لم يكن يدرك أن وداعه لأمه هو الأخير، وأن طعامه الذى أعدته له فى المساء قبل خروجه هو الأخير، سارع لتنظيف التوك توك الخاص به واستقله ملوحا بيده لوالدته طالبا دعوتها بالستر والعودة سالما والتى طالما صاحبته لحمايته من الأشرار.
انطلق "مصطفى" باحثا عن لقمة عيشه باحثا عن مواطن يطلب توصيله، إلا أن القدر ساقه لزبائن الموت، العصابة التى قررت جمع قوت يومها بتلويث أيديهم بدماء الضحايا، استوقفوه وطلبوا منه توصيلهم، ثم غافلوه وسدد له أحدهم طعنة نافذه ببطنه وألقوا جسده على الأرض، ثم استولوا على التوك توك وفروا هاربين تاركينه خلفهم ينازع الموت حتى خارت قواه وانقطعت أنفاسه ليفارق الحياة.
والد المجنى عليه محمد إبراهيم "حارس عقار" بحدائق الأهرام، ورث مهنته عن أبيه، متزوج وله من الأبناء اثنين روى لـ"انفراد" تفاصيل مقتله فقال بداية: حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى كان السبب، ومنهم لله، خدوا منى أغلى ما أملك، كان نفسى يسرقوا التوك توك لكن ميقتلوش ابنى، كانوا سابوه ومكنتش هبلغ عنهم، المهم عندى مصطفى، لكن قدر الله وما شاء فعل، الله جاب الله خد، الله عليه العوض.
وأوضح والد القتيل: اشتريت توك توك من فترة عشان ولادى يشتغلوا عليه ويساعدونى فى الحياة، كان أحمد ابنى الكبير ومصطفى ابنى اللى أصغر منه بيشتغلوا عليه، ويوم الحادث خرج مصطفى بالتوك توج حوالى الساعة 6 مساءا، كان متعود يخرج كل يوم فى الوقت دا، ويرجع الساعة 12 بالليل، وفى اليوم دا إتأخر عن وقت رجوعه، اتصلت عليه 7 مرات، التليفون كان بيرن لكن مصطفى مش بيرد عليا، وفى المرة الثامنة، لاقيت صوت غريب بيرد عليا، وبيقولى أنت مين، رديت عليه وقولتله دا تليفون ابنى وأنت اللى مين، قال لى أنا ضابط مباحث بقسم شرطة الهرم، ولقينا ابنك مغمى عليه وتعالى بسرعة فى المنطقة "ج" بحدائق الأهرام.
وتابع: طلعت أجرى ومعايا مراتى وأولادى، ركبنا تاكسى، وروحنا للمكان، كان عندى أمل يكون زى ما الضابط، صاحى مش ميت، لكن أول ما وصلت لاقيت ضباط وناس كتير واقفين، وفيه عربية إسعاف، وأول ما قربت، لمحت ابنى مرمى على الأرض، والضباط قالوا لى البقاء لله وشد حيلك، لاقينا ابنك مقتول، ساعتها مكنتش عارف أعمل إيه، أعيط ولا أصرخ ولا أقطع هدومى، لكن ربنا ألهمنى الصبر، ونقلنا جثته لمستشفى الهرم، وعرفت من الضباط إن التوك توك اتسرق وأن اللى سرقه قتله، وبعد كام يوم اتصل بيا ضابط مباحث وقال لى تعالى، جبنالك حق ابنك، ولما رحت هناك لاقيت التوك توك مركون فى القسم، والضباط قالوا لى قبضنا على المتهمين اللى قتلوا ابنك، طلبت أشوفهم، لأسألهم ليه عملوا كدا، وليه قتلوه، لكن الضباط رفضوا يخلونى أقابلهم.
واختتم والد الضحية حديثه: منهم لله، وحسبى الله ونعم الوكيل، وأطالب أجهزة الأمن بسرعة إنهاء إجراءات الإفراج عن التوك توك حتى يستطيع ابنى "أحمد" العمل عليه ومساعدتى فى توفير نفقات أسرتى.
وبدورها قالت والدة المجنى عليه: مصطفى كان قبل ما يخرج للشغل، يسألنى عايزه حاجة منى قبل ما أمشى، وأنا كنت بادعى له، وأقول له تروح وتيجى بالسلامة، ربنا يوقف لك أولاد الحلال ويسهلك طريقك، وفى اليوم المشئوم ده، جهزت له الأكل، واتعشى وخرج، كان بيضحك ويهزر معايا زى العادة، وبالليل متأخر أبوه أتصل به فمردش، ولما عرفنا من الضابط إنه مغمى عليه، رحنا على هناك لاقيته على الأرض، حاولوا يمنعونى أقرب منه، لكن أنا أصريت وحضنته، كان نفسى يفضل فى حضنى على طول، ومنهم لله اللى قتلوه.
وأضافت والدة المجنى عليه :طلبى الوحيد هو إعدام اللى قتلوا "مصطفى"، نفسى أشوفهم متعلقين على حبل المشنقة، بعديه الدنيا مش مستاهله أعيشها، حسبى الله ونعم الوكيل.
كانت البداية بتلقى العميد درويش حسين رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة بالعثور على جثة شخص فى منطقة حدائق الأهرام، وبانتقال المقدم محمد أمين رئيس مباحث قسم الهرم عثر على جثة مصطفى محمد إبراهيم" سائق توك توك مصابة بطعنة نافذة فى البطن.
كشفت تحريات الرائد طارق مدحت معاون مباحث الهرم عن أن المجنى عليه أثناء قيادته توك توك استوقفه 4 أشخاص وطلبوا منه توصيلهم، وفى الطريق غافله أحدهم وطعنه بمطواة وألقوا جثته أرضا واستولوا على التوك توك وفروا هاربين.
توصلت التحريات إلى أن المتهمين هم كل من "سالم.ل" و"وليد.ع" و"شعبان.هـ" و"محمد.س" وبإعداد كمين تم القبض عليهم، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الجريمة وأرشدوا عن التوك توك، فتحرر لهم المحضر اللازم وبإحالتهم إلى النيابة أمرت بحبسهم على ذمة التحقيق.