فاته ظهر الجمعة قال "الزغبى" لـ"انفراد": لا يخلو عن حالين: الحال الأول: أن تفوته لعذر، كمرض وسفر، وعمل ملح ضرورى، ونحو ذلك: فهو معذور غير مأزور، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك"، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، كما أن الحكم فى الحال الثاني: من فاتته الصلاة بغير عذر؛ فهذا آثم شرعا، وعليه القضاء، لقوله تعالى: "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا".
ونصح الداعية محمد الزغبى قائلا: من يعلم من نفسه عدم تمكنه من صلاة ظهر الجمعة إلا بعد خروج وقته لظروف صحية أو لسفر أو لعمل، كمن يتطلب عمله الحضور الدائم كالطبيب وقت إجراء بعض الجراحات أو العمليات ونحو ذلك، فهؤلاء يجوز لهم جمع الظهر مع العصر جمع تقديم أو جمع تأخير، واختيار الأرفق بهم ولهم، لأن الخلاف عند العلماء إنما هو فى جمع الجمعة مع العصر، لا فى جمع الظهر مع العصر، والله أعلم.
من جانبها علقت دار الإفتاء المصرية على تعليق صلاة الجمعة، فى تصريحات سابقة أكدت خلالها أن صلاة الجمعة القادمة لا تنعقد فى المنزل، لكنها ستصلى ظهرا من غير خطبة جمعة، قائلة: "صلاة الجمعة لا تنعقد فى المنزل، والجمعة القادمة ستصلى ظهرًا بالمنازل من غير خطبة جمعة كصلاة الظهر".
يشار إلى أن وزارة الأوقاف، كانت أصدرت قرارا بوقف إقامة صلاة الجمع والجماعات، وغلق جميع المساجد وملحقاتها وجميع الزوايا والمصليات أمس السبت لمدة أسبوعين، والاكتفاء برفع الأذان فى المساجد دون الزوايا والمصليات، بصيغة جديدة.
وكانت قد قالت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الدليل على مشروعيَّة تعطيل صلاة الجمعة والجماعات وإيقافهما؛ تلافيًا لانتشار الوباء: ما روى فى الصحيحين: "أن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قال لِمُؤَذِّنِهِ فِى يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَلاَ تَقُلْ حَى عَلَى الصَّلاَةِ، قُلْ: صَلُّوا فِى بُيُوتِكُمْ، فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، قَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّى كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ، فَتَمْشُونَ فِى الطِّينِ وَالدَّحَضِ".
فقد دل الحديث على الأمر بترك الجماعات تفاديًا للمشقة الحاصلة بسبب المطر، ولا شك أن خطر الفيروس أعظم من مشقَّة الذهاب للصلاة مع المطر، فالترخُّص بترك صلاة الجمعة فى المساجد عند حلول الوباء، ووقوعه أمر شرعى ومُسلَّم به عقلًا وفقهًا، والبديل الشرعى عنها أربع ركعات ظهرًا فى البيوت.