فتوى تلو الأخرى، تثير حالة من الجدل، تواجه انتقادات شديدة من مشايخ فى الأزهر الشريف، ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية، يعتبرها البعض هى والعدم سواء، بينما يستفسر آخرون عن حجة من أصدروها.
هذه هو الحال على الفتاوى التى تصدر من مشايخ التيار السلفى، وعلى رأسهم الدعوة السلفية، ومن آخرها عدم تهنئة الأقباط بأعيادهم، وتحريم المشاركة فى احتفالات بأعياد القيامة، وتحريم أيضا الغناء والموسيقى، وتحريم أكل الرنجة والفسيخ والملوحة أيام الاحتفالات بشم النسيم.
دائما وأبدا تناقش فتاوى السلفيين مع مشايخ فى الأزهر وباقى المؤسسات الدينية لمعرفة الآراء الشرعية الصحيحة، ولكننا فى هذه المرة حاولنا مناقشتها مع أطباء نفسيون وأساتذة علم نفس ليحللون ويجيبون على سؤال: "هل النواحى النفسية لبعض المشايخ تكون سببا فى اصدار فتاوى متشددة".
بدوره وصف الدكتور أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسى بجامعة الزقازيق، الفتاوى التى تصدر عن مشايخ التيار الإسلامى بأنها تصدر من أناس لديهم ضيق فى الأفق والمعرفة وليس لديهم أى مرونة.
وأضاف "عبد الله" فى تصريحات لـ"انفراد": "المجتمع المصرى علاقته بالدين متواضعة وأيضا لدى المجتمع تواضع فى المعرفة، وبعض الفئات فى المجتمع تذهب إلى المؤسسات الدينية كالأزهر الشريف ودار الإفتاء لتتعرف على المسائل الدينية والآراء الشرعية، ولكن هناك آخرون يظنون أن ما يصدر عن الأزهر الشريف ودار الإفتاء ليس الدين الصحيح ولذلك يتجهوا نحو مشايخ التيار السلفى أو الإسلامى عامة".
وقال: "هؤلاء المشايخ يوهمون أتباعهم أنهم يمتلكون الدين الصحيح الخالى من أى شوائب"، مضيفا: "يصدر هؤلاء المشايخ فتوى مخالفة لما هو متعارف عليه ولذلك تشتهر فتاواهم وتعرف لديهم الجميع".
وأشار "عبد الله" إلى أن هؤلاء يصدرون فتاوى تحرم الموسيقى نظرا لأنهم ليس لديهم دراية بأنواع الموسيقى ولا يعرفون إلا الفن الهابط، مؤكدا أن فتاواهم المتشدد تصدر نتيجة عن ضيق فى الأفق وضيق فى المعرفة ونقل التراث الإسلامى عن طريقة "القص واللصق" فضلا عن أنهم ليس لديهم أى مرونة".
وأوضح أن هؤلاء لديهم تصور نفسى أنه سيصلحون حال المجتمع بالدين الذى بداخلهم، مشيرا إلى أنهم يتبعون قاعدة خالف تعرف.
ومن جانبها قالت الدكتورة هبة عيسوى، استاذ الطب النفسى جامعة عين شمس، أن فتاوى التشدد التى تحتوى على تحريم للاحتفال بأعياد ومناسبات هو نوع من محاولات اثبات السيطرة، حيث أن هذه الفتاوى هى رسائل للأنصار بأنها لا تسمع كلام أحد غيرى واتبعونى، رغم أنهم لا يكونوا أهل تخصص فى الفتاوى.
وأضافت استاذ الطب النفسى جامعة عين شمس، لـ"انفراد" أن الشخصيات التى تصدر تلك الفتاوى المتشددة هدفهم إثارة البلبلة وإعطاء روح الاختلاف والانقسام بدلا من التوحد، فكثرة الفتاوى حول شئ معين أو قضية محددة تزيد من الانقسام وهو ما يدفع به هؤلاء لزيارة روح الانقسام فى المجتمع.
ومن ناحيته الدكتور سعيد عبد العظيم أستاذ علم النفس، أن أصحاب فتاوى التحريم للمناسبات والأعياد هم أصحاب فكر محدود، حيث لا يتعاملون مع المعانى المجردة، ولا يفهمون ما وراء لكلمات مما يجعلهم يصدرون فتاوى متشددة لا علاقة لها بالدين الإسلامى.
وأضاف"انفراد" أن فتاوى الشيوخ المتشددة تشبه فكر الأطفال الذين لا يستطيع فهم ما وراء الكلمات، مما يجعل البعض يعتبر احتفال الفراعنة بمناسبات مثل شم النسيم وعروس النيل بأنها من الكفر والوثن.
ووصف هذا الفكر بالمنحدر والمتخلف والذى ينبع من طبيعة مجتمعية لا تسعى للتفكير أو تطوير المجتمع، لافتا إلى أن هذه الفتاوى تساهم فى محدودية فكر الشباب وعدم التفكير خارج الصندوق.