وقف الرئيس جمال عبدالناصر أمام 1500 عضو هم أعضاء المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية ليلقى عليهم وثيقة «الميثاق الوطنى» يوم 21 مايو، مثل هذا اليوم، 1962، فى القاعة الكبرى لجامعة القاهرة.
كانت وثيقة «الميثاق الوطنى»: أول دليل عمل مكتوب تستند إليه الفئة الحاكمة فى توضيح موقفها السياسى والاجتماعى والمناقشات التى دارت حوله كانت مطلقة السراح، وفقا لتأكيد أحمد حمروش فى كتابه «23 يوليو، مجتمع جمال عبدالناصر»، مؤكدا أن المشاركين تم انتخابهم، وتمت هذه الانتخابات على مراحل تبعا للفئات المختلفة، وبدأت يوم 5 فبراير 1962، وانتهت فى نفس الشهر يوم 24، وأسفرت على تشكيل المؤتمر على النحو التالى:” 1500 منهم 379 يمثلون الفلاحين، 310 يمثلون العمال، 150 من الرأسمالية الوطنية، 293 من النقابات المهنية، 135 موظفا، 23 سيدة، 105 من أساتذة الجامعات، 105 طلاب من القسم الثانوى والجامعات يضاف إليهم أعضاء اللجنة التحضيرية.
يسجل «حمروش» ملاحظة هى، أن أنور السادات كان يجلس على يمين جمال عبد الناصر باعتباره أمينا عاما للمؤتمر، وكان كمال الدين حسين على يساره، وكان تولى السادات لهذا المنصب إيذانا بانتهاء دور كمال الدين حسين فى التنظيم السياسى.
يذكر سامى شرف مدير مكتب جمال عبدالناصر فى الكتاب الثالث من مذكراته «سنوات وأيام مع جمال عبدالناصر»، أن ميثاق العمل الوطنى الذى أعلنه الرئيس جمال عبد الناصر كان دليل عمل لمرحلة جديدة من العمل السياسى، بتشكيل الاتحاد الاشتراكى العربى وإجراء انتخابات عامة لمجلس الأمة، ووضع الدستور الدائم سنة 1964»، يؤكد: وأوضح الرئيس عبد الناصر تفصيلا كل الخطوات والطريق للوصول إلى تحقيق أهداف المرحلة، ورسم صورة المجتمع الجديد وحدد المفاهيم والقيم والمعايير، ودور قوى الشعب العامل التى سيجرى على العمل على أساسها، من أجل الوصول إلى هذا المجتمع الجديد، وكان فى مقدمتها قضايا الحرية والاشتراكية والوحدة.
يوضح شرف: ميثاق العمل الوطنى شمل عشرة أبواب وهى، فى ضرورة الثورة، جذور النضال المصرى، درس النكسة، عن الديمقراطية السليمة، فى حتمية الحل الاشتراكى، الإنتاج والمجتمع، مع التطبيق الاشتراكى ومشاكله، الوحدة العربية، السياسة الخارجية».
وعن الديمقراطية السليمة فى الباب الخامس، يذكر شرف، أن الرئيس حدد الأسس التالية، أولا: إن الديمقراطية السياسية لا يمكن أن تنفصل عن الديمقراطية الاجتماعية، ولا تتحقق الديمقراطية الاجتماعية إلا بتحرير الفرد من الاستغلال، وإتاحة الفرصة المتكافئة وتخليصه من كل قلق على مستقبله.. ثانيا: الديمقراطية السياسية لا يمكن أن تتحقق فى ظل سيطرة طبقة من الطبقات، وإنما تتحقق الديمقراطية بسلطة مجموع الشعب وسيادته، ولابد أن يسقط تحالف الرجعية والرأسمالية المستغلة، ولابد أن يحل محله التفاعل بين قوى الشعب العاملة، الفلاحين والعمال والجنود، والمثقفين والرأسمالية الوطنية غير المستغلة.
ثالثا: وحدة هذه القوى تصنع الاتحاد الاشتراكى العربى الذى يصبح السلطة الممثلة للشعب، والدافعة لإمكانيات الثورة، والحارسة على قيم الديمقراطية السليمة، وفى هذا الصدد، فإن هناك أربعة أسس لابد من قيامها فى الاتحاد الاشتراكى العربى هى، أن يكون للفلاحين والعمال نصف المقاعد فى كل المجالس الشعبية بما فيها المجلس النيابى، وذلك باعتبارهم الأغلبية التى طال حرمانها، سلطة المجالس الشعبية يجب أن تتأكد فوق سلطة أجهزة الدولة التنفيذية، خلق جهاز سياسى جديد داخل الاتحاد الاشتراكى العربى يجذب العناصر الصالحة للقيادة وينظم جهودها ونشاطها، جماعية القيادة لتكون عاصما من جموح الفرد، وتأكيدا للديمقراطية على أعلى المستويات وتجديد القيادة باستمرار.
رابعا: تدعيم قوى الجمعيات التعاونية الزراعية ونقابات العمال، خامسا: حرية النقد والنقد الذاتى وحرية الصحافة بعد تخليصها من قوانين الرجعية ومن سيطرة رأس المال، سادسا: توفير ما يلى: تعليم يُمكن الإنسان الفرد من القدرة على إعادة تشكيل الحياة، وقانون يساير الديمقراطية السلمية، ويعبر عنها، وعدل يصل إلى الفرد دون موانع مادية أو تعقيدات إدارية ولوائح، كانت كلها أو معظمها من وضع الطبقة الواحدة، وهذه يجب تغييرها لتخدم ديمقراطية الشعب
ألقى الرئيس خطابه مستعرضا وثيقة الميثاق، لكن كيف تم إنجازها؟، وما هى الخطوات التى تمت فى صياغتها؟، وهل كانت هناك مساهمات للمثقفين فيها؟.. غدا نواصل.